الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ليبيا... غياب التوازن العسكري يعرقل مهمة «الناتو»

ليبيا... غياب التوازن العسكري يعرقل مهمة «الناتو»
20 ابريل 2011 21:10
قبل حوالي شهر من اليوم، كانت القوات الموالية لمعمر القذافي تزحف على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، وكان عشرات الآلاف من المدنيين يخشون على أرواحهم، وبدا الثوار مفككين وفي حالة فوضى، واحتمال نجاحهم في تنحية القذافي عن السلطة ضعيف. واليوم وبعد أربعة أسابيع ومئات الضربات الجوية التي نفذتها الولايات المتحدة وحلفاؤها في "الناتو"، يمكن القول، من عدة نواح، إن لا شيء تغير تقريباً. صحيح أن دبابات القذافي وأسلحته لم تعد تهدد بنغازي ومقاتلات القذافي ومروحياته الحربية جاثمة على الأرض. ولكن قوات الثوار المفتقرة إلى التنظيم مازالت أقل عدداً وعدة من وحدات الجيش الليبي، التي لا تبدي، إلى جانب زعيمها، أي مؤشر على الاستسلام. بل بدلاً من ذلك، كثف القذافي هجومه المضاد خلال الأيام الأخيرة. واتهمت منظمات حقوق الإنسان جيش القذافي باستعمال القنابل العنقودية وصواريخ "جراد" انطلاقاً من الشاحنات لقصف المناطق السكنية في مصراته، المدينة الوحيدة في غرب ليبيا التي مازالت في قبضة الثوار. وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول ديفيد بارنو، وهو جنرال متقاعد كان يقود القوات الأميركية والقوات التابعة لحلف شمال الأطلسي في أفغانستان: "لقد تسرعنا في الذهاب إلى هناك من دون خطة. الآن نحن في الوسط ولا نحقق شيئاً". والواقع أن الحملة الجوية الدولية لم تؤد إلى حمل القذافي على التنحي، أو حتى منع جيشه من قصف المدنيين وإعادة السيطرة على المدن التي في قبضة الثوار، وهذا يطرح سؤالا صعبا على أوباما وزعماء آخرين في "الناتو": والآن ماذا؟ المسؤولون الأميركيون يعترفون سراً بأن بعض فرضياتهم قبل أن يتدخلوا في النزاع الليبي ربما تكون خاطئة، ومن ذلك الفكرة القائلة بأن سلاح الجو وحده قادر على إضعاف جيش القذافي إلى درجة إجباره على وقف هجماته، وأن الولايات المتحدة تستطيع ترك الضربات الجوية للطائرات الحربية من بريطانيا وفرنسا وبلدان أوروبية أخرى. والأسبوع الماضي، جادل الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء البريطاني، اللذان قادا الجهود داخل "الناتو" لإطلاق الحملة الجوية في ليبيا، بحاجة التحالف إلى تكثيف هجماته من أجل تطبيق تفويض الأمم المتحدة المتمثل في حماية المدنيين؛ غير أن الحصول على الموافقة على تصعيد التدخل يمكن أن يزيد من الانقسام الذي يعانيه التحالف أصلاً. لقد انتقل الجيش الأميركي إلى لعب دور ثانوي في وقت سابق من هذا الشهر، ولم يصدر عن أوباما أي مؤشر على أنه سيرسل طائرات حربية أميركية إلى مهام قتالية مرة أخرى، ناهيك عن أن يعيد النظر في تعهده بعدم استعمال قوات برية في ليبيا. ذلك أن قراره بالتدخل في ليبيا لم يكن يحظى بشعبية في البنتاجون حيث لم يُبد وزير الدفاع روبرت جيتس وكبار المسؤولين المدنيين اهتماماً بلعب دور رئيسي في هذا النزاع في وقت تخوض فيه الولايات المتحدة حرباً في أفغانستان. ولكن أوباما تمكن من التغلب على اعتراضات مستشاريه عبر التعهد بالإبقاء على الدور الأميركي محدوداً. وإذا كان أقوى عضو في التحالف لا يرغب في التصعيد، فإن قلة قليلة جداً فقط من الأعضاء ستكون تواقة للقيام بذلك. والحال أنه كلما طال تحمل القذافي تحت هجمات "الناتو"، كلما ازداد الضغط في واشنطن والعواصم الأوروبية للتعاطي معه عبر تكثيف الحملة العسكرية، أو تسليح الثوار، أو زيادة العقوبات وتدابير أخرى غير مباشرة، على أمل حمله على التنحي عن السلطة. جيمس ستافريديس، القائد الأميركي لقوات "الناتو"، طلب من أعضاء الحلف مزيداً من الطائرات الهجومية، وهو طلب أكد المسؤولون الأميركيون أن على أعضاء آخرين في التحالف تلبيته. والجدير بالذكر هنا أن قرار أوباما القاضي بالحد من الدور العسكري الأميركي ترك "الناتو" بدون "إيه 10 ثاندربولت 2" أو "إيه سي 130 سبيكتر"، وهي طائرات أميركية مصممة للدعم الجوي القريب للقوات البرية ولهجمات دقيقة ضد أهداف برية. ومع ذلك، فمن الواضح أن الحملة الجوية أضعفت جيش القذافي، كما أن هناك أيضاً مؤشرات على أن حكومته باتت تجد صعوبة في توفير الذخيرة والنقل والطعام للقوات في الميدان، بالنظر لمنطقة الحظر البحري التي تحول دون حصول القذافي على الإمدادات عن طريق البحر. كما يؤكد المسؤولون الأميركيون على أن آفاق بقاء القذافي في السلطة على المدى الطويل ليست جيدة، مشيرين إلى انشقاق عدد من كبار المساعدين، مثل رئيس المخابرات السابق وخسارة مليارات الدولارات من عائدات النفط التي كانت تستعملها. ولكن تلك المكاسب لم تُحدث تغييراً على ميزان القوة العسكرية. ذلك أن قوات الثوار التي صعدت إلى الواجهة في منتصف فبراير الماضي لتحدي 41 عاماً من حكم القذافي أثبتت أنها تفتقر للكفاءة على ساحة المعركة. كما أن قادة القذافي العسكريين، أو وحداته الرئيسية، لم ينشقوا عنه ويصطفوا إلى صف الثوار، مثلما كان يأمل بعض المسؤولين الأوروبيين. وفي هذا الإطار، يقول مسؤول أميركي رفيع: "نعتقد بالفعل أنه يجد صعوبة في شن حملة متواصلة، إلا أنه مازال أفضل تنظيماً من الثوار". ومن بعض النواحي، تخلت قوات القذافي عن ناقلات الجنود المدرعة التي تلفت إليها انتباه طائرات المراقبة، انتهجت هذه القوات أساليب التمويه وباتت تعتمد في تحركات الجنود على نفس مركبات "البيك آب" المهترئة التي يستعملها الثوار، بل إنها تقوم في بعض الأحيان برفع علم المعارضة قصد التضليل. والواقع أن تكتيكات الاختباء والتمويه هذه على خطوط المواجهة التي تتغير باستمرار هي التي سمحت لوحدات الجيش الليبي بالتقدم إلى مدينة أجدابيا الواقعة شرق البلاد مؤخرا قبل أن تُقصف وتجبر على الانسحاب للمرة الثالثة من قبل الثوار وضربات "الناتو" الجوية. ومع ذلك، فقد تعرض الثوار في أجدابيا الأحد الماضي مرة أخرى لهجوم من قوات القذافي باستعمال الصواريخ. ويقول "بارنو"، زميل "مركز من أجل أمن أميركي جديد"، وهو مركز بحوث في واشنطن: "كنا نتوقع أن يسارع القذافي إلى حزم خيمته والذهاب إلى مكان آخر، ولكن القوات الليبية سرعان ما تكيفت مع الضربات الجوية وأصبحت بسرعة تشبه المدنيين". ديفيد كلاود - واشنطن نيد باركر - بنغازي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©