الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فاطمة المناعي حلقة الوصل بين الصم ومحاكم دبي

فاطمة المناعي حلقة الوصل بين الصم ومحاكم دبي
17 ابريل 2012
يواجه معاقون من فئة الصم والبكم مشكلة في عدم وجود من يفهم لغتهم، لغة الإشارة، في معظم الأماكن التي يتوجهون إليها وبالذات الدوائر والمؤسسات والوزارات التي لا بد أن يقصدونها لإنهاء معاملاتهم، فيصابون بإحباط وحرج وقد يقع عليهم الظلم من قبل موظفين يؤجلون معاملاتهم حتى يجدون من يفهم عليهم ما يريدونه أو يحضروا أحد أقاربهم الأسوياء لينوبوا عنهم، وهذا الأمر شجع فاطمة المناعي على تعلم لغة الإشارة لتصبح مترجمة قانونية في محاكم دبي بالإضافة إلى شغلها منصب أمين سر أول في إدارة التنفيذ في الجهة نفسها. (دبي) - وظيفة فاطمة المناعي ليست مجرد مصدر دخل بل هي رسالة إنسانية تخدم بها فئة الصم والبكم كل يوم في محاكم دبي، حيث دخلت المناعي مجالا لم يسبقها إليه أحد لتصبح أول مترجمة قانونية للغة الإشارة للصم والبكم في محاكم دبي، بالإضافة إلى عملها أمين سر أول في إدارة التنفيذ في الجهة نفسها. نقطة تحول على الرغم أن المناعي ليست من فئة الصم والبكم إلا أنها أحبتهم وأحبت لغتهم لدرجة أنها أرادت أن تكون صوتهم الذي يعبرون به، ففي عام 2006 تعينت المناعي في محاكم دبي في قسم الطباعة حيث كانت تقوم بطباعة الأحكام. وتوضح أنها استفادت من وجود عدد قليل من فئة الصم في المحكمة يعملون بمجال الأرشفة الإلكترونية الذين كانت تتحدث معهم بفترات الاستراحة عن طبيعة العمل ونحو ذلك، وبعدها بـ4 أشهر تم نقلها لتصبح مساعداً إدارياً في قسم المحامين والخبراء، وأخذ البعض يعتقد بأنها صماء كلما رأوها تتحدث مع هذه الفئة من المراجعين أو الموظفين، وأخذت تطرح اقتراحات على دائرة المحكمة بإيجاد استقبال خاص بهذه الفئة لتسهيل الإجراءات عليهم، حتى وقعت حادثة كانت سببا في منحها اعتمادا لم يمنح لغيرها في محاكم دبي، وهي أن تكون مترجمة قانونية محلفة ومعتمدة في محاكم دبي للغة الإشارة. إلى ذلك، توضح “كان لأحد المراجعين الصم معاملة في المحكمة ويود استخراج أو تصديق بعض الأوراق فاستعانوا بي لإفهامهم ما يريده وانتهت معاملته في زمن قصير دون الحاجة للاتصال بمترجم وتأجيل معاملة هذا الشخص، وهذا الموقف جعل مديرها السابق يقترح بأن أحلف قانونيا وأكون مترجمة معتمدة للغة الإشارة في محاكم دبي فرحبت بالفكرة، ولكن كعمل تطوعي يضاف إلى مهامي الرئيسية كإدارية في قسم المحامين والخبراء، وتم ذلك في سنة 2007 حيث ألقيت اليمين القانونية أمام رئيس المحكمة المدنية القاضي عمر عتيق المري، لأكون بذلك أول مترجمة للغة الصم لذوي الاحتياجات الخاصة – فئة الصم والبكم بمحاكم دبي”. مهام الوظيفة تشير المناعي إلى أنها ترقت إلى وظيفة أمين سر أول في إدارة التنفيذ إذ تعد مهامها في هذه الوظيفة بمثابة معاون قاض، وتقوم بموجبه باستلام الطلبات بمختلف أنواعها من المراجعين وإدخالها على الكمبيوتر ومن ثم على القاضي ليكتب قراره عليها، ومن ثم تقوم بكتابة هذا القرار وتسجيله للتنفيذ، وعبر عملها كمترجمة قانونية للغة الإشارة تقوم بترجمة ما يقوله القاضي للشخص الأصم وما يطرحه عليه من أسئلة وبالعكس ما يرده عليه الآخر من إجابات دون زيادة أو نقصان، كما أن طلبها للترجمة لا يقتصر فقط على قاعات المحكمة بل تتعاون مع شركاء المحاكم أيضا مثل الإصلاح الأسري، ومراكز الشرطة، ونيابة المرور والمستشفيات، وتقوم كذلك بترجمة الدورات والمؤتمرات لفئة الصم والبكم، هذا بدوره أكسبها كما عبرت الإتقان بأداء المهارات الحركية التي تتطلبها تلك اللغة وكذلك سرعة البديهة والدقة في توصيل المعلومة، ودفعها إلى تطوير مهاراتها لتصبح قادرة على الإلمام بلغة الإشارة باللغتين العربية والإنجليزية، وإن لم يكن إتقانها للإنجليزية يضاهي العربية وذلك لعدم وجود معاهد تساعدها في ذلك بل مجرد محاولات فردية تعلمتها عبر الإنترنت، علاوة على أن هذه المهنة أكسبت المناعي السعادة نتيجة لتعرفها وزوجها على عدد كبير من فئة الصم، وتكوين صداقات معهم ولشعورها بأنها تمد لهم يد العون والمساعدة من خلال عملها. تميز ومبادرة حصلت المناعي على جائزة التميز في محاكم دبي في مجال الموظفين الجدد، وتأهلت لجائزة دبي للأداء الحكومي المتميز لكن لم يكن الفوز حليفها وإن كانت تعتبر ترشحها فوزا بحد ذاته. أما الإنجاز الأكبر فهو حصولها على الاعتماد القانوني للترجمة لدى محاكم دبي، كما قدمت العديد من الدورات في تعليم لغة الإشارة وذلك في مختلف الدوائر الحكومية مثل دائرة السياحة، والقيادة العامة لشرطة دبي، والطيران المدني، وملتقى العائلة، ومحاكم دبي وغيرها الكثير، كما حصلت على دروع وهدايا تذكارية وشهادات بالمشاركة. والمناعي عبر علاقتها بالموظفين والموظفات الصم العاملين في المحكمة ويبلغ عددهم 18 مواطنا ومواطنة بعد أن لاحظت خجلهم في التعامل مع الناس، اقترحت على دائرة المحكمة أن يتم تكوين فريق نسائي للصم يقمن خلاله بعمل فعاليات والمشاركة بالمؤتمرات والأنشطة التي تقيمها المحكمة وغيرها من مؤسسات المجتمع ويتواصلن بالزيارات مع بعضهن البعض، وتبنت المحكمة فكرتها وتم تكوين أول فريق نسائي للصم وأسموه فريق “تحدي الإعاقة”، له رئيس ونائب وعضوات، أما المناعي فهي الأمين العام للفريق. كما تطمح المناعي إلى أكثر من ذلك فهي تتمنى أن تتمكن يوما من إطلاق قناة فضائية خاصة بالصم، وتأهيل مترجمين للعمل فيها، وأن تصبح أول خبيرة للغة الإشارة في محاكم دبي. من الحب ما علّم حول بداية تعلمها لغة الصم، تقول المناعي “حلمت في صغري أن أكون رسامة أو شاعرة وذلك لأنني كنت أعشق الرسم وأمارسه منذ سن مبكرة وكذلك كتابة الأشعار والخواطر، ولم يخطر ببالي أن أصبح مترجمة إطلاقا، بل لم أعرف لغة الإشارة يوما ولم أصادف بحياتي شخصا أصم أو أبكم، وقبل انتهائي من الدراسة الثانوية تم عقد قراني على ابن خالي وهو مترجم لغة الإشارة في نادي دبي للرياضات الخاصة الذي لا يعاني من أي إعاقة لكنه تعلم لغة الإشارة منذ كان عمره 13 سنة من صديقه المقرب إليه بعد إصابته بمرض أفقده السمع والنطق، حيث أحب هذه اللغة من حبه لصديقه وإصراره على أن يكون معه دائما”.وتتابع “فكرة تعلمي لغة الإشارة بدأت منذ خطوبتي عام 2002 حيث عمد زوجي الذي كان خطيبي في تلك الفترة إلى تعليمي هذه اللغة لتكون لغة تخاطب سري بيني وبينه لا يعلمها أحد ممن يجلس معنا، وذلك بحكم العادات والتقاليد التي كانت تقضي بأنه من العيب انفرادنا ببعض خلال فترة الخطوبة إلا بوجود أحد معنا، فقام بتعليمي بعض كلمات الحب أولا وبعض الإشارات البسيطة، فشدني ذلك إلى هذه اللغة وأخذت أتعلم بمفردي عن طريق الإنترنت والسي دي”. تشير المناعي إلى أنها بدأت تتقن لغة الإشارة بعدما بدأت العمل كسكرتيرة في نادي دبي للرياضات الخاصة حيث احتكت هناك بفئة الصم والبكم وفي الوقت نفسه انتظمت في دورة خاصة بلغة الإشارة في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية. وحصلت على شهادة تثبت جدارتها في التحدث بلغة الإشارة، وفي السياق ذاته، تقول “لم أبدأ مشواري المهني كمترجمة بل كسكرتيرة في نادي دبي للرياضات الخاصة، وبعد فترة حملت ولم أستطع إكمال عملي، وفي الوقت ذاته لم أنقطع عن النادي حيث بقيت أعمل كمتطوعة، لأكتسب الخبرة من التعامل من الصم والبكم حيث أخذت أذهب معهم إلى البطولات الخاصة بهم وأقابل الصم مع جميع الدول العربية وحتى الأوروبية، وأتفاهم معهم بلغة الإشارة وأكون حلقة وصل بينهم وبين من يريد التواصل معهم، هكذا حتى ازدادت خبرتي يوما بعد يوم”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©