الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مقاربة جديدة لـ إيران النووية

مقاربة جديدة لـ إيران النووية
10 سبتمبر 2008 00:21
وصلت الولايات المتحدة إلى طريق مسدود في سعيها إلى ثني إيران عن المضي قدما في برنامجها النووي؛ حيث تجاهلت إيران مرارا قرارات مجلس الأمن الدولي التي تدعوها إلى تعليق أنشطتها لتخصيب اليورانيوم التي يمكن أن تُستعمل وقودا لمفاعلات نووية سلمية أو لقنابل نووية عسكرية· خلال الأسابيع الأخيرة، شكلت محادثات إيران مع الاتحاد الأوروبي والوكالة الدولية للطاقة الذرية غطاء سمح لإيران بالاستمرار في تخصيب اليورانيوم بدون عمليات مراقبة إضافية تشمل كل برنامجها النووي؛ وفي هذه الأثناء، تحاول إدارة ''بوش'' تكثيف الضغوط على إيران عبر فرض مزيد من العقوبات؛ ومؤخرا، أعاد السيناتور ''باراك أوباما'' -خلال أسبوع المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي- التأكيد على التزامه بـ''ضبط الأمور دبلوماسيا بخصوص إيران'' في حال انتخب رئيسا للولايات المتحدة· وإذا كانـــت إيران تبحـــث أحيانا -ظاهريـــا على الأقل- إمكانيــــة تعليق مؤقــــت لبرنامـــج تخصيـــب اليورانيـــوم، فإنـــه لا يبدو أنها تنوي وقف هذا النشاط الخطير بغض النظر عن العقوبات؛ وبالتالي، فمن الواضح أن مقاربة جديدة باتت ضرورية من أجل اعتماد عمليات مراقبة أكثر صرامة لبرنامج إيران النووي· غير أن الكلام الحاد والتحدي الإيراني يزيدان قلق العالم بشأن إمكانية تنفيذ إسرائيل لعملية عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية؛ حيث يمكن أن يحاول الجيش الإسرائيلي تكرار عملية 1981 التي دمرت المفاعل النووي العراقي؛ غير أن الأمر يتعلق هذه المرة بتدمير بنيــــة نوويـــة تحتيـــة موزعة على أكثر من 20 منشأة ويعمـــل فيها آلاف التقنيين· ما هو الحل؟ الواقع أن ''اختبار الالتزام'' يمكن أن يُطمئن الجانبين، إذ على المفاوضين النووين أن يفهموا أن الزعماء الإيرانيين يريدون الالتزام بما وعدوا به الجمهور الإيراني من الدفاع عن حق إيران في تخصيب اليورانيوم، وعلى نحو لا يقل أهمية، على الزعماء الإيرانيين أن يفهموا أنه يتعين عليهم أن يُظهروا التزامهم تجاه النظام القانوني الدولي من أجل الحفاظ على الطابع السلمي للبرامج النووية· من شأن اتفاق من هذا القبيل أن يربط الولايات المتحدة ودولا أخرى بإيران كزبائن لها، بشرط أن توافق إيران، بالمقابل، على بنود ومقتضيات أكثر صرامة بخصوص برامجها النووية؛ وبمقتضى هذا الاتفاق، يوافق الزبائن على شراء اليورانيوم المخصب والوقود المستعمل الإيرانيين مقابل سعر تنافسي، وهو ما من شأنــه أن يضمن أن إيران لن تقوم بتجميع مخزون كبير من اليورانيوم والبلوتونيوم المخصبين، وإنما ستعمل دائما على شحن مواد الوقود النووي إلى الزبائن؛ في هذه الحالة، سيُظهر الزعماء الإيرانيون أن نواياهم سلمية حقا لأنهم وافقوا على هذا الاتفاق؛ وبقبوله، ستكون إيران قد حصلت على اعتراف المجتمع الدولي ببرنامجها للتخصيب، وتستطيع أن تفخر بأن القوة العظمى في العالم زبون لها، وسيشكل ذلك وضعا حيث الجميع منتصر· غير أنه في الوقت الراهن، يلقي نقص بعض العناصر بالشك على تأكيدات طهران بشأن الطابع السلمي لبرنامجها لتخصيب اليورانيوم· ومعلوم أنه من أجل صناعة الوقود النووي، فإن منشأة واحدة للتخصيب لا تكفي؛ حيث يحتاج بلد ما إلى إمدادات كافية من اليورانيوم الطبيعي قصد بدء العملية؛ كما يحتاج إلى منشأة لصنع الوقود من أجل تحويل اليورانيوم المخصب إلى وقود يمكن وضعه داخل المفاعل النووي؛ وإذا كانت إيران لا تتوفر على أي من هذه المكونات الرئيسية، فإن الإمدادات المحدودة من اليورانيوم الطبيعي ومصنع التخصيب التجريبي العامل اليوم تكفي للسماح لإيران بصنع عشرات القنابل النووية في نهاية المطاف· وعليه، فإن إيران لا تستطيع إدارة برنامج نووي سلمي بمفردها؛ فمن أجل بناء مفاعلات نووية تجارية، يجب على إيران أن تعتمد على منتجي المفاعلات الرئيسيين، مثل فرنسا وروسيا والولايات المتحدة، أي بعض من نفس البلدان التي تسعى إلى منع إيران من صنع قنابـــل نوويــة؛ كما يجب عليها أن تعتمد على المزودين الدوليين باليورانيوم الطبيعي ومنشآت دولية لصنع الوقود؛ وبالتالي، فإن من شأن صفقــة في هذا الإطار أن تقيد القوى الكبرى وإيران معا ضمن علاقة الزبون-المنتج· من شأن هذه المقاربة الدولية المقترحة أن تلقي الضوء على أنشطة إيران النووية وتمنح إيران في الوقت نفسه فرصة للوفاء بما تعهدت به علنا بشأن نواياها السلمية؛ وإذا كان الزعماء الإيرانيون كثيرا ما يتحدثون حول ''الضمانات الموضوعية'' على أن برنامجهم النووي سيظل سلميا، فإنهم لم يظهروا ذلك حتى الآن؛ والواقع أن الضمانات الموضوعية الحقيقية تشمل مراقبة دولية مستمرة لكل المنشآت النووية عبر توظيف وسائل آمنة لجمع البيانات وعدد من المفتشين الميدانيين؛ ومن أجل تحفيز إيران لقبول هذه التدابير، على القوى الكبرى أن توضح أن علاقة الزبون-المنتج هذه هي عبــارة عن طريق في اتجاهين متقابلين· إن علاقــة تجارية حقيقية بين إيران والقوى الكبرى ستشكل خطوة كبيرة في اتجاه جلب إيران إلى المجتمع الدولي، وهو المكـــان الذي تستطيع فيــه كل البلدان أن تعمل معا من أجــل الأمن والتعـــاون· تشارلز دي· فيرجوسون زميل مجلس العلاقات الخارجية الأميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©