الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأشقر 3

الأشقر 3
10 سبتمبر 2008 01:04
فلما أجلت نظري في الجياد الشقراء، وتأملت غاية التأمل في هذه الجياد المحمودة ولمراعاة السجع أقول والمشكورة، وشاقني جولانها ما بين الشرق والغرب، وبهرني ما رأيت من حالها في السلم وسمعت عنها في الحرب، إذ بدت كقطع السوانح من الظبا، وساور بعضها البعض تحت ظلال الرماح والظبا، وقد رقصت كما رقصت فوقها قدود السمر، وتحالفت ألوانها في الحلبة ما بين بيض وسود وحمر، والمولى الضيا واسطة عقد فرسانها النضيد، وما غيره في ديوان ركابها المنظوم بيت القصيد، فإنه الفارس الذي يقر له فرسان العرب، فليسوا عنده إذاً عدواً بنبع ولا غرب، فما بسطام بن قيس، إذا قرن به إلا ذاهب بين لا وليس، وما عامر بن الطفيل إلا خارب، وما عتيبة بن الحارث بن شهاب إلا متوار من الخجل وهارب، لاشك أنه إذا لاعبه الملاعب التعبان، يقول له إياك من رمحه ومساورة الثعبان، كأنه على ظهر الخيل نابت، وكأنه لا محالة في بروج سروجها من النجوم الثوابت، لا يقع حافور مركوبه عند الطراد، إلا حيث شاء وقوعه وحيث أراد، فهو عندي، كما قال أبوالطيب الكندي: لو مر يركض في سطور كتابة أحصى بحافر مهره ميماتها فإنه ممن ولد على صهواتها، وممن إذا تبع سوانح الظباء لم تمطله بفواتها، فإذا عزم أن يتبعها بجواده، ووطن نفسه على أن يركض خلفها عند طراده، قال للغير والسوى: سجر النار للشوى، واعلم أني سآتيك بأطيبها في الطعم وأبلغها في السمن، وإذا لم أكن أنا المستأصل على سربها النافر فمن؟ ألا وإنه ممن ازداد به الميدان جمالا، وممن تصرف في الخيل كيف شاء حتى لو دفعها على الصراط لما مالت عنه يميناً ولا شمالا· لأن له بها أي غرام، فطالما قضى من عناق عنانها المرام، كم هام بكميت منها لا بكميت من الشراب الرقيق، وصبا إلى النهد الذي هو قنطرة المجاز لا النهد الذي من شأنه التحقيق، ما هو في الفضل إلا ابن أدهم وإن ركب عليه، وما هو في العبادة إلا مجذوب إلى طريقته وإن جذبه بالعنان إليه· ثم إني تطلعت من هذه الخيل على وفرتها واختلاف أنواعها وكثرتها، إلى مراكبه التي سروجها لبدره فلك، وجنائبه التي قالت لسان الحال لكل فرد منها أما السعادة فلك، لأنه كثير الخيول، التي تجر من زهوها الذيول، فيا عمرو لا تذكر عنده زيد الخيل أصلا، فإنه للنار غيظاً وحسداً في جوانحه أصلى، فكم سابق اقتناه ففضح نسيم الصبا، وكم سابح أعده فوجده كما قال بعض الأدبا: كم سابح أعددته فوجدته عند الكريـهة وهو نسر طائـر لم يرم قط بطرفه في غاية إلا وســابقــه إليها الـحافر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©