الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صاروخ كوريا الشمالية... لماذا فشل «كيم»؟

صاروخ كوريا الشمالية... لماذا فشل «كيم»؟
16 ابريل 2012
ما كان الكوريون الشماليون يتمنون أن تفشل عملية إطلاق صاروخ طويل المدى، مؤلف من ثلاث مراحل، وبطريقة مخزية عندما تفكك وسقط في البحر الأصفر بعد أقل من دقيقتين على إطلاقه يوم الخميس الماضي. ويزعم نظام بيونج يانج أن الصاروخ كان يفترض أن يضع قمراً صناعياً في مداره، في إطار الاحتفالات بمرور مئة عام على ميلاد الزعيم الكوري الشمالي كيم إيل سونج. لكن عملية الإطلاق الفاشلة رمزت بدلاً من ذلك إلى عدم فعالية النظام السياسي والاقتصادي لكوريا الشمالية وتحطمت الآمال القصيرة في أن يؤدي التحول الأخير على مستوى قيادة البلاد إلى تقارب مع كوريا الجنوبية والولايات المتحدة. عملية إطلاق الصاروخ التي قامت بها كوريا الشمالية تقضي أيضاً على اتفاق التاسع والعشرين من فبراير الذي وعدت فيه الولايات المتحدة بربع مليون طن من "المساعدات الغذائية" في حال وافق الكوريون الشماليون على القيام مؤقتاً بكبح بعض جوانب برامجهم الخاصة بالصواريخ والأسلحة النووية. اتفاق كان العديد من المراقبين ينظرون إليه باعتباره اختباراً لقدرة الحاكم الجديد "كيم جونج أون" على انتهاج طريق مختلف عن ذاك الذي سار عليه والده. لكن كيم رسب في الاختبار. هذا التطور لطخ أيضاً بكين التي أظهرت مرة أخرى أنها مواربة وغير فعالة. فالصينيون يبدون قادرين وراغبين عندما يتعلق الأمر بحماية كوريا الشمالية دبلوماسياً واقتصادياً من عواقب مواطنة دولية سيئة، حيث تحاول بكين باستمرار خفض عقوبات مجلس الأمن الدولي ضد بيونج يانج، ثم تعمل بعد ذلك على إضعاف تلك العقوبات عبر تعميق التجارة مع كوريا الشمالية والاستثمار فيها. غير أنه من جهة أخرى يمكن القول إن الصين تفتقر إلى القدرة والرغبة لإقناع كوريا الشمالية بعدم تنفيذ أعمال مخيفة مثل عمليات إطلاق الصواريخ واختبارات الأسلحة النووية. ومن الواضح أن الخاسر الأكبر هو نظام كيم جونج أون. ذلك أن الشكوك تلاحق كيم بشأن قدرات زعامته منذ أن خلف والده المتوفى كزعيم للبلاد في الأيام الأخيرة من 2011. وسلسلة الأحداث الغريبة التي سبقت عملية إطلاق الصاروخ، والتي بدا أنها تشير إلى انعدام التنسيق بين الأجندات الداخلية المتنافسة، أثارت أسئلة بشأن قدرة حكومة كيم على اتباع سياسة خارجية متناسقة ومنسجمة. فقد ضيع كيم العرض الأميركي، في التاسع والعشرين من فبراير، بخصوص مساعدات غذائية. وبعد ذلك، ساهم إعلان بيونج يانج عن عملية إطلاق صاروخ وشيكة في انتصار مفاجئ في الحادي عشر من أبريل في الانتخابات التشريعية التي جرت في كوريا الجنوبية للائتلاف الحاكم المحافظ، الذي يتبنى سياسة أكثر صرامة وتشدداً إزاء كوريا الشمالية مقارنةً بحزب المعارضة الرئيسي. إن عملية الإطلاق الفاشلة تمثل مصدر حرج كبير للنظام. شاب في ثقافة تمجد السن والتجربة، يتم إعلانه جنرالاً بأربع نجوم على نحو متسرع من دون أن تكون لديه تجربة عسكرية، فالمؤهل الوحيد الذي يمتلكه كونه حفيد كيم إيل سونج وابن كيم جونج إيل. وهذا يجعله مفيداً كرجل واجهة يضفي نوعاً من الشرعية على زمرة تتألف من أقارب والده وأصدقائه الموثوقين الذين يديرون البلاد. غير أنه إذا كان ثمة صراع خفي على الزعامة، فإن فشل كيم جونج أون في تكريم جده كما ينبغي بعملية إطلاق صاروخ لن تقوي مهمته لحكم البلاد. أجندة كوريا الشمالية تستطيع أن تدعي بأن واشنطن هي الشرير في هذا السيناريو على اعتبار أن الأميركيين تراجعوا عن اتفاق التاسع والعشرين من فبراير، غير أن هذه الحجة لن تغير شيئاً من شعور عالمي واسع بأن نظام بيونج يانج لا يزال خطيراً. فقد جادلت بيونج يانج بأن عملية الإطلاق تتعلق بصاروخ مدني، وليس بصاروخ باليستي (ممنوع بمقتضى قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي في 2009)، غير أن مراقبين قلائل صدقوا هذا الكلام. أما الولايات المتحدة فاعتبرت عملية إطلاق الصاروخ ترقى إلى اختبار صاروخي. بل حتى روسيا التي كانت متساهلة تقريباً مع بيونج يانج على غرار الصين، دعت كوريا الشمالية إلى عدم المضي قدماً في عملية الإطلاق. وبعد فترة من الاستفزازات في 2010، أكدت بيونج يانج في 2011 رغبتها في استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة، وإن كان معظم المحللين قد اشتبهوا في أن الهدف هو الدفع في اتجاه مزيد من التنازلات (مثل المساعدات الاقتصادية والاعتراف بها كدولة نووية) وعدم التخلي عن برنامج أسلحتها النووية. واليوم، يزيد فشل عملية الإطلاق من احتمال عودة بيونج يانج إلى أسلوبها الاستفزازي. الأميركيون يشعرون بأن الكوريين الشماليين أظهروا للتو سوء نية عبر عقد اتفاق كانوا يخططون لنسفه بعد بضعة أيام. وبدلاً من بداية جديدة مع زعيم جديد، يبدو أن كيم جونج إيل ما زال هو الذي يرسم سياسة كوريا الشمالية من قبره. وهذا سيبطئ إعادة اشتباك بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، خاصة مع رغبة إدارة أوباما في تجنب أي خطأ في السياسة الخارجية (مثل الظهور بمظهر المتساهل أو الساذج) قبل الانتخابات الأميركية. لكن فشل الصاروخ يمثل كذلك انتكاسة لجهود كوريا الشمالية الرامية إلى اكتساب وسيلة ردع ذات مصداقية ضد هجوم أميركي أو كوري جنوبي عبر نشر صواريخ باليستية قادرة على حمل رؤوس نووية. وتأتي هذه المحاولة الثالثة لإطلاق صاروخ متعدد المراحل من قبل كوريا الشمالية بعد إخفاقات مماثلة في 1998 و2009. لكن القيادة في بيونج يانج قد تخشى أن ينظر الخصوم إلى هذا الإخفاق الكبير كمؤشر ضعف، مما قد يدفع النظام إلى التعويض عن ذلك باستعراض للقوة هدفه الترهيب. إن عملية إطلاق الصاروخ لم تمثل فشلاً تقنياً لكوريا الشمالية فحسب، وإنما فشلاً ذريعاً لرؤية سياسية أيضاً. وحتى الآن، يبدو أن حكم كيم جونج أون يواصل نشر البؤس للشعب الكوري الشمالي والأخطار لجيرانه. ديني روي كاتب متخصص في القضايا الأمنية بآسيا والمحيط الهادئ ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور«
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©