10 سبتمبر 2008 01:02
تركز أعمال الفنان التشكيلي ابو بكر النواوي على رصد المساجد والقباب والمآذن ومداخل البوابات التاريخية القديمة والزخارف الهندسية والعرائس والخطوط والارابيسك والمشربيات وكل ما ينتمي إلى العمارة الاسلامية، فضلا عن البشر الذين يشكلون جزءا من نسيج العمل الفني· فهو يبحث عن القيم الإنسانية المشتركة بين الدين والفن، ويعتبر لوحاته ابتهالا يتقرب به الى الخالق·
و للنواوي استاذ التصوير بكلية الفنون التطبيقية، تجربة خاصة مع المساجد المنتشرة بشوارع القاهرة التاريخية وبخاصة تصويره للمآذن الشامخة والقباب ومداخل المساجد وعمارتها الداخلية والخارجية فهو يحرص منذ ما يزيد على 35 عاما على زيارة تلك الأماكن ليكتشف المزيد من جمال عمارتها وفنونها·
ويزين أعماله بألوان شفافة وواضحة كالاصفر المذهب والأحمر والأزرق والبني وتشعر بأن الفنان اضاف إليها من ثقافته وخبراته وقناعته بقيمة الفنون الاسلامية التي يستلهم منها اعماله
ويقول ان عشقه للفنون الاسلامية بدأ منذ اوائل سبعينيات القرن الماضي حين رافق ، الفنان الكبير حسن سليمان في زياراته لمنطقة القاهرة التاريخية ومثلت هذه الدراسة العميقة للفنون الاسلامية مدخلا مهما له كفنان تشكيلي فضلا عن تدين اسرته وقراءاته المتنوعة للكتاب العرب والاجانب وهو ما شكل عنده رؤية ناضجة للفن الاسلامي·
واضاف ان كل هذه الروافد ساعدته على اكتشاف جماليات الفن الاسلامي، ويحاول المزج بين قيم الدين والفن دون ان يجد تعارضا بينهما فالاثنان يكملان بعضهما ''فالفن الحقيقي يقرب إلى الدين لأنه يسعى لتأكيد قيم الخير والجمال وهي قيم اسلامية '' مشيرا إلى أنه يحاول ان يصور في اعماله مقدار الورع والتقوى والتدين في شوارع القاهرة الإسلامية بمبانيها وجدرانها وناسها · ويرى ان الفن مثل اي شيء قد يتجه إلى ما هو حلال أو إلى الحرام، فهناك فرق بين الفن الذي يقصد الإضرار بالناس واثارة الفتن وتشويه الحضارات والاساءة للانسان، والفن الذي يرسم الانسان والطبيعة ويتأمل الجمال الموجود بداخلهما· بل ان الرسم بكافة اشكاله وصوره يمكن ان يصل بالفنان إلى التقوى· ويحدوه الأمل في ان يكون عمله في الفن طوال هذه السنوات عبادة لأنه عندما يرسم الناس او الطبيعة او المساجد يتأمل ابداع الخالق ويكتشف أسرار هذه الاشياء من اجل الوصول إلى جمالياتها ويتساوى في ذلك منظر البحر والسحاب والشمس مع المساجد والمآذن والقباب وكافة صور العمارة الاسلامية التي تحمل فكرا عميقا
واضاف ان قناعته تلك تجعله يقف على ارض صلبة في مسألة الحلال والحرام·
يؤكد النواوي ان مهمة اكتشاف قيمة الفنون الاسلامية شاقة، فالعمل الفني بين يديه ليس مجرد بوابات ومساجد ومآذن ولكن خلف كل وحدة قيمة جمالية فالخطوط الهندسية محسوبة بدقة وكل الخامات لها قيمة متساوية، والزخارف الاسلامية قائمة على فكرة ورقة اللبلاب واصلها الدائرة والمثلث·
ويوضح ان هناك منهجا علميا رياضيا وهندسيا يتم بناء العمل على أساسه وبهذا فإن الفن الاسلامي ليس زخرفة فقط ولكن وراءه فكرا ووظيفة
ويشير إلى انه يحاول ان يحقق كل هذه القيم الفنية والجمالية في اعماله من خلال استلهام روح المكان المتمثل في مناطق القاهرة الاسلامية ومحاولة فهم وظائفها الجمالية والعقائدية وفك الرموز الموجودة بداخلها فالمساجد المنتشرة في شوارع القاهرة تشعر بأنها كائن حي له رأس وجسم، والمآذن تبدو كعروس مهذبة والتغزل في كل هذه القيم الجمالية امر مشروع·
ويؤكد النواوي ان تجربته الطويلة مع الفنون الاسلامية كشفت له عن تعرض تلك الفنون للظلم لأسباب عديدة جزء كبير منها يرتبط بمحاولة ابعاد للفن عن الدين الاسلامي، والنظر بسطحية للدين والجري وراء مقولات الغرب والتسليم بشأن ريادتهم للفنون دون ان يذكروا تأثرهم بفنوننا الاسلامية·
يقول '' تفاجئني ردود الفعل الايجابية عندما اعرض أعمالي الإسلامية في أوروبا واميركا و اقبال الناس، في حين لا نلمس اهتماما مماثلا بتلك الفنون الاسلامية في بلادنا
عدد اليوم
