السيد حسن (الفجيرة) - اختتم أمس ملتقى الفجيرة الرابع للإعلام العربي فعالياته والتي أقيمت على مدى يومين برعاية سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة تحت عنوان “الإعلام بين المصداقية والتضليل”.
وناقش خبراء الإعلام والمتخصصون العرب والأجانب أمس في ثلاث جلسات صباحية ومسائية تأثير الأحداث العربية المتشابكة على مصداقية الإعلام الحكومي، ومواقع التواصل الاجتماعي، من خلال استعراض عدد من التجارب والأمثلة الميدانية، ومطالب الجماهير من وسائل الاتصال الإلكترونية ووسائل الإعلام التقليدية الحكومية والخاصة.
وطرح خبراء الإعلام المشاركون في الجلسة الأولى أمس، العديد من التساؤلات حول العلاقة بين الإعلام الحكومي والخاص وشبكات التواصل الاجتماعي، وإمكانية خلق طرق مهنية مستحدثة تتسم بالموضوعية لإعلام الحكومات لكسب ثقة الجمهور من جديد.
وقال عبدالوهاب بدرخان الكاتب الصحفي بجريدة الحياة اللندنية، “هناك حكومات تحاول إخفاء الحقائق عن شعوبها وحدث ذلك في دول مايسمى بـ “الربيع العربي”، ويحدث الآن في دول أخرى لم تقع فيها ثورات، والمشكلة الكبرى أن الدول التي ثارت على أنظمتها لم تشهد أي تغيير في أجهزة الإعلام الحكومي الخاصة بها بل ظلت كما هي، تكون في حالة انكماش، إذا ما شعرت بالتأزم، ثم تبدأ في تقديم الآراء المعارضة والأخبار الموضوعية عندما تشعر بتراجع حالة التوتر والتأزم الحكومي.
الصحف الورقية
وحول الصحف الورقية، أكد بدرخان أنها في طريقها للتراجع والتآكل ولكن ببطء ولن يحدث هذا بين ليلة وضحاها، ولايزال للصحافة الورقية قراء من الجيل الحالي والقديم ممن يعشقون الورق بينما الأجيال القادمة ستقوم بقراءة الصحف عبر المواقع الإلكترونية.
وتابع بدرخان، أن الشعوب أصبحت حالياً تقود العملية الإعلامية من خلال قنوات التواصل الاجتماعي بكل أشكالها وألوانها حيث يقوم الملايين يوميا بكتابة الأخبار، وإرسال التغريدات بغض النظر عن مدى مصداقية الخبر أو المعلومة، وطالب بدرخان بتفعيل القوانين والدساتير المحلية العربية والدولية بفرض الرقابة على الشبكة العنكبوتية من حيث تأطير العقوبات الخاصة بأخلاق المجتمع وعاداته.
من جانبها، أكدت أسماء الحاج الإعلامية بفضائية القدس انه لا توجد أي مقارنة بين الإعلام الحكومي والخاص خاصة وأن الإعلام الأخير جاء في الأساس ليسد ثغرات موجودة في نظيره الحكومي.
وحددت الحاج عددا من التحديات التي تواجه الإعلام الحكومي في دولنا العربية منها الثورات العربية وما تنشده من أخبار موضوعية وصادقة تعكس الواقع، كما أن اتساع وعي المواطن العربي وتفتح مداركه على الكثير من الحقائق من طرق شتى أصبح تحديا آخر أمام الإعلام الحكومي، بخلاف تفاقم أزمة الثقة التي اتسعت هوتها كثيرا في السنوات الأخيرة بين الجمهور العربي وهذا النوع من الإعلام.
وعزت الحاج الفجوة بين الجمهور العربي وإعلامه الحكومي لتجاهله المشكلات المجتمعية، وابتعاده عن الهم العربي ومصداقية الخبر حيث إنه موجه لفئة محددة في المجتمع دون غيرها.
واتفق حسام عبدالهادي نائب رئيس تحرير مجلة روزاليوسف المصرية مع الرأي القائل، إن الإعلام الخاص هو شكل مختلف عن نظيره الحكومي ولكنه يصب في ذات المعنى والهدف وتساءل عبدالهادي من يملك هذا الإعلام الخاص، مشيراً إلى أنهم فئة محدودة من رجال الأعمال الذين لديهم مصالح حيوية في الوزارات والجهات الرسمية، وهي مسألة تبادل مصالح لإعلام خاص في الأصل يلعب دوراً مشبوهاً.
واتفق الإعلامي زاهي وهبي مع هذا الرأي مؤكداً أن هذا الإعلام المسمى بالخاص يعتبر إعلاماً حكومياً من الطراز الأول ولكنه قائم على خداع الجمهور، ونجح كثيرا في استقطاب الكثيرين إلا أنه تظل عليه علامات استفهام كثيرة.
زعامة الفيسبوك
وفي الجلسة الثانية التي أدارها الإعلامي زاهي وهبي ناقش خبراء الإعلام مصداقية مواقع التواصل الاجتماعي، وقال الدكتور ياس خضر البياتي أكاديمي وباحث بجامعة عجمان: “من الصعب وضع تعريف صحيح ودقيق للإعلام الحديث حيث يقول البعض إنه إعلام إلكتروني أو الشبكي أو الرقمي ولكن سيظل هذا النوع من الإعلام يتقدم بشكل سريع جدا بما يصعب معه وضع تعريف خاص به، مؤكداً أن مصداقية وسائل الإعلام لا يمكن أن تكون حقيقية إلا بعد أن توضع على المحك أوقات الصراعات والحروب.
من جانبها، قالت فاطمة بن محمود إعلامية تونسية إن الفيسبوك في الوقت الحالي أصبح زعيماً حقيقيا، ومن يمتلك الفيسبوك ويستطيع توجيهه يمكن له أن يتحكم في شريحة كبيرة جدا من الجمهور، وهنا الخطورة والأهمية الكبيرة للفيسبوك الذي نجح مؤخرا في إسقاط حاجز الخوف الوهمي لدى كثير من الشعوب.
وطالب الدكتور البياتي بضرورة التعامل مع المرحلة القادمة التي تلي مرحلة الفيسبوك لان التطورات التقنية كثيرة ومتعددة.
وأكد أمجد ناصر مدير تحرير جريدة القدس العربي أنه لا مجال للعودة إلى الخلف لأن العالم يتقدم وعلينا تطوير أنفسنا وتدريب كوادرنا واعتماد كافة الوسائل التكنولوجية في حياتنا.
%40 خليجيون
قال الدكتور سعد بن طفلة وزير الإعلام الكويتي الأسبق إن 40% من المنضمين الى “تويتر” على مستوى العالم من أبناء دول الخليج العربية، بما يؤكد التواصل القوي بين مواقع التواصل الاجتماعي وثورة المعلومات الجديدة والشعوب الخليجية.
وأكد ابن طفلة انحيازه لمستقبل مواقع التواصل الاجتماعي رافضا الآراء التي سيقت حول خطورة تلك المواقع في إحداث خلل في نظم الأسر العربية وتكاثر سلبيات تلك المواقع، مشيرا إلى انه شخصيا وعلى المستوى الأسري يشاهد ابنائه وهم يطالعون مواقع التواصل الاجتماعي ويناقشهم ويناقشونه ولا خوف منها ولكن المشكلة تأتي أحيانا في تلقي الخبر من تلك المواقع حيث إنك تتعامل مع المجهول فهناك أخبار تصدر عن أشخاص لديهم أسماء حركية لا يمكن أن تكون مصدرا لخبر صحيح وهذا الأمر يحتاج إلى نوع من الحذر في التعامل مع جديته أو مصداقيته. من ناحية أخرى، قال رياض نعسان آغا الكاتب الصحفي ووزير الإعلام السوري الأسبق إن ثمة خيط رفيع يربط بين الإعلام الحكومي والخاص ويكاد يكون الإعلام الخاص هو ذاته الحكومي أو ربما يكون الابن غير الشرعي له وقد نهجت الحكومات في العصور السابقة إلى تبني فكرة إقامة القنوات الإذاعية ثم التلفزيونية فيما بعد لتمرير أفكار وخطط وأجندات فشلت في تمريرها عبر القنوات الرسمية الحكومية.
عدد اليوم
