الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أصول إسلامية لمفاهيم حديثة المحــاسبـــة

11 سبتمبر 2008 00:41
المحاسبة من المفاهيم التي عرفها الإسلام منذ أكثر من أربعة عشر قرنا مضت، وقد بذل الفقهاء والعلماء المسلمون جهودا كبيرة لتحقيق الأصول العلمية للمبادئ والأعراف المحاسبية لتيسير شؤون الدولة الإسلامية· ويقول الدكتور حمدي عبدالعظيم - أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية: المال هو عصب الحياة الاقتصادية ومحركها الفاعل وقد حرص الإسلام على إظهار دور المال وأهميته وضرورة تداوله بطريقة تتفق مع الأصول الإسلامية وعدم كسبه بغير حق بالرشوة أو بالربا أو بالغصب· ويقصد بالمحاسبة لغة العَد والتقدير، وحسن التدبير، ويعرف من يقوم بهذه الأعمال بالحسيب أو المحاسب وفي القرآن الكريم ''اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا'' الإسراء الآية ·14 أي محاسبا، ''والله سريع الحساب'' البقرة الآية ·202 وأضاف الدكتور عبدالعظيم: ينصرف معنى المحاسبة في الفكر الإسلامي إلى مفهومين: الأول، المحاسبة الذاتية المعنوية، وهي أن يحاسب المرء نفسه، وهو ما أكده عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بقوله ''حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا'' والمحاسبة المادية، وتعني المحاسبة على العمليات ذات الصفة العينية والمالية· وقد كانت للدولة الإسلامية في عصورها الزاهرة نظم محاسبية تساعد المسؤولين على إدارة حركة الأموال العامة النقدية والمالية، بحيث تحفظ الأموال وتضبط الغلال فتتحقق رقابة فعالة عليها، وتتم المحاسبة كتابة امتثالا لقوله تعالى ''يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه'' البقرة الآية ·282 وقد أدرك الفقهاء دور المحاسبة الاقتصادية في الحياة الاجتماعية، فالغزالي أوضح ضرورة الحساب في المعاملات وعرف المحاسبة بأنها ''أن ينظر في رأس المال والربح والخسران ليتبين له الزيادة من النقصان''· ومرت المحاسبة بمراحل تطور في الفقه الاسلامي بدأت بمرحلة الإحصاء والعد، قال الرسول - صلى الله عليه وسلم: اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس فكتبوا له ألفا وخمسمئة رجل· ثم مرحلة التدوين، وذلك عندما كثرت الأموال المجباة فتم إحصاء الناس على أساس القربى من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان العطاء على أساس الأسبقية في الإسلام· وفي زمن الخليفة عبدالملك بن مروان بدأت مرحلة تعريب الدواوين، ثم مرحلة التأصيل لصناعة كتابة الحساب على يد النويري، وهدفت إلى وضع دليل عمل ومرجع علمي لصناعة المحاسبة· وبرزت مفاهيم مثل الاستقصاء على الولاة ومحاسبة الجباة، بمعنى أنه على الإمام وولاته أن يراقبوا من يوكل إليه جمع الزكاة وغيرها، مما يجب لبيت المال وان يستقصوا عليهم فيما يتصرفون فيه من أموال بيت المال ويحاسبوهم في ذلك محاسبة دقيقة· وقد روي أنه في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عام 33 هجريا 644 ميلاديا، عن عامر بن شقيق أنه سمع أبا وائل يقول: استعملني زياد على بيت المال فأتاني رجل بصك - ورقة شبيهة بالأوراق التجارية -، فقال فيه: أعط صاحب المطبخ ثمانمئة درهم· هذا في الوقت الذي كانت أوروبا حتى عام ،1828 يتعاملون بعصي الحساب وهي قطع من الخشب كانت تعلم بأثلام عليها· وكانت تتعامل من قبل الدولة على أنها وثائق قانونية· وأضاف د·حمدي: العلماء المسلمون قدموا إسهامات كبيرة في ترسيخ علم المحاسبة وتحديد معالمه ومنهم القلقشندي والنويري والغزالي وأبوجعفر الدمشقي والماوردي والخوارزمي·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©