السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أنهار الجنة بلا شواطئ.. تتداخل ولا تختلط

22 يونيو 2017 21:41
القاهرة (الاتحاد) يضرب ربنا المثل بالجنة والنار بالنعيم والعذاب، في صورة حسية، النوع الأول من الجزاء، الأنهار وكل الثمرات مع المغفرة، والنوع الآخر، الخلود في النار، يقول تعالى: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الّتِي وُعِدَ المُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَير آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذّةٍ لِلشّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصفىً وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلّ الثَّمَراتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبّهِمْ كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النّارِ وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمعاءَهُمْ)، «سورة محمد: الآية 15».  قال إمام الدعاة الشيخ الشعراوي، المثل تشبيه لمجهول بمعلوم، وكلمة الجنة في أصلها تعني الشيء المستور، حتى جنة الدنيا تحمل هذا المعنى، لأنها قطعة الأرض المليئة بالأشجار متشابكة الأغصان تستر وتُخفي ما فيها، والحق سبحانه ضرب المثل بها، والفرق بين الجنتين أن جنة الدنيا من صُنع البشر ومباشرة الأسباب في الحرث والزرع، أما جنة الآخرة التي وعدها الله المتقين فهي قائمة بلا أسباب، وعدهم الله بها ووعده حق نافذ، لأنه إله واحد، ولا توجد قوة تحول بينه وبين إنفاذ وعده، يعد بها المتقين، والمتقي هو الذي يسير وفق منهج الله، ويجعل بينه وبين عذاب الله وقاية، باتباع المنهج وعدم اتباع الشيطان والهوى. ومثل الجنة، يعني وصفها، يُقربها للأذهان، لأنه لو أراد أن يعطينا وصفا للجنة على حقيقتها لن يصل إلى ذلك إلا من خلال الألفاظ التي تعبر عن المعاني، فإذا كنا لا نصل بإدراكاتنا إلى ما في الجنة، فكيف نضع له الألفاظ المعبِّرة عنه، إذن هذا ليس وصفا لحقيقة الجنة، إنما مجرد مثل يقربها من أفهامنا، لأن فيها أشياء لا نعرفها، لذلك يقربها ربنا بمثل ما نعرفه في الدنيا. ففيها كما في الدنيا ماء ولبن وخمر وعسل، لكنه مُشذّب، ومُصفى من كل ما يشوبه، فلا يشبه نعيم الدنيا إلا في الأسماء، فيها أنهار من ماء غير آسن، فماء الدنيا يأسن ويعطن وتتغير رائحته، وبدأ بالماء لأنه الأصل في الارتواء من العطش، وماء الجنة لا نعرف مصدره، لا تشوبه شائبة، ولا تلحق به مُلوِّثات تفسده، نعمة لا يُنغصها شيء. ومن العجيب في أنهار الجنة أنها ليس لها شُطآن، وأنها متداخلة دون أن يختلط بعضها ببعض، هذا النعيم لا يقوم بالأسباب التي نعرفها، بل المسبِّب سبحانه، فلا يحكم عليها الحكم على مثلها في الدنيا. وفي الجنة أنهار من لبن لم يتغير طعمه، فلبن الدنيا يتغير ويفسد، وأنهار من خمر، وبعد ذكر الماء ثم اللبن، ثم الخمر، جاء العسل المُصفى في آخر هذه القائمة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©