الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما: الهوية ليست عِرقاً

23 يناير 2008 01:33
هل يعتبر ''باراك أوباما'' مرشح العبور بين ضفتين مختلفتين؟ وإذا كان الأمر كذلك فإلى أين يتجه ومن أين يعبر؟ لقد كان ينظر إلى ''باراك أوباما''، على مدار السنة الماضية، باعتباره مرشح ما بعد العرق، لكن هذه الافتراضات المثالية ليست مغلوطة فحسب، بل هي تسيء تفسير الهوية المركبة للسيناتور الشاب عن ولاية ''إلينوي''، كما تفشل في فهم النقاش الذي أطلقه في حملته الانتخابية حول أفضل السبل الكفيلة بتوحيد أمة بالغة التنوع والانقسام؛ ففي برنامج تلفزيوني أجري مع ''أوباما'' في السنة الماضية قال لمحاوره بأنه ''لم يختر'' أن يكون أميركيا من أصول أفريقية''، وعندما سئل عما إذا كان قد اختار هويته كرجل أسود أجاب ''أوباما'' قائلا ''أعتقد بأنه إذا كنت أميركيا من أصول أفريقية فإنك تعامل كذلك''؛ وهذا أمر صحيح فالمظاهر تحدد طريقة تعامل الآخرين، ولكن ''أوباما'' أشار في كتابه ''أحلام والدي'' الصادر عام 1995 أن الاختيار عامل أساسي في تحديد الهوية· لقد أوضح السيناتور الأسود كيف انخرط خلال سنوات الطفولة الأولى في البحث عن هوية خاصة بالنظر إلى أصوله العرقية المتنوعة (والدته بيضاء ووالده أفريقي)، لكن من دون أن يحصر الهوية في العرق، وبالرغم من أن أصوله من جهة والده تنحدر مباشرة من القارة الأفريقية، إلا أن ''أوباما'' تبنى حركة الحقوق المدنية الأفريقية باعتبارها جزءا من رؤيته الخاصة؛ كما يورد في كتابه كيف تحولت صورة المناضلين في حركة الحقوق المدنية الذين يتقاسمون الأفكار ذاتها ويعملون لتحقيق الأهداف نفسها إلى ''نوع من الصلاة'' بالنسبة له تعزز صلابته وتؤطر عواطفه السياسية، وقتها أدرك ''أوباما'' أن الانتماء إلى هوية لا تتم بالوراثة، بل بالاكتساب عبر المشاركة والانخراط، وبكلمة أخرى ليس الانتماء إلى جماعة معينة مجرد انتساب بحكم العرق، أو الأصول التاريخية، بل هو أيضا اختيار· لقد كان بمقدور ''أوباما''، الذي ترعرع وسط عائلة بيضاء، أن يختار هوية مزدوجة، وكان باستطاعته أيضا التركيز على إرثه المختلط، لكنه لم يفعل، فقد انضم إلى كنيسة سوداء وتزوج من امرأة سوداء واختار أن يعيش في منطقة تقطنها غالبية سوداء في مدينة شيكاغو· وبعبارة أخرى لم يسع ''أوباما'' إلى تجاوز المسألة العرقية، بل حرص على معانقتها· والمؤسف أن تضافر الشعور العنصري لدى بعض شرائح المجتمع الأميركي والسياسات المناهضة لذلك من الجانب الآخر التي أطلقتها حركة الحقوق المدنية خلال عقد الستينيات ساهمت في خلق التصور المغلوط بأن الهويات الإثنية والعرقية تفترق بالضرورة مع الهوية الوطنية الأميركية· وفي هذا الإطار نجد لدى أكثر الناس احتفاء بالتعددية ميلا إلى تمثيل الأقليات العرقية من خلال متحدثين ينتمون إلى ذات الأقليات· غير أن تجربة ''أوباما'' الشخصية سواء في الحياة، أو العمل تفند الفكرة القائلة بأن هويته العرقية تفصله بشكل من الأشكال عن هوية أميركا الشاملة، ففي مذكراته يقر ''أوباما'' أن جزءاً أسياسياً من مهمة الجماعة الصغرى هو المساهمة في صياغة وبلورة هوية الجماعة الوطنية الكبرى· وبابتعاده عن التوصيفات الضيقة للهوية العرقية لا يجد ''أوباما'' أي تعارض بين كونه أميركا فخوراً بأصوله الأفريقية، وبين قدرته على تمثيل جميع الأميركيين· ما علينا في هذا الإطار سوى النظر إلى خطبه التي بدأت تتبنى نبرة متجذرة في الولايات الأميركية الجنوبية، أو إحالاته المتكررة إلى ''مارتن لوثر كينج''، وهوما يسهم في توسيع تلك الهوية وإعطائها أبعاداً أخرى، وقد عبر عن ذلك عندما أوضح في برنامج حواري بأن تجربة السود ليست أحادية، بل متعددة الجوانب قائلا: ''إن الجماعة الأميركية المنحدرة من أصول أفريقية -التي أشعر أني جزء أصيل منها- هي نفسها متعددة، بين أفريقية وأوروبية وأميركية أصلية، لذا فإنه من الصعب تعريف التجربة الأميركية الأفريقية''· كثيراً ما يتهم ''أوباما'' بأنه يسعى إلى طمأنة الناخبين البيض بأن يتفادى تذكيرهم بماضي العنصرية حتى لا يثير شعورهم بالذنب، لكنه إذا تمكن من الفوز في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي بولاية كارولينا الجنوبية فإننا سنكتشف كيف أن السود أيضا مطمئنون له، وهو الذي يعيد لهم بعض الأمل في تحقيق تطلعاتهم· كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©