الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

اللورد باتن: الحل العادل للنزاع العربي الإسرائيلي ضروري لاستقرار المنطقة

اللورد باتن: الحل العادل للنزاع العربي الإسرائيلي ضروري لاستقرار المنطقة
9 سبتمبر 2008 02:02
أكد اللورد كريس باتن رئيس جامعة أكسفورد والعضو بمجلس اللوردات البريطاني أن الولايات المتحدة وأوروبا تتحملان مسؤولية ردم الفجوة بين الشرق والغرب من خلال الحلّ العادل للنزاع العربي الإسرائيلي وإنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة، وقبول انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، معتبراً أن هاتين الخطوتين ستعملان على بناء جسور وطيدة بين الثقافات وتحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط· وأوضح باتن، خلال المحاضرة التي ألقاها بعنوان ''التحولات العالمية في القوى'' بحضور الفريق أول ســمو الشــيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في مجلس سموه الرمضاني مساء أمس الأول، أن الغرب يفتقد حتى الآن الإرادة السياسية لتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط رغم اقتناعه بأنه ضروري للسلام العالمي، معتبراً أنه من دون الوصول إلى هذا الحل العادل سيستمر الوضع السياسي المتأزم، والذي يؤخر بدوره مشاريع التنمية الاقتصادية في المنطقة· وشهد المحاضرة، وهي الثانية في إطار سلسلة المحاضرات الفكرية والأمسيات الرمضانية التي يستضيفها مجلس سمو ولي عهد أبوظبي، سعادة عبدالعزيز عبدالله الغرير رئيس المجلس الوطني الاتحادي، وسمو الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الشرقية، والفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان وزير الداخلية، وســمو الشــيخ عبداللــه بن زايــد آل نهيان وزير الخارجية، ومعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ومعالي الشيخ حمدان بن مبارك آل نهيان وزير الأشغال العامة، كما حضرها عدد من الشيوخ والوزراء وكبار المسؤولين في مختلف الوزارات والدوائر الحكومية· وأشاد اللورد باتن خلال المحاضرة بالانفتاح الاقتصادي والسياسي والتعليمي الذي تنتهجه الإمارات، مشيراً إلى أن جامعة أكسفورد التي عيّن رئيساً لها عام 2003 تتطلع إلى تنفيذ العديد من المشاريع المشتركة في إمارة أبوظبي، وإلى المزيد من الشراكة مع الإمارات ككل باعتبارها قوة اقتصادية وسياسية نامية في العالم· واستعرض باتن خلال محاضرته ظهور قوى جديدة وأدوارها في صياغة أحداث القرن الحادي والعشرين، ومجمل التحولات العالمية والمشاكل المتفاقمة مثل التغير المناخي وانتشار السلاح النووي وصراع الهيمنة بين الولايات والصين· واستهل باتن محاضرته بالإشارة إلى أنه لا يحبذ التنبؤ بالمستقبل، لأنها ''لعبة محفوفة بالمخاطر'' حيث أثبت التاريخ أن كثيراً من التوقعات حول الأحداث العالمية لم تكن صحيحة، وأنه في كثير من الاحيان تقع أحداث غير متوقعة تغير من وجهة العالم· ثم بدأ يتحدث عن التطورات الاقتصادية في عدد من الدول مثل الصين والهند والبرازيل والتي أصبحت تنافس بشدة في السوق العالمية بعد سقوط جدار، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة لم تعد ترى الآن في اليابان تهديداً اقتصادياً لها كما كانت تتوقع قبل نحو عشرين عاماً· وقال إن الصين تظهر الآن كأكبر اقتصاد في العالم وبما نسبته 33 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي و60 بالمائة، وذلك بعد قرنين من العمل ومواجهة الصعوبات المختلفة· ولفت إلى أنه في الآونة الأخيرة ظهرت من مدن صناعية وحديثة كثيرة في الصين وتنافس مدن العالم الكبرى بعد أن عاشت عقوداً في التخلف والفقر والمجاعة· وأرجع باتن ذلك إلى ما بذلته الصين في التعليم والاهتمام بالصناعة والبحث عن ذلك في الخارج بكل الوسائل، لدرجة أن 40 بالمائة من طلبة الرياضيات في جامعة هارفارد هم من الصينيين، وبذلك تشكلت لديها قوى فكرية وعبقريات في مختلف العلوم ساهمت في جعلها قطباً اقتصادياً في مجال التصدير وفي نقل 400 مليون صيني من الفقر إلى الحياة الكريمة· وأضاف أنه مع ذلك فما زالت الصين تواجه مشاكل عديدة على المستوى الاجتماعي والمعيشي بين مختلف الأقاليم وعلى مستوى المناخ والتلوث البيئي وعلى المستوى الديمغرافي، بالإضافة إلى أنها تعاني من نقص المياه· وقال إن هناك نحو 380 ألف نسمة يموتون سنوياً بسبب التلوث والأمراض بما في ذلك مرض السرطان، بالإضافة إلى أنها تعاني من مشاكل المخدرات والجريمة المنظمة وغير ذلك من المشاكل الأخرى· وقال باتن إنه لا يرى وجود صراع بين الصين وأميركا، ولا أن بكين تمثل تهديداً لأحد، بالرغم من كونها ثالث قوة اقتصادية عظمى بعد أميركا وأوروبا· ثم انتقل في حديثه إلى التطور الاقتصادي في الهند الذي وصل إلى نحو 4 بالمائة سنوياً خاصة منذ تسعينات القرن الماضي حيث تقدمت الصناعة في مجال المعلوماتية والتقنية، وذلك بعد فترة من التنظيم والضبط خلال الخمسينات والستينات لدرجة تزويد بريطانيا بمصانع الفولاذ والسيارات، وإثر كل ذلك على تطور الطبقة الوسطى الهندية· وأكد أنه رغم كل هذا التقدم مازالت الهند تعاني من مشاكل في مجالات الطاقة والمواصلات والطرق والعمالة بسبب ارتفاع عدد السكان وأعمارهم، وتوقع أن تتطور الهند أكثر من الصين، مشيراً إلى أن ذلك مرتبط بالقضايا السياسية وبالإصلاحات الداخلية وبالعلاقة مع اللوبيات· وتناول بعد ذلك الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة، مؤكداً أنها ''لازالت القوة الوحيدة العظمى في العالم لكونها تسيطر على الأرض والبحر والجو والفضاء، إضافة إلى القوة التكنولوجية والعسكرية التي لاتقهر''، حسب اللورد باتن· كما أشار إلى النشاط الدبلوماسي الأميركي وإلى الكثير من المؤسسات التي ابتدعها الأميركان على المستوى الدولي لحل المشاكل والنزاعات، وقال إن هذا النموذج يعكس حيوية المجتمع الأميركي الذي ينتظر رغم ذلك من الرئيس المقبل حلولاً للعديد من القضايا كالاجور والتضخم في مجال العقارات والعجز التجاري والمالي ومزاحمة الاستثمارات الصينية وزيادة عدد السكان بنسبة 1 بالمائة بسبب الهجرة من آسيا وأميركا الجنوبية· وأضاف أن التحدي الأول للرئيس القادم إلى البيت الأبيض هو التوقعات المستقبلية في الولايات المتحدة الأميركية إذ إن عليه مقاومة المخاوف لدى شعبه تجاه الصين من خلال التوضيح بأن التطور الاقتصادي لبكين لن يكون سلبي التأثير على بلادهم رغم التنافس التجاري بين البلدين، وأثر ذلك على أسعار البضائع لدى كل منهما· وقال: على الرئيس الأميركي القادم أن يوضح لشعبه ما يتعلق بالنسبة للصناديق السيادية وإدارة الموانئ وغيرها حيث أصبحت الصناديق تمثل من 2 إلى 3 تريليونات دولار في العالم وربما ترتفع إلى 12 تريليوناً عام ·2015 كما استعرض الوضع الاقتصادي للاتحاد الأوروبي، بعد أن أشار إلى الجهود التي بذلتها دول أوروبا للتخلص من خلافاتها الاقتصادية والسياسية ومن فكرة تسليح أو عسكرة النظام ونزعات بعض حكوماتها الشمولية لتمثل الآن ثلث التجارة العالمية و30 بالمائة من الناتج المحلي العالمي· إلا أنه أكد أن أوروبا ليست قوة عظمى، بل قوة عالمية، ومع ذلك فلها دور حيوي وعليها مسؤوليات عديدة يتطلع الاتحاد الأوروبي للقيام بها لإظهار استقلاليته أمام الولايات المتحدة· وانتقل المحاضر بعد ذلك إلى قضية تغير المناخ والاحتباس الحراري التي وصفها بأنها صعبة ومعقدة، مؤكداً أن هناك مسؤولية تاريخية ملقاة على الجميع وخاصة الصين والولايات المتحدة الأميركية وكندا باعتبار هذه الدول الثلاث من أكبر الدول تلوثاً وتلويثاً· ودعا إلى ضرورة التنسيق من أجل الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والعمل لتنفيذ ''بروتوكول كيوتو'' بهذا الشأن· وشدد في هذا الجانب على أنه ينبغي على الرئيس الأميركي الجديد أن يقرر شيئاً بشان التغير المناخي وبشأن الأسلحة النووية والعمل على وضع اتفاقية جديدة ومراقبة الدول الساعية لامتلاك الطاقة الذرية ومنعها من استخدامها للأغراض العسكرية، مؤكداً أن المستقبل يحمل في طياته حلاً للنزاع بين إيران من جانب وبين أوروبا وأميركا من جانب آخر· كما أكد أن أوروبا ستعمل على إقامة حوار حول ذلك وستشجع الاستخدام المدني للطاقة الذرية، إلا أنه ألمح إلى أن بالامكان اتخاذ إجراءات أخرى إذا لم يتم الالتزام بذلك· وأبدى عدم موافقته على أي تدخل عسكري ضد إيران، وكذلك عدم موافقته على امتلاك إيران للتقنية النووية دون إشراف دولي· وتحدث اللورد باتن عن العلاقة بين الغرب والإسلام، مشيراً في البدء إلى أنه تعرف في اكسفورد على التأثير العلمي للإسلام على أوروبا خلال العصور الوسطى، وقال إن البعض أساء قراءة التاريخ عندما تنبئ بصراع الحضارات أو الأديان مثل صامويل هنتنجتون· وأكد وجود جسور للحوار بين الثقافات وقضايا أخرى هامة تمنع الصدام او الانقسام بين العالم الإسلامي وبقية دول العالم· ورد اللورد باتن في ختام المحاضرة على الأسئلة التي وجهت إليه والمداخلات التي أدلى بها بعض المشاركين حيث أشار علي الكتبي وكيل دائرة الخدمة المدنية لإمارة أبوظبي الذي قدم للمحاضر والمحاضرة إلى مبادرة ''مصدر'' التي قامت بها الإمارة لخلق بيئة خالية من التلوث والانبعاثات الضارة· ورداً على سؤال لسعادة عبدالعزيز الغرير حول أثر الحرب في جورجيا على التغيرات في العالم، مشيراً إلى أن روسيا تعتبر من كبار المؤثرين في السياسة العالمية ولديها النفط والغاز وتمثل قوة سياسية هامة دولياً، ولكن لا اقتصاد قويا لديها إلا أنها تعتمد على قوتها العسكرية· وأشار إلى أن موسكو أصبحت تهتم بالهيمنة على دول البلطيق وبالحلم الإمبراطوري الروسي التاريخي وتتجاهل سيادة الدول واستقلالها، وقال إن الغرب ينظر بعيون مختلفة لما يجري في جورجيا ولايوافق على ما أقدمت عليه موسكو وأنه يتم عرض الانضمام إلى حلف الناتو على دول الاتحاد السوفييتي السابق· وقال إنه بالنظر الى ديموغرافية روسيا وقوتها الاقتصادية فإن السكان يتمتعون بأقل الأعمار مقارنة بالصين ولديهم مشاكل الكحول والمخدرات والعنف ولن يساعدها ذلك لتكون دولة اقتصادية كبرى خاصة أن الفقر منتشر في الداخل، بينما الأغنياء الروس يعيشون في الخارج، كما أن هناك شكوكاً في استثماراتهم بالداخل· وخلص إلى أن روسيا ليست دولة فاعلة تؤثر على المستقبل وصياغته، كما أنها لن تتطور مثل الصين والهند رغم ثروتها من النفط والغاز وليس لديها ذكاء أهل هذه المنطقة، بل تتعامل مع الأحداث بنفس الاسلوب الأميركي في كوبا قبل مجيء كاسترو الى الحكم في خمسينيات القرن الماضي· الجدير بالذكر أن لورد كريس باتن شغل عدة مناصب سياسية في بريطانيا بدءاً من حزب المحافظين البريطاني وعضو في البرلمان حتى 1992 وعيّن وزير دولة في التعليم العلوم ووزيراً للتنمية الخارجية، كما شغل منصب حاكم هونغ كونغ وأشرف على عملية إعادتها للصين
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©