الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

متون

متون
10 سبتمبر 2008 23:43
فريد زكريا يقدم إجابتين عن السؤال: نعم ولا·· هل هناك منافسون لأميركا؟ ؟ واشنطـن لم تعـد متفوقة على باقي القوى الصاعدة فـي المبانــي الشاهقــــة أو مبيعات الأفلام أو عدد التليفونات الخلوية ؟ النمـو الاقتصادي للعديد من القوى الصاعدة يُمكنها مـن أن يكــون لهــا تأثيــر سياسي فضلاً عن التفاخر والعزة القومية ؟ أطــول مبنـــى فــي العالــم يوجد في تايبي وأغني رجل في العالم مكسيكي وأكبر مجموعة تجارية عامة صينية تشغل بال صانعي القرار الأميركي والمفكرين الاستراتجيين أسئلة كثيرة من قبيل: كيف ستتعامل الولايات المتحدة مع التغير الجوهري في بنية النظام الدولي الحالي الذي تتربع على قمته بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق؟ وهل ستظل الولايات المتحدة فاعلا في هذا النظام أم سيتراجع دورها؟ وهل هذا النظام الجديد سوف يضر بالمصالح والمكانة الأميركية عالمياً؟· تلك التساؤلات وغيرها الكثير كانت محور كتاب جديد لمحرر النسخة الدولية لمجلة ''النيوزويك'' فريد زكريا بعنوان ''ما بعد العالم الأميركي'' Post American World، الذي يدمج بين النظرة المتفحصة للواقع، والنظرة المستقبلية التحليلية لهذا الواقع الدولي الجديد· ينطلق الكتاب من أن صعود القوى الأخرى المناوئة للولايات المتحدة كـ (الصين، الهند، البرازيل، وروسيا) سوف يكون القضية المسيطرة على النقاش الدولي، وأن تلك القوى سيكون لها دور لا يمكن إنكاره في تشكيل النظام الدولي الجديد· فيقول إن واشنطن لم تعد متفوقة على باقي القوى الصاعدة في المباني الشاهقة أو مبيعات الأفلام أو عدد التليفونات الخلوية، فقد تفوقت العديد من الدول عليها في تلك المجالات والعديد من المجالات الأخرى· ويرى أن النمو الاقتصادي للعديد من القوى الصاعدة يُمكنها من أن يكون لها تأثير سياسي، فضلاً عن التفاخر والعزة القومية، ولكن هذا الصعود وتعدد القوى من وجهة نظره قد يعمل على إحداث مشاكل واضطرابات عالمية تتطلب أن يكون للولايات المتحدة دور في هذا النظام الجديد· تحولات جديدة برصد زكريا ثلاثة تحولات بنائية جوهرية مر بها النظام الدولي خلال الخمسة القرون الماضية، وهي تحولات سياسية وفي توزيع القوة، والتي كان لها جل الأثر في تغيير الحياة الدولية· تمثل التحول الجوهري الأول الذي شهده النظام الدولي في صعود القوى الغربية والذي تشكل مع بدايات القرن الخامس عشر والمنتهي بصورة دراماتيكية في أواخر القرن الثامن عشر، وقد أنتجت تلك المرحلة التي شهدت الصعود الغربي الحداثة التي نعرفها من علوم، تكنولوجيا، تجارة، رأسمالية وثورة زراعية وصناعية· والتحول الثاني الذي شهده النظام الدولي والذي حدث في بدايات القرن التاسع عشر تمثل في الصعود الأميركي· فبعد ثورتها الصناعية تحولت الولايات المتحدة إلى القوى العظمى منذ الإمبراطورية الرومانية، وكانت أكثر قوة من أي تجمع من الدول الأخرى· فحتى أواخر القرن الماضي كانت الولايات المتحدة مسيطرة على الاقتصاد العالمي وعلى التغيرات السياسة كما كانت القوة العلمية والثقافية ناهيك عن قوتها العسكرية· وحتى نهاية القرن العشرين كانت قوتها وسيطرتها غير منقطعة النظير، ولا سابق لها في التاريخ الحديث، حسبما ذهب زكريا في كتابه· ويري المؤلف أن التحول الحادث في النظام الدولي من صعود قوى أخرى يُعد التحول الثالث الذي يشهده النظام الدولي المعاصر· ويشير إلى أن العديد من تلك الدول حققت معدلات نمو اقتصادية لم تكن متوقعة، وهذا الصعود يتجلى في القارة الآسيوية، ولكنه يرى حصره في تلك القارة يبعد عن حقيقة التحول الحادث في النظام الدولي، فهناك قوى صاعدة من خارج القارة الآسيوية· ويدلل على ذلك أنه خلال عام 2006 و2007 كان هناك ما يقرب من 124 دولة تحقق نمواً بمعدل أو يفوق الأربعة في المائة سنوياً· منها 30 دولة بالقارة الأفريقية بما يمثل ثلثي دول القارة· ومن الأمثلة التي تُؤكد وجهة نظره هذه حقيقة أن أطول مبنى في العالم يوجد في ''تايبي''، والذي سيتفوق عليه بناء (تحت الإنشاء) في دبي، وأغني رجل في العالم مكسيكي، وأكبر مجموعة تجارية عامة صينية· الفضل لأميركا يرى زكريا أن صعود القوى الكبرى يرجع إلى الدور والسياسة الأميركية عالمياً· فيقول إنه خلال الـ60 عاماً الماضية ذهب الكثير من الساسة والدبلوماسيين الأميركيين إلى كافة أرجاء العالم؛ لحث الدول على نظام السوق الحر، والحرية السياسية، ودفع التجارة والتكنولوجيا· كما عملوا على حث الدول للتعامل مع تحديات النظام الاقتصادي العالمي، وتحرير عملاتهم وتطوير صناعاتهم· ويضيف أن الولايات المتحدة عملت على إفادة العالم من تقدمها وخبراتها في كافة المجالات ومناحي الحياة· والذي انعكس على تقدم الدول وازدهارها، وصعود قوى كبرى تنافس واشنطن·ولكنه يشير أيضا إلى العديد من السياسات التي تُقلل من الأهداف الأميركية السابق الإشارة إليها، فهناك رجال في الكونجرس يرفضون اتفاقية التجارة الحرة مع بعض دول أميركا اللاتينية، فضلاً عن العديدين الداعين إلى رفض المزيد من القيود على نظام الهجرة للولايات المتحدة الأميركية· في مقالة بمجلة ''نيوزويك'' كتب زكريا عشية الغزو الأميركي للعراق أن الولايات المتحدة الأميركية القوة العظمى دولياً، وأنها المتربعة على عرش النظام الدولي، وأن القوة الأميركية ـ في وقت حرب العراق ـ قوة لا مثيل لها، وأعلن أنها ليست القوة العسكرية فقط، بل ذهب إلى أنها القوة الاقتصادية في تفوق على الدول الثلاثة التي تليها مجتمعة وهي: اليابان، ألمانيا وبريطانيا، وأنها دولة ذات نظام اقتصادي ديناميكي، وأكثر الدول شباباً من الناحية الديمغرافية، وذات مكانة ثقافية تفوق باقي دول العالم، ولعل هذا ما آثار حفيظة العالم ومخاوفهم· وفي الوقت الذي يتزايد فيه صعود قوى منافسة للولايات المتحدة، يذهب زكريا إلى ما ذهب إليه مدير مجلس العلاقات الخارجية ريتشارد هاس في مقالة له، إلى أنه على الرغم من تزايد الناتج الإجمالي القومي الصيني ومعدل النمو الاقتصادي عن نظيره الأميركي، إلا أن تلك الزيادة لا تذهب إلى الدفاع والقوة العسكرية؛ نظراً لتزايد عدد السكان، كما أن الهند أيضاً تواجه معضلة تزايد عدد السكان وتزايد معدل البيروقراطية وتراجع البنية التحتية، كما أن الاتحاد الأوروبي الذي يفوق ناتجه القومي الإجمالي نظيره الأميركي لا يتحرك كأمة واحدة وغير قادر على لعب دور القوة الكبرى· هذا، في حين ينقص اليابان القوة السكانية، فضلا عن أن روسيا تُعاني من أزمات اقتصادية وتحديات داخلية تُفقدها تماسكها· رحلة ابن بطلان من الأنبار فحلب ويافا ومصر بدأها طبيباً وعالماً مشاكساً وانتهى راهباً في أنطاكية عمر شبانة هذه واحدة من الرحلات التي تصدرها سلسلة ''ارتياد الآفاق'' ضمن منشورات دار السويدي للنشر والتوزيع، وقد قام بتحقيقها والتقديم لها الدكتور شاكر لعيبي، وجاءت في 192 صفحة من القطع الكبير وحملات العنوان ''رحلة يوحنا بن بطلان - ·''1049 وقبل الدخول إلى نص الرحلة نتوقف قليلاً عند خطأ إملائي في العنوان، حيث إن المعروف في ''العربية'' أن كلمة ''ابن'' لا تأخذ همزة تحتها، كما أن الكلمة نفسها إن وقعت بين اسمين علمين فهي لا تأخذ الألف أيضاً، بل تكتب هكذا (بن)، وقد وجدناها في العنوان الرئيس بألف وهمزة تحتها، هذا رغم أنها في عنوان فرعي على الغلاف جاءت من دون ألف أو همزة، هكذا ''يوحنا المختار بن عبدون بن بُطلان''· الرحلة مهمة، والعمل الذي قام به المحقق عمل مهم على صعيد التحقيق والتقديم، فقد قام برحلة واسعة للتعرف إلى شخصية ابن بطلان، وعلى أسفاره ورحلاته وإنجازاته العلمية وعلاقاته· ويبدأ المحقق من التعريف بصاحب الرحلة فيقدمه على أنه ''إيوانيس المختار بن عبدون بن سعدون بن بطلان، الطبيب البغدادي المشهور''، ويضيف مستنداً إلى ابن أبي أصيبعة أنه ''نصراني من أهل بغداد، وكان قد اشتغل على أبي الفرج عبدالله بن الطيب وتتلمذ له، وأتقن عليه قراءة كثير من كتب الحكمة وغيرها، ولازم أيضاً أبا الحسن ثابت بن إبراهيم بن زهرون الحراني الطبيب واشتغل عليه وانتفع به في صناعة الطب وفي مزاولة أعمالها''· مصنفات ابن بطلان بعد التعريف بأساتذته، يذهب لعيبي للتعريف ببعض ما تركه ابن بطلان من مصنفات طبية وأهمها كتب في ''تقويم الصحة'' أو ''شرب الدواء المسهل'' و''كيفية دخول الغذاء في البدن وهضمه وخروج فضلاته''، وكتاب بعنوان ''المدخل إلى الطب''، وآخر بعنوان ''عمدة الطبيب في معرفة النبات''، وفي مجال آخر له كذلك ''كتاب الأديرة والرهبان''، و''كتاب شراء العبيد وتقليب المماليك والجواري'' إلخ·· ويختم لعيبي مقدمته الضافية التي بلغت 68 صفحة بالتعريف بمعارف ابن بطلان وشهادات بعض العلماء به· كما يلجأ المحقق إلى عدد من روايات الرحلة أولاها رواية القفطي صاحب ''إخبار العلماء بأخبار الحكماء''، كما يتوقف عند ملاحظات كراتشكوفسكي على الرحلة، ويورد ما يعتبر أنه ''معجم طبي ترد مفرداته عند ابن بطلان وأطباء عصره''، وينتهي الكتاب بـ''كشاف الأعلام''، و''كشاف حضاري وطبي''، ومراجع التحقيق التي بلغت 48 مرجعاً من عيون التراث العربي الإسلامي· ففي حين أن نص الرحلة يقع في صفحات قليلة، جاء الكتاب في 192 صفحة· وبسبب التشظي والتشتت وضياع أجزاء من نص الرحلة، حسب المحقق، نتوقف عند محطات من هذا النص الذي يلقي أضواء ساطعة على عادات بعض الشعوب، كأن يتوقف عند مسألة الأكل مثلاً فيتساءل من المسائل ''المسألة الأولى تتعلق بالبلاد والأهوية وتجري هكذا: لمَ صار الحبشة والصقالبة وبلادهم وطباعهم متضادة يغتذي كل منهم بالأغذية الحارة اليابسة، ويشربون الخمر، ويتفلفلون بالمسك والعنبر، ووجب أن يجري فيهم على خلاف هذا التدبير؟''· محطة الانطلاق للرحلة، كما يقول ابن بطلان كانت من ''نهر عيسى على الأنبار، ووصلت إلى الرحبة بعد تسع عشرة رحلة (أي مرحلة)، وهي مدينة طيبة وفيها من أنواع الفواكه ما لا يحصى، وبها تسعة عشر نوعاً من الأعناب، وهي متوسطة بين الأنبار وحلب وتكريت والموصل وسنجار والجزيرة، وبينها وبين قصر الرصافة مسيرة أربعة أيام''· ويخرج ابن بطلان إلى اللاذقية التي رأى فيها ''مدينة يونانية، ولها ميناء وملعب وميدان للخيل مدور، وبها بيت كان للأصنام وهو اليوم كنيسة، وكان في أول الإسلام مسجداً''· وحول علاقة المسلمين بالمسيحيين، يذكر أنه إذا أذّن المسلمون ضرب الفرنج بالناقوس غيظاً، وينقل قول الشاعر المعري: ''باللاذقية فتنة ما بين أحمد والمسيح هذا يعالج دلبة والشيخ من حنق يصيح'' (يقصد بالدلب الناقوس، وبالصياح الأذان)· محطات على الطريق حسب رواية ياقوت الحموي للرحلة، يتوقف ابن بطلان في يافا، فيكتب أنها ''بلد قحط، والمولود فيها قل أن يعيش، حتى لا يوجد فيها معلم للصبيان''· بدأ ابن بطلان رحلته إذن في العام (440 هجرية - 1049 م)، منطلقاً من بغداد إلى الموصل وديار بكر وصولاً إلى حلب التي لن يقيم فيها طويلاً، وسيغادرها إلى مصر، حيث كانت له خصومة مع علي بن رضوان المصري الفيلسوف وكان يرغب في لقائه، ووصل الفسطاط وأقام فيها ثلاث سنوات وقعت فيها وقائع أنتجت رسائل جدلية فترك مصر غاضباً وألّف في ابن رضوان رسالة شهيرة· وعاد واتجه إلى أنطاكية ودخل سلك الرهبنة وظل حتى مات فيها· وبالنسبة إلى حلب، يكتب ابن بطلان أنها ''بلد بالحجر الأبيض، فيه ستة أبواب، وفي جانب السور قلعة في أعلاها مسجد وكنيستان في إحداهما مكان المذبح الذي كان قرّب عليه إبراهيم عليه السلام، وفي أسفل القلعة كان يخبأ فيه غنمه وإذا حلبها أضاف بلبنها الناس فكانوا يقولون حلب أم لا، ويسألون بعضهم بعضاً عن ذلك فسميت حلب''· ويضيف: ''وفي وسط البلد دار (علوة) صاحبة البحتري''· وحين يدخل أنطاكية يكتب أنها ''بلد عظيم ذو سور وفصيل (حائط صغير أقل من الحصن والسور)، ولسوره ثلاثمائة وستون برجاً يطوف عليها بنوبة أربعة آلاف حارس ينفذون من القسطنطينية من حضرة الملك·· وفي المدينة من الحمامات ما لا يوجد مثله في مدينة من اللذاذة والطيبة''· وبالرغم من أن ابن بطلان كان أديباً وشاعراً إلا أن رسالته صيغت في أسلوب بسيط لا أثر للصنعة فيه·· وهي بلا شك تعكس انطباعات حية مباشرة عن ذلك العصر المضطرب الذي لم يتجاوز فيه سلطانُ الخليفة بغدادَ وضواحيها، وكانت حلب آنذاك تحت حكم المرداسيين، بينما كانت أنطاكية في قبضة البيزنطيين، أما مصر فقد سيطر عليها الفاطميون، ورغماً عن هذا فقد كانت حرية التنقل مكفولة لا في داخل العالم الإسلامي فحسب بل حتى بين الدولة البيزنطية وأراضي الإسلام''· * اللاذقية مدينة يونانية لها ميناء وملعب وميدان للخيل مدور وبها بيت كان للأصنام وهو اليوم كنيسة وكان في أول الإسلام مسجداً ؟ بالرغم من أن ابن بطلان كان أديباً وشاعراً إلا أن رسالته صيغت في أسلوب بسيط لا أثر للصنعة فيه احتفاء بالأولمبياد·· كتب عالمية تجول في الصين: الجغرافيا والتاريخ والثقافة والرياضة والطعام قارة المعارف والأسرار خلف السور العظيم غادة سليم كان لصيف هذا العام نكهة صينية خاصة ليس فقط على الصعيد الرياضي وإنما على الصعيد الثقافي أيضا· ففي الوقت الذي توجهت فيه أنظار العالم إلى الصين لاستضافتها الدورة 29 للألعاب الأولمبية وتعلقت أبصار محبي الرياضة بشاشات التلفاز لمشاهدة المهرجان الثقافي الذي يحتفي بالرياضيين على مستوى العالم، انتهزت دور النشر هذه المناسبة وكثفت نشاطها بإصدار عشرات الكتب المتنوعة عن الصين· فعلى مدى الأربعة أشهر الماضية امتلأت المكتبات بكتب أجنبية عن الصين تنوعت بين التاريخية والسياسية والسياحية والروائية والعلاجية وحتى الطهي و''الفونج شوي'' وكتب تعليم اللغة الصينية· ومن بين أرفف المكتبات اخترنا سبعة كتب متنوعة لعرض أهم ما تحويه دفتيها· لأنه أحب الصين لاشك أن استكشاف الصين ذات التاريخ والحضارة العريقة الممتدة لخمسة آلاف عام، والتي تحتضن مليار وثلاثمائة مليون نسمة مهمة صعبة يتعذر أن يلم بها كتاب واحد· وهناك بالفعل عدد من الكتب التي صدرت مؤخرا لإعادة استكشاف كنوز الصين العلمية والثقافية، أبرزها كتاب ''الرجل الذي أحب الصين'' للراوي الشهير سايمون وينشستر والصادر عن دار النشر الكندية ''هاربر كولينز'' في 6 مايو ·2008 ويستعرض الكتاب تاريخ الصين وإنجازاتها الحضارية من خلال سيرة ذاتية حميمة للعالم البريطاني جوزيف نيدهام المولود عام 1900 والمتوفى عام ·1995 وهو الرجل الذي يرجع إليه الفضل في فهم الغرب لحضارة الصين العريقة· وذلك من خلال تحفته الموسوعية الرائعة ''العلوم والحضارة في الصين''· فلقد كرس نيدهام خمسين عاما من حياته لتسجيل علامات الثراء الفكري والعلمي لمملكة الصين الوسطى· وجوزيف نيدهام هو ابن لطبيب مرموق في لندن درس في جامعة كامبريدج وأصبح عالم نابغ في الكيمياء الحيوية وبروفيسور أكاديمي صاحب أفق متحرر ورؤية سابقة لزمانه· خلال سنوات عمله الأولى عكف على أبحاث علمية معملية متخصصة ثم استبدل اهتماماته العلمية فجأة بمغامرة استكشافية مثيرة لفهم دولة نائية وغامضة آنذاك هي الصين· وكان السبب وراء ذلك علاقة حب جمعته بطالبة صينية زائرة عام 1937 جعلته يعشق امبراطورية الصين بأكملها وأقنعته بالسفر لسبر أغوار موطنها· ومن هنا بدأت تجربته البحثية الثرية والتي استغل فيها كل طاقاته العلمية لفتح خزائن أسرار الصين أمام الغرب· وهناك قام برحلات استكشافية خطرة عبر الصين التي كانت تمزقها الحروب والصراعات· بحث خلالها على أدلة تدعم قناعاته بأن الصينيين أهدوا البشرية مئات الاختراعات العلمية العظيمة· وأنهم عرفوا الطباعة والبوصلة والمتفجرات وحتى ورق التواليت قبل الغرب بمئات السنين· وبعد انتهاء الحرب التي شنتها الصين ضد رغبة اليابان التوسعية عزم نيدهام على تقديم خلاصة بحثه للعالم من خلال سبعة عشر مجلدا بعنوان ''العلوم والحضارة في الصين''· كان قد انتهى منها قبيل وفاته بسنوات قليلة، مما جعله أشهر رجل أحب الصين، وأعظم باحث قدم موسوعة علمية بمفرده· ماذا حدث عام 1434؟ ومن بين الكتب الحديثة التي عنيت بإلقاء الضوء على تفوق الصين علميا، كتاب صدر في 26مايو 2008 عن دار نشر ''هاربر كولينز'' الكندية بعنوان ''1434م'' وهو العام الذي أبحرت فيه أول سفينة استكشاف صينية تجاه إيطاليا، فكانت سببا في إحياء عصر النهضة الأوروبية· وترجع أهمية هذا الكتاب إلى كون مؤلفه هو جافين منزيز مؤلف كتاب ''1421م'' وهو الكتاب الذي سبق وأثار ضجة واسعة في أوروبا لتحديه الثوابت وتأكيده على أن الصين هي أول من اكتشف العالم وليس الأوروبيين· وها هو منزيز يقدم رائعته الثانية المثيرة للجدل بعنوان ''1434م'' والتي قدم فيها أدلة عديدة على أن عصر النهضة الأوروبية في فترة ما بين القرن الرابع عشر والسادس عشر لم يرجع الفضل فيه لليونان والرومان بل للصينيين· وللتدليل على أن الصينيين هم أول من وطأت أقدامهم أرض العالم الجديد، يرى منزيز أن الصين هي الدولة الوحيدة التي كانت تملك آنذاك العدة والعتاد والمال والوقت والعلم والخبرة والقيادة للقيام بمثل تلك الرحلات الاستكشافية· وربما يرجع سر تألق كتابات جافين منزيز عن الرحلات البحرية التاريخية لكونه أدميرال متقاعد في البحرية الملكية البريطانية ومؤرخ متفرغ يمتلك أدوات بحث علمية رصينة· ويميل منزيز إلى أن الصين خلال حكم سلالة ''مينج'' في الفترة من 1405 إلى 1433 أطلقت مجموعة أساطيل بحرية ضخمة في عهد الإمبراطور ''زهو دي'' لاكتشاف سواحل جديدة في المحيط الهندي· وأنهم اكتشفوا أستراليا ونيوزيلندا وأميركا ووصلوا إلى القطب الشمالي وسواحل أخرى في شرق أفريقيا والبحر الأحمر لم تكن معروفة وقتها للأوروبيين· ويستند في نظرياته تلك على سنوات من الدراسة والتحليل ومشاهداته لآثار حطام سفن، وتفسيره لخرائط صينية وأوروبية وترجمات لمؤلفات الأدميرال البحري الصيني ''زهنج هي'' المعاصر لتلك الفترة، بالإضافة إلى أدلة ومشاهدات كتبت بأقلام بحارة أوروبيين أمثال ''كريستوفر كولومبس'' و''فرديناند ماجيلان''· ويرى منزيز أن السر وراء اختفاء الخرائط الصينية يرجع إلى حكم أصدرته النخبة البيروقراطية المحيطة بالإمبراطور آنذاك أوصت فيه بخطر تلك الاكتشافات على اقتصاد الصين· ويجادل منزيز بأن الصين كانت ترسل وفودا محملة بالمعارف الثمينة إلى البلاد التي تكتشفها· منها وفد التقى بحاكم فينسيا وفلورنسا عام 1439 وقدم نماذج من تقنياتهم العلمية والفكرية ومنها البوصلة التي ساعدت البحارة في رحلاتهم الاستكشافية، وطريقة الرسم ثلاثية المبنية على قواعد المنظور والتي استفاد منها الرسام ''ليون باتيستا ألبرتي'' والذي ألف كتابا عن قواعد تمثيل الأجسام المرئية على سطح منبسط· كما قدموا إلى الحبر الأعظم لروما معارف ثمينة في مجالات الجغرافيا والفن والفلك والهندسة والطبع وصناعة الحديد والبارود· هذه الثروات المعرفية الثمينة انتشرت فيما بعد عبر أوروبا وكان لها الفضل في شعلة التنوير التي أضاءت أوروبا· إلى روح ضحايا ''تيان آن مين'' وهناك كتاب هام آخر بعنوان ''السفينة العتيقة'' حازت نسخته الصينية على جائزة أفضل رواية، وهو من تأليف الروائي ''وي زهانج''· ولقد صدر مؤخرا باللغة الإنجليزية عن دار ''هاربر كولينز'' للنشر بكندا 11 أغسطس ·2008 وتستعرض الرواية عقودا من الزمان تلت قيام جمهورية الصين الشعبية عام ·1949 وتدور الحكاية حول ثلاث عائلات كبيرة تعيش في قرية خيالية صغيرة تدعى ''والي''· منهم عائلة ''سوي'' أحد أكثر العائلات ثراء والتي تركها التغيير السياسي تقتات على فتات الغضب والحزن· وعلى النقيض من ذلك نجد عائلة ''زهاو'' التي أصبح لها سلطة وشأن بعد أحداث الثورة العنيفة· بينما تبقى عائلة ''لي'' بمزاجها الغريب ودورها البارز في دفع القرية نحو الحياة الصناعية· ويتنقل الكاتب في الزمان بين الماضي والحاضر مستعرضا العديد من التفاصيل الخفية في حياة العائلات الثلاث بما فيها تاريخ قرية ''والي'' في إنزال أشد أنواع العقاب والانتقام بأهالي القرية باسم الإصلاح في حقبة من أحلك فترات الاضطراب السياسي في الصين في القرن العشرين· ورغم أن الرواية كتبت بعد عامين من أحداث سحق الحكومة للمتظاهرين الداعين إلى الديمقراطية في ساحة ''تيان آن مين'' في بكين يونيو،1989 والتي راح ضحيتها 2000 شخص مدني أعزل كانوا يطالبون بوضع نهاية للفساد الحكومي· و''تيان آن مين'' التي تعني السلام السماوي هي نفس الساحة التي شهدت مراسم الشعلة الأولمبية ومنها بدأ الماراثون الأوليمبي، إلا أن الرواية صدرت مترجمة لأول مرة باللغة الإنجليزية في الذكرى التاسعة عشرة للمذبحة· لاستعادة ذكريات قصة تاريخية ذات أبعاد عديدة كان لها دور في حياة العديد من الأسر الصينية· فاستعراض حياة ثلاثة أجيال من ثلاث أسر يحاول كل منها السيطرة على مقدرات حياته ومواجهة الصدام بين التقاليد والعصرنة على امتداد أربعة عقود متتالية كان أشبه بسفينة عتيقة متهالكة تسير في بحر عاتي متلاطم الأمواج· وتصل الرواية بالأحداث إلى الذروة عندما تصل العائلات الثلاث إلى اللحظة الفاصلة في تاريخ الصين وهي برامج الإصلاح الإقطاعي ومجاعة عامي 1959 و1961 والقفزة الاقتصادية الهائلة والثورة الثقافية· وترجع أهمية هذا الكتاب إلي محاولة تمرير صرخة صينية بلغة عالمية وبأسلوب غير مباشر في الذكرى الثامنة عشر للمذبحة، علها تجدي في كسب الرأي العام العالمي والإفراج عن قيادات المثقفين والطلاب ونشطاء العمال القابعين في السجون إلى يومنا هذا· رحلة في مستقبل الصين هذه رحلة أخرى في ربوع الصين ولكنها ليست رحلة سياحية ترفيهية بل اقتصادية سياسية تستعرض مسيرة الشعب الصيني نحو الحداثة· فلقد صدر كتاب ''طريق الصين'' في 3 يونيو 2008 عن دار نشر ''راندوم هاوس'' من تأليف الصحفي البريطاني روب جيفورد والذي كتب في مقدمة الكتاب يقول: أن كل شخص تلقاه في سيارة أجرة أو في حافلة يضيف إليك رؤية جديدة للصين الفضية· فالعالم يرى الصين عن بعد كتنين متأهب لابتلاع العالم بينما من يراها عن قرب يدرك أنها في الحقيقة تصدر دخانا فقط وتنظر لنفسها في المرآة· ولكن أحدا لا يستطيع إنكار تأثيرها المتزايد في حياة سكان كوكب الأرض· لذا فهو يدعو إلى التعرف على الصين بشكل أفضل· عندما ذهب ''جيفورد'' إلى الصين أول مرة عام 1987 كان مجرد طالب علم يسعى لتعلم اللغة الصينية· إلا أنه على مدى العقدين الماضيين عكف على تعلم الصين ذاتها والكتابة عنها والبحث في مستقبلها· وبين عامي 1999 و2005 جاب أنحاء الصين من شانجهاي إلى كازاخستان مسلحا باللغة الصينية وبحاسته الصحفية للعمل مراسلا صحفيا للإذاعة البريطانية· وخلال تلك الفترة أجرى حوارات صحفية مع عمال البناء وطموحاته بأجور تنافسية أعلى، وركاب الحافلات وأخلاقيات المجتمع بين التقاليد والحداثة، وموظفي تنظيم النسل ورؤيتهم لمستقبل الصين، وكبار السن الساخطون على أيام الحرب والفساد الحكومي، وعاد يجمع في كتابه هذا خلاصة التجربة الصينية· ويرى ''جيفورد'' أنه لا توجد في العالم حملة إنجازات أثرت على حياة مليار و300 مليون شخص خلال 30 عاما كما فعلت الصين وأصبحت ماردا صناعيا واقتصاديا عملاقا· وأن الصين تصنع فرصها لتصبح القوة العظمى القادمة· ضائع في كوكب الصين·· ويقودنا الحديث عن السياحة في الصين إلى كتاب آخر صدر في 8 يوليو 2008 عن دار النشر ذاتها بعنوان ''ضائع في كوكب الصين'' وهو من أدب الرحلات الساخر للرحالة الأمريكي ''مارتن تروست'' وهو من أكثر الكتب مبيعا في الولايات المتحدة الأميركية· ويستعرض الكتاب تجربة رجل فضولي تطأ قدماه أرض الصين لأول مرة في محاولة منه لاكتشاف الصين الحقيقية والعثور على إجابة لهذا السؤال: كيف يمكن أن يشعر الإنسان بالراحة وهو يلتهم سمك الحبار حيا؟· مفتونا بالصعود الصاروخي للاقتصاد الصيني، مبهورا بالغموض الذي يلف التقاليد الصينية بالغة التعقيد انطلق الرحالة مارتن تروست في رحلة لأبعد ما يمكن أن يصله إنسان فى الصين، بقفارها ومزارعها بجبالها وقراها من بكين إلى شنجهاي إلى التبت· فالصين ليست مجرد دولة تستحق الزيارة بل عالم مليء بالعجائب، كوكب مستقل بذاته، فسيفساء ملونة من الأجناس والأعراق· وهنا ينقل ''تروست'' للقارئ نظرة سريعة ولكن متعمقة عن أغرب ما يمكن أن تراه في الصين· منها سوق في سيبيريا يعرض على المارة طعام عبارة عن أقدام نمر أبيض، وقلوب أفاعي الكوبرا، وعقارب مشوية· فالصينيون يأكلون كل شيء ذي أربع أرجل·· ما عدا الطاولة! ولكي يعيش المؤلف التجربة كاملة لم يتردد في ارتياد أي مطعم صيني في طريقه· فتناول لحم القرود حارا في أزقة هيكس، والسمك حيا في جزيرة بوتوشان، ولقيمات لحم الثور في لاهاسا، وضفادع مشوية في شنجهاي هذا عدا لحم القطط متبلا بمنقوع الرمان· والقاعدة التي اتبعها ''تروست'' هي عدم رفض أي طعام يأكله أهل البلاد·· مهما كان· فإن كان جيدا تحققت النعمة وإن كان سيئا فيكفي أن التجربة كانت ممتعة· ويؤكد ''تروست'' أن الجدال حول الأسعار هو سمة رئيسية في أسواق الصين فإذا ترفعت عن الفصال أو تساهلت في الدفع فسيعاملك الصينيون على أنك جهاز صراف آلي يسير على قدمين· ورغم ذلك يقدم لك المؤلف هذه النصيحة: إذا أحببت الصين فإنها سوف تحبك· فهذه هي خلاصة الحكمة التي تنقلها لنا تجربة حقيقية لرجل أصبح لا يستمتع بأكل شيء قدر التهامه الحبار حيا! خلف السور العظيم وحتى محبو المطبخ الصيني كان لهم حظ في استكشاف نكهات الصين وأطباقها من خلال الإصدارات الحديثة· إذ حرصت دار نشر ''راندوم هاوس'' بكندا على أن يتواجد كتاب ''خلف السور العظيم'' على أرفف المكتبات قبل انطلاق الأولمبياد بأشهر فصدر في منتصف أبريل عام ·2008 وهو للمؤلفان ''جيفري ألفورد'' و''ناعومي دوجايد''· ويحظى المطبخ الصيني بقبول كبير بين شعوب العالم لما يتمتع به من انسجام بين اللون والرائحة والنكهة والقوام· وهو ما يجعل وصفات الطهي الصينية مرغوبة ومطلوبة في أنحاء كثيرة من العالم خارج حدود الصين· ويقدم الكتاب مختارات من أشهى الأطباق الصينية بتوابلها التقليدية وأسلوب إعدادها التاريخي· إلا أن أبرز ما يميز الكتاب أنه لم يغلق دفتيه على الطعام فقط بل فتح صفحاته لجولة سياحية ثرية بالمعلومات عن ثقافة الشعب الصيني في حفظ الطعام بين الأقليات الصغيرة· فيتنقل بنا من سكان التبت إلى المغول إلى التوفان والكازاخ وشعوب الكيرجيز· ويقسم الكتاب محتوياته إلى أبواب يحددها نوع الطعام من أسماك ولحوم وحلوى وعصائر ومخبوزات جميعها مقدمة بأسلوب مبسط ومصحوبة بسرد شيق لتجارب شخصية للمؤلفين أثناء زيارتهما للصين· مئة عام رياضة بعد أن اطلع العالم على إنجازات الصين الاقتصادية والثقافية والعلمية يحاول كتاب ''أحلام الأولمبياد'' للبروفيسور الصيني ''جوجي زو'' الإجابة على تساؤلات هامة حول مستقبل الصين من زاوية رياضية، وذلك بعد استضافتها لأولمبياد 2008 ببكين· من أهم هذه التساؤلات: هل يمكن أن تحدث استضافة الصين للاولمبياد تحولا كبيرا في مجالي الإصلاح والانفتاح؟ والمؤلف ''جوجي زو'' هو أكاديمي متخصص في تاريخ شرق آسيا استطاع من خلال كتابه أن يؤرخ لمئة عام من تاريخ الرياضة في الصين بدءا من عام 1895 وصولا إلى أولمبياد ·2008 ولقد صدر الكتاب باللغة الإنجليزية عن مطابع جامعة هارفارد في 31 مايو 2008 وهو أشبه بدراسة متخصصة وموثقة للرياضة في الصين يلقي من خلالها الضوء على العديد من التطورات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي طرأت على الشعب الصيني وعلى الدولة التي تتطلع إلى مكانة عظمى فوق الدول
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©