الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ترامب.. والسياسة الضريبية

17 أكتوبر 2016 10:48
لقد بات واضحاً الآن لكل ذي عينين، أن دونالد ترامب إنسان جاهل، وغير أمين على الإطلاق، وكثير الأخطاء، وغير ناضج، وبلطجي مغرم بذاته لحد الهوس، علاوة على أنه إنسان فظيع، ولا يُطاق في الآن ذاته. ولكن اللافت للنظر، مع ذلك، أنه باستثناء بعض الانشقاقات من جانب «جمهوريين» رفيعي المستوى، فإن معظم الشخصيات الكبيرة في الحزب «الجمهوري» مثل «بول رايان» رئيس مجلس النواب و«ميتش ماكونيل»، زعيم الأغلبية «الجمهورية» في مجلس الشيوخ- ما زالوا يدعمونه في كل ما يقوله.. فما السبب الذي يدعوهم لذلك؟ من الإجابات التي يمكن تقديمها في معرض الرد على هذا السؤال، أن هؤلاء لم يكونوا أبداً رجالاً ونساء أصحاب مبادئ. أقول هذا، وأنا أعرف أن الكثيرين في وسائل الإعلام، ما زالوا مصممين على تصوير رايان بالذات، في صورة الرجل الأمين الجاد في سياساته، على رغم أن اقتراحاته السياسية، كانت نموذجاً واضحاً تماماً للخداع. هناك إجابة أخرى لهذا السؤال، وهي أنه في عصر يتسم بالحزبية الشديدة، فإن أخطر ما يمكن أن يواجهه السياسيون الجمهوريون، ليس الخسارة في انتخابات عامة، وإنما الخسارة أمام متحدٍّ متطرف في انتخابات أولية، وهو ما يجعلهم خائفين من إغضاب ترامب، الذي يساهم قبحه في تصريف المشاعر الحقيقية لقاعدة الحزب. ولكن هناك إجابة ثالثة يمكن تلخيصها في رقم واحد هو: 34 ما الذي يعنيه هذا الرقم: إنه تقدير مكتب الميزانية في الكونجرس، لمتوسط معدل الضريبة الفيدرالية المتحصلة من نسبة الـ 1 في المئة الأكثر ثراء في المجتمع الأميركي عام 2013، (آخر عام جرى إحصاءه)، وهو الرقم الذي مثل ارتفاعاً مقارنة بمعدل تلك الضريبة عام 2008 والذي كان قد بلغ 28.2. وسبب هذا الارتفاع هو أن الرئيس باراك أوباما قد قرر انتهاء سريان التخفيضات الضريبية على الأثرياء، التي كان جورج دبليو بوش قد سمح بها، وفرض ضرائب جديدة لتوفير التمويل اللازم، للتوسع الدراماتيكي في التأمين الصحي، وفقا لقانون الرعاية الصحية بأسعار معقولة. ما أدى إلى أن الضرائب المفروضة على الأغنياء قد ازدادت في الحقيقة عما كانت عليه. إذا ما فازت هيلاري فإن الضرائب على الصفوة، سوف تظل على نفس هذا المستوى-على أقل تقدير- وقد ترتفع بصورة كبيرة، إذا ما أبلى الديمقراطيون بلاء حسناً، في السباق الانتخابي لمجلسي الكونجرس بما يمكنهم من تمرير تشريع جديد بهذا الشأن. أما إذا ما فاز ترامب «الشعبوي»، فإن الضرائب على الأغنياء ستنخفض انخفاضاً كبيراً، خصوصاً إذا ما أخذنا في الاعتبار في هذا السياق، أن ترامب يدعو إلى إلغاء ضريبة التركات التي لا تؤثر في الوقت الراهن سوى على عدد محدود للغاية من التركات. ورؤية ترامب بشأن هذه الضريبة، تتفق مع رؤية المؤسسة الجمهورية فقد قال واحد من كبار المتبرعين للحزب وهو «ساهل كابور» في تصريح لبلومبيرج «إن التخلص من ضريبة التركات هو محور حركة المحافظين»! هل يجب أن نكون مصدومين من رغبة كبار الجمهوريين في عقد هذه الصفقة؟ حسناً، يجب أن نكون مصدومين. ولكن يجب ألا نندهش، لأن ما نراه ليس سوى امتداد لما يعرف بصفقة الشيطان، التي دأب الاقتصاد اليميني على عقدها على مدى عقود، بدءاً من عهد ريتشارد نيكسون واستراتيجيته المعروفة بـ«الاستراتيجية الجنوبية». لا تعتمدوا على ما أقوله في هذا الشأن، وإنما استمعوا لما يقوله محافظون وصلوا إلى آخر حدود قدرتهم على الاحتمال: فمؤخراً، قال «أفيك روي» خبير السياسة الصحية الجمهوري البارز، ما كان الليبراليون وعلماء السياسة يحاولون قوله لسنوات، وهو أن مركز ثقل الحزب «الجمهوري» في واقع الأمر هو «القومية البيضاء»، أي التعصب للبيض. * كاتب أميركي حاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2008 ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©