الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سعر صرف «اليوان» الصيني وخيار أوباما «النووي»

20 نوفمبر 2009 23:10
دين بيكر المدير المشارك لمركز البحوث السياسية والاقتصادية كمرشح، قال "أوباما" إنه سيصر على ضرورة توقف الصين عن التلاعب بعملتها، لأن ذلك التلاعب يعد إجحافا بحقوق المصنعين الأميركيين؛ وكرئيس كان يمكن لأوباما أن يفي بهذا الوعد الذي قطعه على نفسه أثناء الحملة الانتخابية -قبل زيارته الأخيرة إلى الصين التي تمت خلال الأسبوع الماضي- ولكن الحقيقة هي أن التأثير على سعر اليوان الصيني أمر قد يكون سهلا من الناحية الكلامية، ولكن من المؤكد أنه صعب من الناحية العملية. لسنوات، ظل مسؤولو إدارة الرئيس السابق "جورج بوش"؛ يوجهون الاتهامات للصين، بأنها تتلاعب بعملتها من خلال إبقاء قيمة اليوان منخفضة مقابل الدولار، دون أن يحققوا نجاحا يذكر في إثناء الصين عن هذه الممارسة؛ من المعروف أن اليوان المنخفض يؤدي إلى تخفيض أسعار البضائع الصينية في الولايات المتحدة، ورفع أسعار البضائع الأميركية التي تباع في أسواق الصين، وبالتالي يمكن القول بأنه يعد سببا رئيسيا من أسباب العجز الرهيب في الميزان التجاري للولايات المتحدة مع الصين. وترجع رغبة الصين في إبقاء اليوان ـبسعره المنخفض- مرتبطا بالدولار الأميركي إلى إيمانها بأن هذه هي الطريقة المثلى لتعزيز الصناعة الصينية، وخلق الملايين من الوظائف لمواطنيها؛ ومثل هذه الاهتمامات الاقتصادية تشرح السبب الذي جعل الصين ترفض بجفاء الجهود التي قامت بها إدارة "بوش" من قبل، وتقوم بها في الوقت الراهن إدارة "أوباما"، من أجل رفع سعر عملتها. والسؤال هنا كيف يمكن لأوباما الخروج من هذا المأزق؟ الخطوة الأولى في رأيي هي توضيح المسألة على نحو جلي، بحيث لا يكون هناك أي مجال للالتباس. فليس هناك شيء اسمه تلاعب بالعملة الصينية؛ فالحكومة الصينية لا تلف ولا تدور في ظلام الليل من أجل التأثير على أسعار العملتين. فالصين لها سعر تحويل رسمي ومحدد لعملتها يجعل قيمة تلك العملة أقل من قيمتها التداولية السوقية؛ وهذا السعر الرسمي للعملة ليس سريا وإنما هو معلن رسميا ومتاح للجميع الإطلاع عليه. ثانيا، إن الولايات المتحدة ليست بحاجة إلى الضغط على الصين لتعزيز اليوان؛ فكما أن الصين قادرة على تحديد سعر معين لليوان مقابل الدولار، فإن الولايات المتحدة بالمقابل يمكن أن تحدد سعرا للدولار مقابل اليوان. في الوقت الراهن، تدعم الحكومة الصينية سعر تحويل يمكن للدولار من خلاله شراء ما يعادل 6.8 يوان، ومثل هذا السعر المرتفع للدولار في مقابل اليوان يجعل البضائع الأميركية غير تنافسية بالمقارنة مع الصين. ولجعل البضائع الأميركية أكثر تنافسية، يمكن للولايات المتحدة أن تتبع سياسة يمكن لها من خلالها بيع دولارات بسعر يقل كثيرا عن السعر المذكور (الدولار يساوي 4.5 يوان مثلا). وهذا الفارق في سعر الصرف سوف يوفر حوافز هائلة لرجال الأعمال والأفراد الصينيين، لاستبدال ما يمتلكونه من يوانات مقابل دولارات أميركية بالسعر المحدد من قبل وزارة الخزانة الأميركية، بدلا من السعر الصيني الرسمي. وعلى الرغم من أن مثل هذا الإجراء قد يكون مخالفا للقانون الصيني، إلا أن الربح الضخم المتوقع تحقيقه سوف يجعل تطبيق هذا القانون أمرا صعبا. وفي خلال فترة قصيرة نسبيا من الزمن سوف يصبح سعر الصرف الأميركي ـ على الأرجح ـ هو سعر الصرف المعمول به فعليا. من الطبيعي أن يقود هذا التصارع بين سعري الصرف إلى فترة من عدم الاستقرار، والعدائية غير الضرورية، بين البلدين. ولكن المؤكد هو أنه سيرسل في نفس الوقت إشارة مهمة مؤداها أن حكومة الولايات المتحدة تمسك بزمام السيطرة على مصير الدولار، وأنها قادرة في أي وقت على دفع سعر الدولار للأسفل حتى يصل إلى مستوى أكثر واقعية مقابل اليوان. ومثل هذه الخطوة الجريئة لها أكلافها؛ فالسلبيات القصيرة الأمد للدولار المخفضة قيمته تشمل ارتفاع قيمة الواردات، وهو ما يمكن ترجمته في ارتفاع مستوى التضخم، وانخفاض مستوى المعيشة؛ وقد يكون من الصعب، سياسيا، على واشنطن أن تدفـع ـ عن عمد ـ سعرا أعلى للعملة الصينية في وقت تعاني فيه من تزايد البطالة، حتى إذا ما كان الهدف من هذه الخطوة توفير المزيد من الوظائف في الوطن. وإذا ما كانت إدارة أوباما مستعدة لمواجهة التداعيات القصيرة الأمد لهذه الخطوة -تخفيض قيمة الدولار أمام اليوان - ولديها القدرة على مواجهة الصناعة المالية الأميركية، فإنها يجب أن تحيط الحكومة الصينية علما بأنها كانت جادة في دعوتها لخفض قيمة الدولار في مقابل اليوان؛ بل يمكن لها أن تحدد تاريخا معينا تكون فيه مستعدة للبدء في عرض بيع الدولار بسعر أرخص من سعر الصرف الصيني الرسمي. من المفترض أن يؤدي ذلك إلى إطلاق عملية تفاوض توافق في إطارها الصين على رفع سعر عملتها على مدى فترة زمنية محددة في مقابل الدولار، وهو ما سيؤدي في نهاية المطاف، إلى تخفيض عجزنا التجاري إلى مستوى يمكن التعامل معه. مع ذلك يبقى القول إن المفتاح لوصولنا إلى هذه النقطة هو فهم أن الولايات المتحدة ليست عاجزة عن تحديد قيمة عملتها. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©