الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مجاراة الموضة أم إعلان تحد؟

مجاراة الموضة أم إعلان تحد؟
10 سبتمبر 2008 23:25
أن يعبر الفلسطيني عن نفسه وعن رأيه فيما يجري حوله ويتعلق بحياته ومصيره ومستقبل وطنه، مسألة ليست عادية في مجتمع محاصر بالاحتلال وبالاختلاف السياسي العميق بين فصائل مجتمعه المتنوعة·· وأن تمارس الفلسطينية نفس هذا الحق، وفي نفس الظروف، فإن المسألة تحتاج إلى كثير من الجرأة واختراق الممنوع ورفع رايات التحدي· وبغض النظر عن المتاح من الحقوق والواجبات في مجال حرية التعبير وشروطها، فإن التطور التكنولوجي وفر للفلسطيني والفلسطينية أيضاً أداة فعالة للكتابة والتعبير والقول بعيداً عن اشتراطات الرقيب أو حدود القوانين التي تعبر غالباً عن مصالح· مثلت شبكة الإنترنت لكثير من الفلسطينيين ملجأ لممارسة حرياتهم، وغدت ''المدونات'' التي ينشئونها ويكتبون على صفحاتها الالكترونية، أكثر تأثيراً في بعض الأحيان من الصحافة الورقية· وقد لوحظ انضمام الجنس الأنثوي بقلة وبحذر إلى مجتمع تامدونات التي تمثل ''مدونات أمين'' أساسه في فلسطين، حيث يعد المجتمع الفلسطيني مجتمعاً مقولباً أي يضم الكثير من التيارات السياسية والانتماءات الفصائلية إضافة إلى الأنماط الاجتماعية المختلفة والتي تتباين من محافظة فلسطينية إلى أخرى، ولكن رغم هذه القولبة فإن الأقلام الأنثوية حاولت أن تدس نفسها في مدونات يغلب عليها القلم الرجالي فظهرت عدة مدونات فلسطينيات نستعرض بعضهن على سبيل المثال: تقول أماني السراحنة وهي مذيعة في قناة تلفزيونية محلية: المدونة فرصة للحفاظ على المنتج وحفظه من الضياع بالإضافة إلى أنها تشكل منبراً لا يستهان به لطرح وجهة نظرها اتجاه التطورات· وبالتالي فإن المدونة هي أرشيفي الذي أعود إليه في أي وقت· حصان وفضاء أما رولا وهي طالبة في كلية الإعلام وتبلغ من العمر 21 عاماً وتتخذ الحصان شعاراً لمدونتها التي تحمل اسمها ''مدونة رولا'' فقد تحدثت عن تجربتها فقالت إنها اختارت شعار الحصان لأنه يشعرها بالحرية والانطلاق وهكذا مدونتها، التي لاقت الكثير من التشجيع من داخل الأسرة ومن زملاء الجامعة· وأضافت إنها اكتشفت المدونات عن طريق الصدفة وأعجبتها الفكرة حيث إن المدونة تشمل كل كتاباتها الأدبية بشكل جميل بالإمكان الوصول إليه بكل سهولة ويسر، بدلاً من النشر المتفرق على المواقع الإلكترونية والمنتديات التي قد لا تعطي للموضوع أهميته· وتقول أردت أن أنشر كتاباتي في فضاء واسع يتعدى حدود مدينتي الصغيرة الضيقة، وهذا يخدم رسالتي في الكتابة، حيث أصبح لدي في المدونة قراء متابعون لجديد كتاباتي مما ساعدني وشجعني على المواصلة والاستمرار· جرأة بلاحدود أما المتصفح لمدونة نداء أبو حمدية ـ وقد قامت بانشاء مدونتها قبل عام تقريبا ـ فإنه يجد نفسه أمام فتاة متمردة وناقدة تطرح من خلال مدونتها ما لا تستطيع طرحه مثلاً في مكان عملها وهو المركز الفلسطيني للبحوث والإعلام والتنمية، فهي تناقش بجرأة كبيرة قضايا كثيرة مثل: حق الرجل في الزواج بأخرى وصبه كل عيوب الدنيا فوق رأس الزوجة الأولى وهذا ما لا يتاح للمرأة الفلسطينية بوجه عام وللعربية بشكل عام لأن المرأة عموماً يجب أن ترضى بحظها وأول بختها كما تقول، ولا تنسى نداء أن تعرض آراءها السياسية حتى أنها تنتقد الرئيس أبو مازن بأسلوب ساخر أو معاتب ولا تخشى شيئاً لأنها تكتب في مدونتها ''الإقليمية''· أسيرة محررة عطاف يوسف تؤرخ رحلة نضالها الطويل خاصة أنها كانت أسيرة سابقة ولسنوات في سجون الاحتلال الاسرائيلي فهي تؤرخ لحياتها من خلال مدونتها وتكتب عما يؤرقها من خلال زاويتها، هموم عادية لامرأة عادية تعمل في مجلة نسائية محلية ولكنها تنشر هذه المواد في مدونتها ليتاح للعالم قراءة سريعة لمعاناة المرأة الفلسطينية· حب ضائع ''ماء السماء'' اسم مدونة لكاتبة اسمها سما ملحيس ولكنها لم تستمر في مدونتها أكثر من ثلاثة أشهر، ورغم ذلك لاقت المدونة إقبالاً ملحوظاً خاصة أنها تحدثت عن مشاعر رقيقة لفتاة تحب تحت القهر والاحتلال والاضطهاد! مابدي أخجل أما أصغر مدونة فلسطينية وهي من غزة بالتحديد فهي مدونة شوشو الصغيرة وصاحبتها اسمها شيماء وتبلغ من العمر 15 عاماً وتقول: اقتحمت عالم الكبار وأريد أن أقول كل شيء لكي يسمعني كل العالم، وأريد أن أعرف هل أنا في هذه السن صغيرة أم كبيرة، والأهم أريد أن يعرف العالم الحرمان الذي يعيشه الإنسان في غزة وخاصة الفتيات ممن هن في سني، ولذلك فإن القاعدة الأولى في مدونتي هي ''مابدي أخجل·· مابدي أخاف''· قلم من بين القضبان ''اخترت أمومتي'' عنوان مدونة لقاصة من غزة تكتب تحت اسم مستعار وتضع صورة امرأة باكية كواجهة لمدونتها وقد اتخذت من مدونتها كما تقول أضعف الإيمان لكي توصل صوت امرأة عربية وفلسطينية وغزية للآذان الذكورية التي لا تريد ان تسمع ولكنها تقرأ وتحتفظ برأيها لنفسها، ولذلك فإنها تكتب في مدونتها بقلم من بين القضبان· وتعرض ربيحة علان، وهي باحثة فلسطينية وكاتبة وصحفية، في مدونتها الكثير من الآراء الحرة والتعليقات على التغيرات الاجتماعية التي تحدث في الوطن وخاصة فيما يختص بالعادات والتقاليد، وقد عمدت إلى نشر الكثير من المقتطفات التراثية التي تمجد النضال الفلسطيني وتعزز روح الوحدة الفلسطينية ومنها هذه الأهزوجة الرائعة التي تمجد نضال غزة: ''آه هي·· يا بو سمهدانة مين قدك ومين ودك آه هي·· يا جنات آه هي·· قولوا لغزة تسلم أياديها آه هي·· يا رافعة روس العرب بمدنها وبواديها الخلد بتتباها بدخلتك آه هي·· يا حبيب الطفل في حضن إمو آه هي·· جيل جديد وساير على دربك''· المدونة راية حق من جهته ينظر الكاتب الصحفي توفيق أبو شومر إلى ظاهرة المدونات الالكترونية على أنها إفراز من إفرازات العالم الرقمي· ويقول: إذا كانت ظاهرة المدونات ترمي إلى فتح أبواب الحوار الثقافي فإنها ستكون مفيدة جداً لأنها تعتمد لغة تزاوج الأفكار وتلاقحها وهي بالتالي ظاهرة ثقافية حديثة ستعتبر بديلاً عن الورقيات التقليدية· ويؤكد إن كل مدونة ثقافية واعية لابد وان يكون وراؤها عقل مفكر أو هيئة تضامنية ثقافية واعية· ويحذر أبو شومر من أن تتنافس المدونات على الهبوط الثقافي لأنها ستعتبر إساءة للثقافة وتشويهاً متعمداً للنهضة الالكترونية· أما نظرته للمدونات الأنثوية فهو يرى أنها خطوة على الطريق لكي تأخذ المرأة الفلسطينية مكاناً لقلمها بين الكثير من الأقلام الرجالية· ومن خلال زيارته لعدد من المدونات الأنثوية يرى أن بعضها مبشر لمولد روائيات وأن كتاباتهن رايات في وجه الظلم والقهر والاستعباد الواقع على المرأة العربية عموماً وليس المرأة الفلسطينية خاصة فمهما حاولوا تكميم صوت المرأة لابد أن يخرج إلى الفضاء بكل ما يحمل من ألم ومرارة وتمرد· حرية الكلمة ويتحدث الصحفي خالد أبو عكر المدير التنفيذي لشبكة الإنترنت العربي ''مدونات أمين'' كأول شبكة مدونات فلسطينية الكترونية فيقول: إن الموقع بدأ في تاريخ الثالث والعشرين من تموز في العام 2007 وأصبح عدد المدونات حتى الآن 573 مدونة ويغلب على معظمها الطابع الذكوري، وإن عدد المدونات الفلسطينيات قليل جداً ولكن العدد القليل هذا لافت للنظر بشكل كبير خاصة وأن الإناث يضفين لمساتهن الناعمة على تصميم وعرض مدوناتهن، والمجال مفتوح لاستيعاب مدونات أخريات فالمدونة منبر حر بلا تمييز أولاً وأخيراً·
المصدر: غزة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©