الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني··· وفجوة الثروة

الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني··· وفجوة الثروة
11 سبتمبر 2008 01:07
خـــلال هـــــذا العــــــام، تعرض''الحزب الديمقراطي الاشتراكي'' الألماني وهو حزب يساري للهزيمة في الانتخابات، بسبب الخلافات الداخلية المريرة التي عانى منها؛ وبعد أن انتهت تلك الانتخابات تم التبشير بتغيير القيادة، باعتباره الأسلوب الأمثل للخروج من ظلال فصل قاتم في تاريخ الحزب، الذي يمتد لمائة وخمسة وأربعين عاما· كانت إشارة البدء في إجراء عملية تغيير شامل، تلك الخطوة المفاجئة التي تمت الأحد الماضي، وذلك عندما أعلن زعيم الحزب الذي تكتنفه المصاعب ''كورت بك'' استقالته، وأعلن اثنان من قادة الحزب القدامى العودة مرة أخرى لدائرة الضوء، وهما ''فرانك فالتر شتاينماير'' الذي شغل في السابق منصبي وزير الخارجية، ونائب المستشار الألماني، والذي ينوي الحزب ترشيحه لخوض السباق الانتخابي لمنصب المستشار في الانتخابات الفيدرالية التي ستعقد في العام المقبل، أما الثاني فهو''فرانك مونتيفيرينج'' المقرر أن يخلف ''كورت بك'' في منصب رئيس الحزب· و''شتاينماير'' و''مونتيفيرينج'' مكلفان بانتزاع زمام السيطرة من المستشارة الحالية'' أنجيلا ميركيل'' رئيسة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الحاكم في الانتخابات التي ستجري خلال عام من الآن؛ ويشار إلى أن ''الحزب الديمقراطي الاشتراكي'' يقتسم السلطة منذ عام 2005 مع الحزب الديمقراطي المسيحي كشريك أصغر ضمن تحالف كبير، وإن كان غير فعال إلى حد كبير؛ يعلق ''نايكو فرايد'' -المحلل السياسي- على التطورات الأخيرة في مقاله التحليلي بصحيفة ''سودويتشه زاتونج'' الواسعة الانتشار بقوله: ''إن الحزب الديمقراطي الاشتراكي لم يعد قادرا على الانتظار أكثر من ذلك، والفرصة الحالية تمثل آخر أمل في إمكانية توسع الحزب''· ومما يجدر ذكره أن الحزب الذي يعد أقدم حزب ألماني يمتلك في الوقت الراهن أقل نسبة تأييد في تاريخه، حيث لم تتجاوز هذه النسبة 20 في المائة في بعض الاستطلاعات؛ ويرجع المحللون السبب في انحسار شعبيته على هذا النحو لتصبح أقل من نسبة التأييد الذي يحظى بها ''الحزب الديمقراطي المسيحي'' لأول مرة إلى الإحباط الذي تشعر به القوة العاملة والتي تشكل جزءا كبير من قاعدته الانتخابية· في السنوات الأخيرة، اختار الحزب الديمقراطي الاشتراكي الوسطية منهجا، ونُسب إليه فضل تعزيز المنافسة المؤسساتية، وتخفيض الضرائب، وكبح جماح اتحادات العمال، وتخفيض البطالة إلى أقل حد لها خلال 14 عاما، وهو ما ساهم في استعادة ألمانيا لمكانتها كأكبر قوة اقتصادية في أوروبا؛ ولم تكن أصوات الناخبين هي كل ما فقده الحزب، حيث كانت هناك خسائر أخرى أيضا من بينها أزمة الهوية التي يعاني منها الحزب، والتي تفاقمت حدتها خلال هــذا العام عندمــا بالــغ بعض أعضائه الكبار وخصوصا ''بك'' في الاتجاه بالحزب صوب اليسار· وبدلا من الالتقاء بالمستشارة ''ميركيل'' في منتصف المسافة؛ قرر الحزب الديمقراطي الاشتراكي تحت قيادة ''بك'' التوجه نحو تطبيق سياسات ليبرالية، مصطفا في ذلك مع ''الحزب اليساري'' الذي نما على حسابه -على حساب الحزب الديمقراطي الاشتراكي- بعد أن شعر الناخبون أن الديمقراطي الاشتراكي قد تخلى عن قيم الرفاه الاجتماعي؛ يرى ''جورج هيمرلايخ'' -المحلل في صندوق مارشال الألماني- برلين التابع للولايات المتحدة، لقد كان السؤال الذي يجد الحزب الديمقراطي المسيحي نفسه حائرا أمامه دائما هو ''هل يصطف كليةً مع حزب اليسار، أم يقوم بمجهود خاص وجاد لكي يميز نفسه عن هذا الحزب؟''· ويعتبر كل من ''شتاينماير'' و''مونتيفيرينج'' من بين أكثر وجوه الحزب الديمقراطي الاشتراكي اعتدالا وشعبيا، ويؤشر اختيارهما على أن الحزب سيعود مجددا إلى تيار الوسط؛ فـ'' مونتيفيرينج'' هو الوسيط الأصلي الذي سعى لتكوين الائتلاف الحكومي الكبير، ويتمتع بعلاقات جيدة مع ''ميركيل''، ولكن الهدف الذي يسعى إليه وهو النأي بالحزب عن ''حزب اليسار'' قد يكون هدفا صعبا، وهو ما يرجع لحقيقة أن ذلك الحزب قد أعاد صياغة نفسه، كي يبدو في صورة الحزب المدافع عن دولة الرفاه في ألمانيا، كما قام أيضا بتبني قضايا مثل الرفاه، ومنافع الطفل كانت تساعد الحزب الديمقراطي الاشتراكي فيما مضى على الفوز في الانتخابات، ويشير استطلاع للرأي قامت به ''وكالة ألينسباخ'' أن 50 في المائة من الناخبين الألمان يؤمنون بأن ''الحزب اليساري'' أكثر استعدادا من الحزب الديمقراطي الاشتراكي لتجسير فجوة الثروة في ألمانيا· في نفس الوقت برز ''شتاينماير'' بوضوح باعتباره الوجه الجماهيري الجديد للحزب الديمقراطي الاشتراكي، وذلك منذ توليه منصب وزير الخارجية لدرجة أن الأرقام الخاصة بنسبة شعبيته كانت تعادل تلك الخاصة بـ''ميركيل''؛ مع ذلك فإنه يعتبر خيارا خطرا أيضا وهو ما يرجع لأنه كان مساعدا مقربا للمستشار السابق ''جيرهارد شرويدر'' الذي يعتبر من الوجوه التي تنقسم حولها الآراء، وبالتالي أصوات ناخبي الحزب الديمقراطي الاشتراكي، لأنه هو الرجل الذي استهل تحرك الحزب نحو تيار الوسط؛ فمن خلال منصبه كمدير لمكتب ''شرويدر'' دفع ''شتاينماير'' بأجندة 2010 الإصلاحية للحزب، التي تتمثل في مجموعة من الإجراءات الاقتصادية، التي عززت وضع مشروعات الأعمال، وقللت من نفوذ اتحادات العمل؛ وينظر مؤيدو الحزب الديمقراطي الاشتراكي التقليديون إلى أجندة 2010 على أنها ستؤدي إلى زيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء في ألمانيا؛ وهذا التاريخ السياسي، يمكن أن يلعب دورا عندما يختار الناخبون الحزب الذي سيدعمونه في انتخابات سبتمبر القادم· جيفري وايت - برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©