الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفلسطينيون واللاعنف

22 نوفمبر 2009 00:06
ليس النضال من أجل الحقوق المدنية والحرية والاستقلال أموراً فريدة بين الشعب الفلسطيني، فقد عبرت العديد من الشعوب السبيل نفسه، ولكن لدى الفلسطينيين اليوم ميّزة القدرة على النظر إلى الوراء والتعلم من هؤلاء الذين نجحوا في نضالهم. لدى حركة الحقوق المدنية الأميركية بالذات دروس مهمة بالنسبة لهؤلاء الذين يعملون من أجل إحلال السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين؛ وقد نجحت هذه الحركة في استخدام استراتيجيات اللاعنف لإنهاء التمييز الذي سمحت به المؤسسة القانونية في الولايات المتحدة. ما هي المبادئ التي يمكن للفلسطينيين تعلمها من الحركة؟ أسست حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة كفاحها على رسائل يصعب الاختلاف معها، حتى من قبل هؤلاء الذين لم يوافقوا على أهدافها وغاياتها؛ فقد ذكّر "مارتن لوثر كنغ" الابن على سبيل المثال، الشعب الأمريكي بواحد من المبادئ الأكثر أساسية في دستورهم: "جميع البشر ولدوا متساوين". وقد أبرز قانون الإنسانية ورفعه فوق القوانين التي صنعها الإنسان؛ وقد اعتبر أي قانون أو ممارسة تشوه سمعة كرامة الإنسان أو تحد من حريته غير طبيعي وغير أخلاقي؛ وقال إنه يجب عدم الرضوخ لهذه القوانين لأنها تلهم شعوراً زائفاً بالفوقية لدى عرق ضد عرق آخر، وقد تمكّن من دخول قلوب الناس من خلال التفاهم المنطقي معهم والتكلم بلغتهم. توجه "كنج" إلى أعمق مشاعر الشعب الأميركي، وأبرز أعلى مراتب ومعايير القيم الأميركية المذكورة في الدستور وكتابات الآباء المؤسسين، ولذا سُمِع صداها داخل قلوب وعقول الاميركيين. وهو ما يستطيعه الفلسطينيون للوصول إلى قلوب وعقول المواطنين اليهود في إسرائيل من خلال التوجه إلى آمالهم ومخاوفهم ومُثُلهم ومبادئهم، عبر الرجوع إلى الكتب الدينية والتقاليد اليهودية، ككلمات النبي إشعيا على سبيل المثال والتي تقرأ يوم الغفران: "أليس هذا هو نوع الصيام الذي اخترته: تفكيك قيود الظلم وحبال النير لإطلاق سراح المظلومين وكسر كل نير؟" وعبارة النبي موسى "أترك شعبي يذهبون" لفرعون تعد أكثر حدة من أي سيف. يتوجب على الفلسطينيين كذلك التوجه إلى ومناشدة مُثُل إسرائيل الديمقراطية، بما أن إسرائيل تحافظ على معتقدات الحرية وتقرير المصير الذاتي، يتوجب على الفلسطينيين كذلك أن يصرّوا على أن تطبق إسرائيل مُثلها، ويعني هذا إبراز أن الديمقراطية الحقيقية لا يمكن أن تسمح باحتلال الآخرين وظلمهم. اختار العديد من الفلسطينيين في السنوات الأخيرة اللاعنف كأسلوب للمقاومة، من خلال المظاهرات الأسبوعية ضد جدار الفصل الإسرائيلي إلى المقاطعة الاقتصادية والثقافية، غير أنها فشلت في التوصل إلى الجمهور الإسرائيلي في التيار الرئيس. فحركة الحقوق المدنية في أميركا كانت قد وجهت حملتها للأغلبية الصامتة الكبرى من المسيحيين البيض؛ لقد حان الوقت للفلسطينيين واليهود الذين يساندون الحرية أن يفعلوا شيئاً مماثلاً، وأن يهيبوا بإسرائيل بأن تحافظ على المبادئ التي تدّعي أنها تعتنقها. ويجب ألا تتم هذه المناشدة بالكلمات فقط وإنما من خلال الأعمال اللاعنفية الموجهة ضد إثارة رموز تصل إلى كل إسرائيلي ويهودي، من الجنود على نقاط التفتيش والحواجز إلى المستوطنين في الضفة الغربية إلى رجال الأعمال في تل أبيب. خاصة وأن النضال الفلسطيني شارك في العديد من مجالات التماثل مع التاريخ اليهودي؛ من الصراع من أجل البقاء إلى تجربة الشتات، رغب كل من اليهود والفلسطينيين بوطن آمن حر. نستطيع هنا كذلك أن نتعلم من حركة الحريات المدنية الأميركية؛ فقد كتب "مارتن لوثر كنج" في رسالته من سجن برمنجهام عن خيبة أمله، إلا أنه لم يدع خيبة أمله تصرف انتباهه عن هدفه النهائي؛ بدلاً من ذلك استمر في بناء الجسور بين هؤلاء الذين فرّقتهم جدران الخوف والتفرقة بل وحتى الحقد؛ وقد ساعد على صموده وإدامته إيمانه بأنه لا يحارب حرباً يمكن الفوز فيها أو خسارتها بالأسلحة التقليدية، وإنما نضال من أجل نصر الإنسانية على التطرف. يتوجب على الفلسطينيين، مثل الدكتور كنج أن يناضلوا ليس فقط من أجل الحرية وإنما الإنسانية لدحر الفصل والتحامل والإجحاف. مدير مشاريع الشرق الأوسط بمركز الديانات العالمية بجامعة جورج مايسون ينشر بترتيب مع خدمة "كومون جراوند" الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©