الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

جنوب السودان: عندما يصبح الذهب الأسود «لعنة»

جنوب السودان: عندما يصبح الذهب الأسود «لعنة»
20 نوفمبر 2009 01:42
إنها قرية منحوسة تشبه مكب قمامة. ففي جنوب السودان يعيش سكان ريير، الذين نزحوا من بلدتهم ليفسحوا المجال أمام التنقيب عن النفط، وسط الآبار الملوثة ولكنهم على الرغم من ذلك لا يستفيدون من عائدات الذهب الأسود. عند مدخل القرية ، يمثل خزان مياه من الصلب أهم معلم لهذه البلدة التي يعيش فيها ألفا شخص نزحوا رغماً عنهم في أبريل 2006 . وتعلن لافتة كبيرة أن المكان يقام فيه “مشروع شركة النيل الأبيض للنفط” وهي فرع لمجموعة بتروناس الماليزية التي تملك حق استغلال حقول النفط في ثار جاث الواقعة على بعد بضعة كيلومترات من البلدة. وتغطي أكوام من القمامة الشارع الرئيسي الذي تقع على جانبيه محال صغيرة. وتستخدم البراميل القديمة المكتوب عليها العلامتان التجاريتان لشركة نفط النيل الأبيض أو “بتروناس” كصناديق للقمامة ولكن الأطفال يمرحون حولها على الرغم من روائح القمامة الممزوجة برائحة البلاستيك المحترق. وترتفع سحابة ضخمة من الدخان الأسود في الأفق لتغطي منشآت معالجة النفط الذي يستخرج من ثار جاث. وعانت هذه المنطقة طويلاً من الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب التي أوقعت 1,5 مليون قتيل بين أعوام 1983 و 2005 . فعلى هذا المحور الذي يقود إلى عمق الأراضي الجنوبية، وقعت معارك دامية انتهت بوصول القوات الحكومية إلى الحقول الغنية بالنفط في ولاية الوحدة. وكان الجنوبيون يسمون هذا المحور من قبل “طريق الموت” وصار الآن يستخدم لنقل الذهب الأسود إلى الشمال عن طريق خط أنابيب. انتهت الحرب ولكن بالنسبة لأهالي قرية ريير، فإن النفط لم يجلب لهم إلا البؤس و الأمراض. ويقول المسؤول عن القرية وليام مالوال “عندما أرغمنا على مغادرة منازلنا، أعطتنا الشركة الكثير من الوعود بإنشاء مدرسة ومستشفى و بإدخال مياه الشرب”. ويضيف الرجل الذي يضع كلاشينكوفاً على كتفه ويحمل رتبة نقيب في الجيش الشعبي لتحرير السودان (متمردون جنوبيون سابقون) “اليوم أصبحت الناس تصاب بأمراض لا نعرف سببها والماشية تنفق فجأة بسبب كل هذه المواد الكيماوية” المستخدمة في صناعة النفط. ويتابع “الكل يعاني من المياه الملوثة ولم نعد نستخدمها لا في الطبخ ولا في الاستحمام ولا حتي في غسل الملابس، فشرب هذه المياه يؤدي إلى الإصابة بالأمراض كما لو كان المرء يبتلع ملحاً”. وتقول منظمة “بأرقة أمل” غير الحكومية الألمانية إن المياه تضررت بسبب المواد الكيماوية المستخدمة في حفر الآبار ومعالجة النفط. غير أن مسؤولاً محلياً من شركة النيل الأبيض النفطية يؤكد أنه ليست هناك صلة بين تلوث المياه وعمليات استخراج النفط التي تقوم بها شركته. وفي شوارع “ريير الجديدة” المتسخة، تمضي النساء جزءاً كبيراً من يومهم في نقل المياه في حاويات بلاستيكية يضعنها على رؤوسهن من مستودعين للمياه العذبة يتم تغذيتهما بواسطة شاحنات تابعة لشركة النيل الأبيض للنفط. وتقوم الشركة بمعالجة مياه النيل بالكلورين قبل نقلها إلى هذين المستودعين ولكن السكان يقولون إن هذه الإمدادات من المياه غير منتظمة. أما آبار المياه القديمة فلم تعد تستخدم. ويقول مالوال “إننا نقرأ كثيراً عن توزيع الثروة النفطية ولكننا لم نر شيئاً من ذلك”. ويضيف “أن الحياة قبل النفط كانت أفضل”.
المصدر: ريير-السودان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©