الفتوى بين أيدي الناس

تتعدد مصادر الفتوى في أي قطر ، نظراً لظروف كل بلد· ويقول أحد جهابذة الفتوى : لابد للمفتي من إدراك النص بطرفيه الكتاب والسنة ، وإدراك الواقع بعوالمه الأربعة : الأشخاط والأحداث والأفكار، والأحوال، ثم لإدراك الربط بين النص، وفهم الأئمة المجتهدين له، وعلى ذلك يمر الحكم الشرعي (الفتوى) بأربع مراحل: ؟ تصوير المسألة المسؤول عنها، وكيف تمت الواقعة، والتصوير الصحيح يؤدي إلى تكييف صحيح· ؟ تكييف هذه المسألة بعد تصورها وتصويرها، هل هي من العبادات أو المعاملات أو المناكحات، أو من القضايا والشهود، أو من العلاقات الشخصية والدولية · ؟ معرفة الحكم في مثل هذه المسألة التي كيفها المفتي بشيء معين · ؟ إصدار الفتوى التي تراعي جهات التغير الأربع : الزمان والمكان والأشخاص والأحوال ، كما تراعي في آن معاً المقاصد الشرعية والمآلات وما يترتب عليها من الخير والشر ،وأيهما أرجح وما يقدم منها وما يؤخر بحسب مصالح الناس· واختلاف المذاهب في تقرير الأحكام الشرعية ليس فيما بين المذاهب فقط، وإنما في دائرة المذهب الواحد، امر معروف لدى المتخصصين· وقد يستغرب غير المتخصص مثل هذا الاختلاف لاعتقاده أن الدين واحد، فلماذا التعدد في الأقوال؟ ولكن منبع الاختلاف هو تفاوت الأفكار والعقول البشرية في فهم النصوص واستنباط الأحكام وإدراك أسرار التشريع وعلل الأحكام الشرعية · ولذلك يوجد في كل دولة إسلامية دار للفتوى، بل في كل محافظة أو مدينة، يجيب فيها المفتون عما يسأل عنه الناس من الأمور العبادية المعتادة ، أما إن جد جديد في قضية معاصرة ، كنقل الأعضاء والتبرع بها، والهندسة الوراثية ، و قضايا الاقتصاد والاستثمار والمرابحات العصرية، فهذه تحتاج للاجتهاد الجماعي من خلال مجمع فقهي· بناء على ما تقدم فإن الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف هي إحدى المؤسسات الشرعية التي يمكنها أن تخدم الجمهور بالإجابة والفتوى عن كل ما يسألون عنه من الأمور العبادية ، كأبواب الطهارة ، و أركان الإسلام من صلاة وصيام وحج وزكاة ، وتترك ما يحتاج إلى قضاء ، كأسئلة الطلاق والخلع، ، بقية الأحوال الشخصية إلى لجنة الفتوى في المحكمة الشرعية · ومن هنا ــ وتسهيلاً لعملية التواصل فيما بين الفتوى والمجتمع فقد أطلقت الهيئة وتفعيلاً للخطة الإستراتيجية لها المركز الرسمي للفتوى في الدولة رقمه ( 8002422 ) يجيب من خلاله فقهاء متخصصون عن أسئلة الناس اليومية واستشاراتهم باللغات الثلاث العربية والإنجليزية والأوردية بالإضافة إلى خط خاص للرد على أسئلة النساء الشرعية ، ويجيب عن ذلك عدد من كبار العلماء والعالمات في الهيئة ، من الساعة 8 صباحاً حتى الثامنة مساءً خلال أيام الدوام الرسمي ، ويقوم هذا المركز باستضافة كبار العلماء الذين يزرون الدولة وخاصة في شهر رمضان للرد على أسئلة الجمهور، من خلال الهاتف المباشر أو من خلال الموقع الالكتروني· كما تم افتتاح نافذة للفتوى على الانترنيت على موقع الهيئة الالكتروني، إذ ترد الأسئلة عبره ثم تحول للعلماء المختصين يقوم بتحريرها ومراجعتها ثم إصدارها أصولاً ،و ترسل إلى السائل عبر بريده الالكتروني ، مع الحفاظ على الخصوصيات التي لا يجوز نشرها على الموقع العام · وهكذا تيسر الهيئة الفتوى الشرعية الموثقة للناس بكل السبل·