الأحد 5 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

صناعة السيارات الأميركية تنتصر في “معركة البقاء”

صناعة السيارات الأميركية تنتصر في “معركة البقاء”
21 نوفمبر 2009 23:12
دبت الحياة مجدداً في شركات تصنيع السيارات الأميركية. وبدأ الثلاث الكبار “فورد” و”جنرال موتورز” و”كرايسلر” يزفون أخباراً سارة، حيث سجلت “فورد” أرباحاً غير منتظرة خلال الربع الثالث بلغت نحو مليار دولار ما يعزى في المقام الأول إلى التحسينات الهائلة التي أجرتها على عملياتها في شمال أميركا. وكشف سيرجيو مارشيوني رئيس “كرايسلر “عن خطة خمسية مفصلة لتعافي الشركة الأميركية في بيان توضيحي استغرق منه سبع ساعات، والأمر الأكثر إثارة ولفتاً للأنظار هو القرار الذي اتخذه مجلس إدارة “جنرال موتورز” بعدم بيع حصة الأغلبية في “أوبل- فوكسهول” (الشركة الأوروبية التابعة لها) إلى “ماجنا” شركة تصنيع أجزاء السيارات النمساوية الكندية و”سبيرينك” الروسي. كما تمكنت كل من “جنرال موتورز” و”فورد” من تحقيق زيادة مبيعاتها في شهر أكتوبر بنحو 4,7 في المئة و3,3 في المئة على الترتيب. وكان هذا التحول منذ عام واحد فقط ضرباً من الخيال. حزم الدعم خلال 2008، أعلنت “جنرال موتورز” العام الماضي خسارة 4,2 مليار دولار في الربع الثالث وأعلنت فورد “خسارة” 2,7 مليار دولار، وخسرت “كرايسلر” نحو ملياري دولار. وحينها سارعت الحكومة الأميركية بالتدخل لمنع كارثة انهيار أوشكت أن تلحق بـ”جنرال موتورز” و”كرايسلر” من خلال حزمة انقاذ بلغت 62 مليار دولار قروض خزانة ثم ساعدت كلا الشركتين من خلال إجراء مالي قانوني يسمى الإفلاس سريع الغسل الذي قلص ديونهما وخفض نفقات التزاماتهما إزاء صناديق العاملين المتقاعدين وحد من شبكات منافذ بيعها المترامية. وكانت “فيات” الإيطالية قد كلفت بإدارة “كرايسلر” والمشاركة بتقنيتها المتقدمة في مجال السيارات الصغيرة مقابل حصة بلغت 20 في المئة، بينما كافحت “فورد” في إتمام إعادة هيكلتها دون مساعدة سواء من دافعي الضرائب أو من خلال إعلان افلاسها بفضل 23.6 مليار دولار كانت قد جمعتها عام 2006 قبل تجمد أسواق الائتمان من خلال رهن كل أصولها شمال أميركا كضمان ثانوي. وسوف تحظى الشركات الثلاث بدعم ربما يشكل تعافياً لمبيعات السيارات خصوصاً في أميركا أسرع وأقوى من توقعات أغلب المراقبين، وسيستغرق الأمر وقتاً طويلاً قبل أن تعود المبيعات إلى 17 مليون سيارة في العام، بصفته الرقم الذي يعتبر عادياً بالنسبة لصناعة اعتادت على تلبية الطلب بائتمان رخيص وأسعار انتحارية. ويشير آرم جوناس المحلل الاقتصادي لدى “مورجان ستانلي” إلى أن حالات التعافي السابقة في مبيعات السيارات اعتادت أن تأخذ شكل حرف (V) (يعني التراجع السريع ثم التعافي السريع بلا توابع أو تكرار)، وأنه ليس من المرجح أن تأخذ هذه المرة أيضاًَ نفس الشكل. وسجلت مبيعات السيارات أدنى مستوى لها خلال 2009 بنحو 10,5 مليون سيارة. ويتوقع جوناس بيع 12,8 مليون سيارة العام القادم و14,5 مليون سيارة عام 2011، وهو يعول على تأثير التعافي الاقتصادي واسع النطاق خصوصاً في سوق المساكن. ومنذ خروجهما من حالة الإفلاس قامت “جنرال موتورز” و”كرايسلر” بتقليص المبيعات السنوية إلى مستوى لا ربح فيه ولا خسارة من أكثر من 16 مليونا إلى 10 ملايين سيارة، ومن المنتظر أن تبدأ الشركتان في تحقيق أرباح تشغيلية العام المقبل. في الوقت الذي يقول فيه آلن مولالي مدير عام تنفيذي شركة فورد هذا الأسبوع إنه بصدد تغيير خطة عام 2011 من تساوي الربح والخسارة إلى تحقيق أرباح ملموسة. “الأخوة” المختلفون وتنتهي أوجه التشابه بين الشركات الثلاث عند نقطة توقع تحقيق الأبراح العام المقبل، حيث نجد بلا شك أن أفضلها خلال 2009 كانت شركة “فورد” حيث قفزت حصتها السوقية في أميركا العام الماضي إلى 14,6 في المئة بزيادة قدرها 2,2 في المئة ما يعزى إلى السمعة التي اكتسبتها من خلال رفضها الحصول على دفعة إنقاذ مالي من الحكومة وامتناعها عن إشهار إفلاسها وأيضاً من خلال النسخ الجديدة من السيارات التي طرحتها وحظيت بالقبول مثل إف 150 بيكاب وتوراس وفيوجن هايبريد (السيارات الهجين). ومع ذلك فقرار “فورد” برفض إشهار إفلاسها يعني أن دينها سيزيد إلى نحو 35 مليار دولار بعد تسديد مستحقات صندوق الرعاية الصحية للعاملين المتقاعدين، إضافة إلى أن فورد تدفع ثمن استقلالها من ناحية أخرى، ذلك أنه طبقاً لأحكام إصلاح “جنرال موتورز” وكرايسلر بشأن إشهار إفلاسها قدم اتحاد عمال السيارات ميزة لهما منطوية على تقليص كبير لنسب اشتراكهما مقابل حصتين كبيرتين في كل من الشركتين وهي ميزة لم تحصل عليها شركة “فورد”. وبالنسبة لشركة “جنرال موتورز” يبدو أن المخاوف من أن يكون الإفلاس قد قوض ولاء زبائنها قد تبددت ذلك أن مجموعة منتجات “جنرال موتورز” (رغم تأخرها نحو سنتين عن فورد من حيث التنافسية حسب تقدير جوناس) آخذة فعلاً في التحسن والتطوير ولديها الإمكانية والاستعداد في تحقيق تحول مماثل. ويعتبر قرار “جنرال موتورز” عدم التخلي عن “أوبل- فوكسهول”، وإن كان مستفزاً للحكومة الألمانية ولاتحادات صناعة السيارات، بمثابة دليل على تنامي ثقة “جنرال موتورز”، فهي لم يسبق لها أبداً أن رغبت في بيع “أوبل” التي تعتبر رغم تحقيقها خسائر مكمن خبرة “جنرال موتورز” الرئيسي في تقنيات السيارات الصغيرة، ولكنها اعتقدت أنه لا خيار لها إلى أن قامت المفوضية الأوروبية بإجبار الحكومة الألمانية بالتعهد بإتاحة القرض المعروض بمبلغ 4,5 مليار دولار لأي مستثمر وليس فقط ماجنا. ولعل الاحتفاظ بأوبل سيتيح لـ”جنرال موتورز” تقليد نهج “فورد” التي تخطط لتلبية الطلب المتزايد على السيارات صغيرة الحجم ومتوسطته من خلال تصنيعها في أميركا منتجات مطورة أصلاً في أوروبا مثل “فييستا” الجديدة. وبالنسبة لـكرايسلر”، فإنه رغم ما أعلنه مارشيوني من أداء متعاف، فإنه لاتزال هناك مخاوف إزاء مستقبل الشركة ، فعلى عكس “فورد” و”جنرال موتورز” تراجعت مبيعات” كرايسلر” خلال شهر أكتوبر الماضي بنسبة 30 في المئة مقارنة من نفس الفترة العام الماضي، وتعترضها عراقيل صعبة منها افتقارها إلى الجديد من الطرز وشكاوى من تدني جودة سياراتها. وربما أفضل خبر زفه مارشيوتي هو أن “كرايسلر” حصلت 5,7 مليار دولار آخر شهر سبتمبر الماضي مقارنة بمبلغ 4 مليارات دولار حين اسندت الإدارة إلى فيات في شهر يونيو وأنها ينتظر أن تحقق أرباحاً تشغيلية محدودة العام المقبل كدليل على تقليص نفقات هائل في ظل إشهار إفلاسها. ويبدو أن الخطط المتفائلة التي يعكف مسؤولو “كرايسلر” التنفيذيون الجدد على إعدادها تشكل المنهج الذي ستتبعه شراكة كرايسلر مع فيات في تحويل الشركة وفي إظهار مدى قدرتها على تطوير سيارات تروق للزبائن. وهو الأمر الذي به يمكن تحقيق هدف مارشيوني المتمثل في مضاعفة مبيعات “كرايسلر” عالمياً إلى 2,8 مليون سيارة بحلول عام 2014، ومكمن المخاوف هنا هو عدم وجود حل سريع لمشكلة الافتقار إلى منتجات جديدة. وستضطر “كرايسلر” خلال السنوات القليلة المقبلة الاعتماد في المقام الأول على إجراء تغييرات ظاهرية بسيطة على نسخها الحالية من السيارات واتمام ما هو عاجل من رفع مستوى الجودة المطلوب. والسؤال المهم الآن هو ما إن كان ذلك سيكون كافياً لزيادة حصة “كرايسلر” السوقية عن حصتها الحالية البالغة 6 في المئة قبل بدء إطلاق مجموعة من المنتجات الجديدة المرتكزة على برامج فيات وخطوط انتاجها عام 2012، فإن كانت فورد و”جنرال موتورز” حالياً في سبيلهما إلى التعافي لا تزال “كرايسلر” في مأزق حرج في الوقت الراهن على الأقل. عن “إيكونوميست”
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©