الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شعراء مُولهون بالكُنافة والقَطائِف والزلابية

شعراء مُولهون بالكُنافة والقَطائِف والزلابية
10 سبتمبر 2008 23:28
استقبل المسلمون في المدن العربية والإسلامية شهر رمضان الكريم، وسارعوا إلى شراء المواد الغذائية والحلوى لتحضير الأكلات الرمضانية الخاصة بهذه الأيام المباركة لشهر الصبر والتقوى والفلاح شهر المغفرة والمواساة· ومن معالم شهر رمضان إقبال الناس عامة على تناول الحلويات بأنواعها سواء المعروفة في المدن العربية كالبقلاوة والزلابية، أو الكُنافة والقَطائِف، أو لُقيمات القاضي، وسواها من الحلويات الشعبية على مختلف تسمياتها الأخرى· عُرِفَت الكُنافة والقَطائِف منذ أمد بعيد، فقيل إنها قدمت أول ما قدمت إلى الخليفة الأموي سليمان بن عبدالملك ليتسحّر بها، وكان ذلك في أول المائة الثانية للهجرة وقد صنعها له طهاة مدينة حلب· ولعلّ حبّ النّاس والصائمين للكنافة والقَطائِف حبٌّ توارثه الآباء عن الأجداد واحتلت مكاناً ملحوظاً وبارزاً في ديوان الشعر العربي، حيث كانت من أنواع الحلوى التي قلما تخلو منها موائد الصائمين في شهر رمضان أيام حكم الفاطميين لمصر· ولم يقف حديث الأدباء وقصائد الشعراء عن الكُنافة عند حد وصف موائدها بل تعدى ذلك إلى الحب·· حب الكُنافة والهيام بها والتغزل فيها حتى صار لها من العاشقين من خلد ذكرها وخلدته هي! كُنافة ابن الجزّار فكما نعرف حبّ قيس لليلاه وتدلّه جميل ببثينة وغناء ابن زيدون بولاّدة·· فقد أحب أبوالحسين يحيى الجزار الكُنافة حباً مَلَكَ عليه بطنه وكل مشاعره، فتغزل فيها وهام بصوانيها· وكان الشاعر الجزّار لا ينتظر قدوم شهر الصيام ليصوم ويتعبد ولكن ليملأ الدنيا غزلاً بكنافته، فهي فتاة أحلامه والمعشوقة التي ترميه بالغدر، وهو المعذب الذي يتعجب كيف ترميه وتتهمه بالهجران، وهو الحافظ للودِّ، الأمين على العهد ويقول فيها: وَمَالِي أرَى وَجْهَ الكُنافة مُغْضِباً ولولا رِضَاها لم أرِدْ رَمضَانَها عَجِبتُ لها في هَجْرَها كيفَ أظهرَتْ عليَّ جَفاءً صَدَّعنِّي جِفَانَها تُرَى اتْهَمتَني بالقَطائِف فاغْتَدَتْ تَصُدُّ اعتقاداً أنّ قلبي خَانَها وقد قَاطَعَتَنِي ما سَمِعْتُ كلامَها لأنّ لِساني لم يُخاطِبْ لِسَانَها ولمّا لم يجدْ الشاعر بُغيته في الكُنافة فقد راح يبكي لياليها الحِسان فقال: سَقَى اللهُ أكْنَافَ الكُنافة بالقَطْرِ وَجَادَ عليها سُكَراً دائمَ الدّرِّ وتبّاً لأيامِ المُخَلَلِ إنّها تَمُرُّ بلا نَفْعٍ وتُحْسَبُ من عُمْرِي وَلِي زَوجةٌ إنْ تُشْتَرى قاهِريّةٌ أقولُ لَها ما القَاهِريّةُ مِنْ مِصْرِ كذلك طلب الإمام البوصيري كنافة من القاضي عماد الدين بن أُبَي، فكتب إليه رقعة فيها قوله: ما أكَانا في ذا الزَّمانِ كُنَاَفه آهٍ ما بُعْدَها عَليّ مَسَافَه قَالَ قَومٌ إنّ العِمادَ كريمٌ قُلتُ هذا عِندي حَديثُ خُرَافَه أنَا ضَيفٌ لهُ وقد مُتُّ جُوعاً ليتَ شعري لِمْ لا تُعَدُّ الضِّيَافَه وَهُو أنْ يُطعِمَ الطَّعامَ فَمَا يُطعمُ إلاّ لَسَمهةٍ أو مَخَافَه وَهُو في الحَرِّ والخَريفِ وفي البيتِ بِجَمعِ الحُطامِ كالجَرافَه فاعلِمُوه عنّي ولا تعتِبُوني أنّ عندي في الصَّوم بَعدَ الحَرَافَه فَهُو إنْ لضمْ يخرُج قَليلاً إلى الحَا ئِطِ في لَيْلَتِي طَلَعْتُ القُرافَه القَطائِف دِثار مَخْمل كان للقطائف نصيب في الأدب العربي، فالقَطائِف في لسان العرب: طعام يُسوى من الدقيق المرق بالماء؛ شبهت بخمل القطيفة التي تُفرَش· وعند الجوهري في الصحاح: القطيفة: دِثار مخمل، والجمع قطائف وقطف أيضاً مثل صحيفة وصُحف، كأنّها جمع قطيف وصحيف، ومنه القَطائِف التي تؤكل· وقد أكثر الشعراء من وصف القَطائِف، يقول أبو هلال العسكري عنها: كثيفةُ الحشوِّ ولكنَّها رَقِيقةُ الجِلدِ هَوَائيّه رُشّت بِمَاءِ الوَرْدِ أعْطَافُها مَنشورةُ الطيِّ ومَطوِيّه كأنّها مِنْ طِيبِ أنفاسِها قد سُرِقَت من نشرِ ''ماويّه'' جَاءَت منِ السُكَّرِ فُضيّة وهي من الأدْهانِ تِبريَّه واستخدم الصفدي التضمين في قصيدته عن القَطائِف التي جاء فيها: رَعَى اللهُ نُعْمَاكِ التي منْ أقلَها قطائفُ مِنْ قَطْرِ النباتِ لها قَطْرُ أمُدُّ لها كَفِي فأهتزّ فرحةً ''كما انتفضَ العُصفُورُ بلَلَهُ القَطْرُ'' وأنشد السرّاج الورّاق للقطائف فقال: قَطائِفُكَ التي رَقّت جُسُوما لماضِغِها كما كثفت قُلُوبا كغَيْمٍ رَقّ فيهٍ قَطْرٌ غَدَا القَفْرُ الجَدِيبُ بهِ خَصِيْبَا ولبعض الشعراء في تفضيل القَطائِف على سائر الحُلْويات قوله عنها: هاتِ القَطائِف ها هُنا فالصَّومُ حَبَّبَها لَنَا قَدْ كانَ يأكلُها أبي وأخي وأكرَهُها أنا لكننِّي مُذْ ذُقتها ذُقتُ السَّعادة والهَنَا وقد فضلّ الشاعر سعد الدين بن عربي القَطائِف على الكُنافة بقوله: قَالَ القَطائِف للكُنَافَةِ ما بَالِي أرَاكِ رقيقةَ الجَسَدِ أنا بالقُلُوبِ حلاوتِي حُشِيَتْ فتَقطَّعي مِنْ كَثْرَة الحَسَدِ الزَلابية شبابيك الذهب تعتبر الزلابية من الحُلْويات التي يقبل على تناولها الصائمون طيلة شهر رمضان، ويختلف لونها بين الأصفر أو الأحمر وتكون بأحجام مختلفة، والزلابية في اللغة: حَلْواء معروفة، وهي عربية الأصل لأنها وردت في أحد الأراجيز الشعرية العربية القديمة· ولكن لم نهتدِ إلى أشعار وافرة عنها في الأدب العربي، فقد قال عنها ابن شهيد الأندلسي على لسان فقيهٍ شَرِهٍ في وصف الزلابية فقال:'' ورأى الزلابية، فقال: ويلٌ·· أبأحشائي نُسِجَت، أم من صفاقِ قلبي أُلِّفَت؟ فإننّي أجد مكانها من نفسي مكيناً· وحَبْلُ هواها على كَبِدِي متيناً· فمن أينَ وَصَلَت كَفُّ طابخها إلى باطنِي، فأقتطعها من دواجِنِي، والعزيز الغفّار، لأصليها بالنار''· ووصف الشاعر ابن الرومي الطباخ الذي يُقلي الزلابية، فقال: وَمُستَقَرٍ على كُرسيِّهِ تَعِبٍ رُوحي الفِداءُ لَهُ من مُنصِبٍ تَعَبِ رأيتُه سَحَراً يُقلِي زَلابِيةً في رقّةِ القِشْرِ، والتَجْوِيفِ كالقَصَبِ يُلْقِي العَجِينَ لُجَيْنَاً مِنْ أنامِلِه فَيستَحِيلُ شَبَابِيكاً مِنَ الذَهَب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©