الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِك

يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِك
23 يونيو 2017 20:05
أحمد محمد (القاهرة) كان الرسول صلى الله عليه وسلم، الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، والمؤيد بالوحي، ولا ينطق عن الهوى، يدعو الله بأن يثبت قلبه على دينه، وعلى طاعته، كما روى أنس رضى الله عنه، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِك»، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، آمَنَّا بِكَ، وَبِمَا جِئْتَ بِهِ، فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا؟ قَالَ: «نَعَمْ، إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الله، يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ»، وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت يا رسول الله، إنك تُكثر أن تدعو بهذا الدعاء؟، فقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ قَلْبَ الْآدَمِيِّ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ عز وجل فَإِذَا شَاءَ أَزَاغَهُ، وَإِذَا شَاءَ أَقَامَهُ». قال ابن حجر العسقلاني في «فتح الباري»، القلب معناه تقليب قلب عبده عن إيثار الإيمان إلى إيثار الكفر وعكسه، وتقليب الله القلوب والبصائر صرفها من رأي إلى رأي، ومقلب القلوب، أي مصرفها تارة إلى الطاعة وتارة إلى المعصية وتارة إلى الحضرة وتارة إلى الغفلة. قال ابن بطال، تقليبه لقلوب عباده صرفه لها من إيمان إلى كفر، ومن كفر إلى إيمان، وذلك كله مقدور لله تعالى وفعل له، وعلى قدر ثبات العبد على الصراط الذي نصبه الله لعباده في هذه الدار، يكون ثباته على الصراط المنصوب على متن جهنم وعلى قدر سيره على هذا الصراط في الدنيا، يكون سيره على ذلك الصراط، فمنهم من يمر مر البرق، ومنهم من يمر كالطرف، ومنهم كالريح، ومنهم من يمشي مشياً، ومن يحبو حبوا، ومنهم المخدوش ومنهم من يسقط في جهنم. والتثبيت على الدين من الله وحده، فقد وعد أهل الإيمان في الدنيا والآخرة بما يرسخ في القلب وينطق به اللسان وتصدقه الجوارح والأركان، قال عز وجل: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ...)، «إبراهيم: الآية 27»، فليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل، فالالتزام الصادق في الظاهر والباطن والمنشط والمكره هو أعظم أسباب التثبيت على الصالحات، ومن أسباب الثبات على الطاعة والخير ترك المعاصي والذنوب، صغيرها وكبيرها، ظاهرها وباطنها، فإن الذنوب من أسباب زيغ القلوب. وإكثار النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الدعاء دليل على أهميته وعظيم شأنه، وإخباره بالخوف على من كان هذا حاله أن يقلب قلبه، ودليل على أّن الإنسان لا يأمن على نفسه الزيغ ولو كان على هذه الأحوال من الإيمان، والصحابة الأخيار خاف عليهم النبي صلى الله عليه وسلم الزيغ فكيف بمن دونهم. وفي الحديث أثر الاعتقاد الصحيح على سلوك العبد وافتقاره والتذلل لربه، حيث أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بكون القلوب بين أصبعين من أصابع الله، ثم دعا بتلك الدعوات التي فيها التجاء وتضرع، فمن عنده الاعتقاد الصحيح يظهر ذلك على سلوكه، قد قال وهو يقسم: «والذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها». ومن أسباب الزيغ والبعد عن الطريق الصحيح فعل المنكرات والتهاون في الطاعات ويمكننا أن نلتمس الثبات بإذن الله، عن طريق الشعور بالفقر والاحتياج لتثبيت الله تعالى، والالتزام الصادق في الظاهر والباطن، ويجب ألا يأمن العبد من مكر الله تعالى فالله يفعل ما يشاء ويضل من يشاء ويعز من يشاء ويرفع من يشاء ويخفض من يشاء فما الذي يؤمّنه من أن يقلب الله قلبه ويحول بينه وبينه، ويزيغه ولهذا يدعوه المؤمنون كما في سورة آل عمران (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا...)، «الآية 8».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©