الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

زيادة الإنتاج النفطي للعراق نعمة أم نقمة؟

زيادة الإنتاج النفطي للعراق نعمة أم نقمة؟
22 نوفمبر 2009 23:27
يأمل العراق في أن يساهم التدفق المالي الذي سيحصل عليه جراء زيادة إنتاجه النفطي إلى ثلاثة أمثال في انتشاله من الفوضى وتحقيق الازدهار. لكن الفرصة متعادلة في أن تشعل الثروة الجديدة صراعاً جديداً. ويعتزم العراق - صاحب ثالث أكبر احتياطي من النفط في العالم - أن يحتل أيضا المركز الثالث في قائمة أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم، مثيراً الأمل في نفوس العراقيين الذين أنهكتهم المعارك أن تدفع هذه الأموال عملية التنمية وتوفر الوظائف في أعقاب عقود من التدهور الاقتصادي. غير أن خبراء ومسؤولين غربيين يقولون إن الفساد المتفشي والجمود السياسي والصراعات العرقية حول المناطق المنتجة للنفط مثل كركوك يعني أن سنوات الاقتتال الطائفي يمكن بسهولة أن تعقبها سنوات من الحرب للسيطرة على النفط. ويقول ديفيد ماك وهو مبعوث أميركي سابق عمل في بغداد في منتصف الستينات وأواخر السبعينات من القرن الماضي “ليس من الواضح بعد ما إذا كانت الطبقة السياسية العراقية ستتفق على كيفية استخدام عائدات النفط لتقوية الوحدة الوطنية، أم أنها ستنخرط في عداوات مدمرة حول كيفية تقسيم الكعكة”. ويثور الشك فيما إذا كان العراق الذي يعاني من الحالة السيئة للبنية الأساسية يمكنه فعليا خلال ست سنوات أن يرفع إنتاج النفط من مستواه الحالي البالغ 2,5 مليون برميل يوميا إلى سبعة ملايين برميل يومياً. وهناك إمكانية كبيرة أن يواجه العراق مطالبات من جانب أعضاء “أوبك” للعودة للالتزام بحصته الإنتاجية. لكن هذا لا ينفي أن زيادة الإنتاج بدرجة اقل إلى أربعة ملايين برميل يوميا يمكنها أن تحقق للحكومة العراقية 45 مليار دولار إضافية سنوياً وفقا لأسعار النفط في الوقت الراهن. ويرى المحللون أن الفرصة هائلة لحدوث ضرر اكبر من النفع بسبب التدفق النقدي المفاجئ في بلدان مثل العراق الذي يحتل المركز قبل الأخير من حيث دخل الفرد في الشريحة السفلى من البلدان متوسطة الدخل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويتمثل أحد المخاطر في حدوث ارتفاع كبير في التضخم وأن يفقد البنك المركزي السيطرة على سعر الفائدة. ويمكن أن يتسبب توزيع عائدات النفط في حالة من الاستياء والسخط لا مفر منها، مما سيشعل عندئذ نيران التوترات التي تعتمل تحت الرماد منذ أمد طويل بين السنة والشيعة والأكراد في دولة لا تزال تحاول أن تتعافى من حرب طائفية في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003. وأصبحت مدينة كركوك النفطية في شمال العراق رمزاً للتحديات التي تنتظر العراق، إذ تتصارع حكومة بغداد التي يقودها العرب مع السلطات الكردية حول من له حق السيطرة عليها وتوقيع الصفقات بشأن حقول النفط في المناطق المحيطة بها. وقال مسؤول غربي إنه في ظل سيطرة الأغلبية الشيعية على إنتاج النفط في جنوب العراق وسيطرة الأكراد على حقول إنتاج النفط الغنية بالشمال، فإن الأقلية السنية يمكن أن ينتهي بها الأمر بالشعور بأنها خرجت خالية الوفاض. وأوضحت ليزا برزان من منظمة ميرسي كور -التي تدرب القادة العراقيين على حل الصراعات وجهود الوساطة - إنه من غير المؤكد أن يلجأ العراقيون لتسوية خلافاتهم المستقبلية بالبنادق وليس بالكلمات. وقالت برزان “إذا نحينا جانبا السياسة وتأثير جماعات المصالح الخاصة التي تشجع العنف، فإن عوام العراقيين يرغبون بشدة في التفاوض”. وأضافت “وقعت أحداث عنف على مدى عقود، لكن إذا نظرت للتاريخ فالوضع ليس كذلك. العنف ليس جزءا من الثقافة”. ومع ذلك سيتعين على العراق تخصيص معظم ما سيحصل عليه من ثروته نفطية في البداية لمشروعات البنية الأساسية بما يفيد الصناعة، مما قد يثير غضب العراقيين الذين يتطلعون لتحسن خدمات الكهرباء والماء. وقال مسؤول غربي آخر “سيرى الناس أموال النفط تدخل إلى البلاد، لكنها لن تنفق حسبما يودون”. وعلى المدى الأطول يخاطر العراق بأن يصبح اقتصادا تسيطر عليه الدولة ويعتمد بصورة كلية على النفط مع إهمال القطاع الخاص. ويدر النفط بالفعل نحو 95 بالمئة من دخل الحكومة العراقية. ثم تأتي قضية الفساد الذي يضمن استفادة نخبة صغيرة من الثروة النفطية في دول منتجة مثل نيجيريا وأنجولا. ويحتل العراق المركز الخامس من القاع على مؤشر الفساد الذي تصدره مؤسسة الشفافية الدولية ويشمل 180 دولة في العالم.
المصدر: بغداد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©