الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ويَهِلُّ هلالُ رمضان···

ويَهِلُّ هلالُ رمضان···
10 سبتمبر 2008 23:47
يتميّز الإسلامُ بأن يصومَ المسلمون شهراً في السنة على سبيل الوجوب، للبالغ العاقل السليم، هو شهر رمضان الواقع بين شعبان وشوّال· (ويحكى، كما ورد في بعض المعاجم، أنّ العرب حين وضعت أسماءَ الشهور وافق الوضعُ أزمنةً بعينها فاشتُقّ للشهور معانٍ وإن لم توافق الأهلّةُ تلك الأزمنةَ، فقالوا: رمضانُ لَمّا أرْمضتِ الأرضُ من شدّة الْحَرّ، وشوّال لَمّا شالت الإبل بأذنابها للطُّروق··)· وقد حاول الفقهاءُ والأطبّاءُ المسلمون أن يعلّلوا فوائد صوم شهر كاملٍ، بناءً على قوله: ''صُوموا تَصِحّوا''، أو ''الصومُ مَصِحَّة''· وإذا كانت صِحِّيَّةُ صومِ شهرٍ كاملٍ، كلَّ عام، ثابتةً شرعيّاً وطبيّاً، فإنّ ذلك قد ينبغي أن تُضاف إليه عِللٌ أُخرى ترغّب المسلمَ في صومه كنيل الأجر والثواب، وكالْتِماس غفران الذنوب؛ ذلك بأنّنا لا نعدَم مَن لا يرغَبُ في الْتماس الصّحّة عن طريق الصوم! والصوم ليس مجرّد نزهةٍ روحيّة ممتعة للنفس، بل هو تضحية قاسية ينهض بها المسلم وحدَه دون غيرِه، ليُثْبتَ قدرته الاستثنائيّةَ على العزوف عن الطعام والشراب ونبْذِ الشهوات واللذات الجسديّة، بإرادة عظيمة لا تتّفق لغيره أبداً· وفي كلّ ذلك تضحيةٌ عظيمة تجعل المسلم يسلُك خلال هذا الشهر المعظم سلوكاً ملائكيّاً··· غير أنّ هذه التربية الروحيّةَ الْمُصَفِّيَةَ للنفس ما كان لها لِتَتِمَّ لولا قوّةُ الإيمانِ التي يتفرّد بها المسلم فيسْتميزُ بها عن غيره، إذْ لو طلبْنا من شخص غيرِ مسلمٍ، مثلاً، أن يصوم شهراً كاملاً بكلّ أدبيّات الصوم القاسية من غَضّ البصر، وحفْظ الفرْج، ومراقبة اللسان حتى لا يغتب ولا يَنُمَّ، ولا يَهمزَ ولا يَلمز، بالإضافة إلى التصبّر على الظمأ الشديد، والإمساك عن الطعام اللذيذ، من السَّحَر إلى الغروب، على أن نمنحه مبلغاً مُغْرياً من المالِ، مثلاً، وعلى أن يكرّر ذلك كلَّ عام ما حَيِيَ، لَخَشِينَا أنّه يرفض ذلك رفْضاً··· فالإيمان العظيم الذي يُفعم قلبَ المسلم هو الذي ييسّر عليه النهوض بالصيام، بل يأتي ذلك وهو مبتهج سعيدٌ··· وتَشيع ظاهرة خَيريّة اجتماعيّة لا تشيع في غيره من الشهور، وهي زيادة كرَم الأغنياء والموسِرين من المسلمين، اقتداءً بكرم النبيّ وسخائه في شهر رمضان حتّى إنّ يده كانت أسخى من الريح المرسلة في هذا الشهر؛ فترى الناس، في أبوظبي مثلاً، ينصِبون في هذا الشهر الْمُرَجَّبِ الْخِيَمَ أمامَ أبوابِ بيوتهم ليُطعموا الطّعامَ ويَسْخُوا به للغرباء والفقراء وأبناء السبيل··· يبقَى أن ننبّه إلى أنّ العالم الإسلاميّ أصبح متميزاً عن العالم الآخر بأنّه يُحْيِي ليالي رمضان بالعبادات والتهجّدات والتراويح، بالإضافة إلى السهرات الاجتماعيّة البريئة التي تُحيل ليالي رمضان إلى نهارات يستمتع فيها المسلمون بالعبادات واللّذّات الْمباحة معاً، ولذلك يُحسّ المسلمون بعد ذهاب شهر رمضان بفراغ روحيّ لا يسترجعونه إلاّ بعد مرور أيام من شهر شوّال· فمرحباً بك يا رمضانُ ضيفاً كريماً عظيماً! ولْتهنأ الأمّةُ الإسلاميّة بصيامك وقيامك··
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©