الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نور ودياجير

نور ودياجير
10 سبتمبر 2008 23:45
''حظر تجوال فريد في صرامته يصبح ساري المفعول في الأراضي المحتلة يومياً، حين تقترب الساعة العاشرة ليلاً ترى آلاف الفلسطينيات عائدات إلى بيوتهن على عجل· والسبب في ذلك ليس توغل دورية إسرائيلية بل اقتراب موعد المسلسل التركي ''نور'' الذي تبثّه فضائية الـ''إم بي سي'' باللهجة السورية''· هكذا كتب بنيامين بارت مراسل جريدة ''لوموند'' الفرنسية في رام الله بتاريخ 28/8/·2008 لم يرد المقال في صفحة الأخبار الطريفة بل أُدرج في الصفحة الخامسة المخصصة للأحداث العالمية الكبرى· واحتوت هذه الصفحة على مقالات أخرى تدور حول ما يجري في باكستان، وردود أفعال الساسة على الاعتراف الروسي بأبخازيا وأوسيتيا· يلحّ بنيامين بارت على أن ملايين النساء في كل بلاد العرب من المغرب حتى العراق يعشن حالة الانخطاف هذه ولا يملكن منها فكاكاً· ويورد شهادات تجسد ظاهرة افتتان النساء العربيات بأبطال المسلسل وأحداثه· جاءت الشهادة الأولى على لسان موظفة تعمل في دوائر السلطة الفلسطينية تدعى نجوى: ''أمس مساء طردتني أختي من بيتها لأن مسلسلها المفضل سيبدأ بعد قليل، صرت عاجزة عن إقناع ابنتي بالنوم قبل انتهاء المسلسل، صار الناس يرسلون إلى بعضهم البعض صوراً من المسلسل وصارت الملابس ودفاتر الطلبة توشّى بصور أبطاله''· أما حنان وهي ربة عائلة فتقول: ''إن ما يعجب النساء في هذا المسلسل هو السلوك الرومانسي الذي تتحلى به الشخصيات، وهذا أمر نفتقده تماماً في العالم العربي إذ يعمل الرجال على كبت مشاعرهم حرصاً منهم على الظهور بمظهر الذكور الأشدّاء· إن مسلسل ''نور'' قد مدّ النساء في فلسطين بثقة لم تنجح كل المنظمات النسائية في زرعها في نفوسهن طيلة سنوات من النضال والمطالبة بالحقوق''· لا يكتفي الصحفي بالتوسّع في ذكر ما أحدثه المسلسل من تحوّلات في المجتمع الفلسطيني وفي المجتمع العربي، ولا يفوته أن يبرز ما أحدثه من صراعات وجدل اجتماعي خطير· فيلحّ على أن الصراع طال عواصم وحواضر عربية عديدة· ففي نابلس اعتبر أحد مشايخ ''حماس'' المسلسل شيطانياً· أما في رام الله والجزائر وبيروت فقد أثار سخط المحافظين فعدّوه عملاً إبليسياً بالتمام والكلية· ثمة في هذا المقال حرص على استدراج القارئ الغربي إلى استبلاه أمة العرب من الخليج إلى المحيط· فالنساء ناقصات عقل يبحثن على شاشة التلفزيون عما افتقدنه في حياتهن اليومية، والرجال أشدّاء غلاظ لا عواطف ولا لمسة من حنان· والجدل الفكري عقيم حتى إن العلماء غضّوا الطرف عن قضايا المجتمع والأمة وتلفّتوا إلى مسلسل تلفزي يصبون عليه جام غضبهم· أو لكأن صاحب المقال يريد أن يصوّر المجتمع العربي تصويراً كاريكاتورياً بموجبه يعرّي للعالم خفة عقول العرب· والحال أن الشعوب في الأرض قاطبة تعيش هذه الحال في لحظات الأزمات الفردية والجماعية· يكفي أن نتذكّر مسلسل ''دالاس'' الأميركي وما فعله بالعقل الأميركي·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©