الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

نيتشه·· الحياة كنص أدبي إلى العربية

نيتشه·· الحياة كنص أدبي إلى العربية
11 سبتمبر 2008 01:10
صدر عن دار النشر المغربية ''أفريقيا الشرق'' حديثا ترجمة لكتاب المفكر وأستاذ الفلسفة بنسلفانيا ألكسندر نيهاماس بعنوان ''نيتشه·· الحياة كنص أدبي'' ويقع في 287 صفحة من القطع المتوسط· وجاء الكتاب الذي أنجز ترجمته إلى العربية محمد هشام، كبحث في فكر الفيلسوف الألماني فريدرك نيتشه (1844 ـ 1900) ورؤيته الفلسفية للحياة؛ ففي القسم الأول من الكتاب الذي تمحور في قسمين نقرأ تحت عناوين: فن الأسلوب الأكثر تقلبا، إنكار الحقيقة كشرط للحياة، الشيء هو مجموع آثاره، في الطبيعة التي تعارض شيئا ما، هو الطبيعة· أما القسم الثاني فنقرأ فيه: هذه الحياة - حياتكم الخالدة، كيف نصير ما نحن عليه، فيما وراء الخير والشر· وقد افتتح هذا الكتاب بمدخل واختتم بفهرس وكل باب من هذا الكتاب ينتهي بقائمة كبيرة للهوامش· يهتم القسم الأول، المعنون بـ''العالم''- وفق ما ورد في مدخل الكتاب- بكيفية أكيدة، أمام صنفين من المفارقات· الصنف الأول تحتويه مكتوباته (يقصد أعمال نيتشيه)· ويتعلق بمضمون مجموع أعماله، ويشتمل، مثلا، على تصوره لإرادة القوة، والعود السرمدي، وطبيعة الأنا، والمفترضات اللاأخلاقية للأخلاق· إن هذه المفارقات تنتمي إلى ما تحاول تأويلات مؤلفات نيتشه أن تفهمه وتوضحه· أما الصنف الآخر من المفارقات، فتولده مكتوباته· فهذه المفارقات هي نتاج أعماله، وتطرح مسألة الجهود ذاتها التي يمكن أن تبذل لفهمه، ووضع تأويل لأفكاره، ومن بينها الصنف الأول من المفارقات· وإن هذا الكتاب، الذي يجد في إعطاء مثل هذا التأويل، يجد كذلك، ويقدر الإمكان، في حل مفارقات الصنفين المذكورين· على أن هذه المفارقات ليست بدون رابطة تجمع بعضها ببعض· وعلى عكس من ذلك تماما، فإن فكرة لنيتشه تجمع لوحدها بين النوعين وتبين بأن التمييز بين ما تحتويه مكتوبات وما تنتجه تلك المكتوبات لا يمكنه أن يكون، في أحسن الأحوال، إلا مؤقتا، إن هذه الفكرة، هي المنظورية، الفكرة، الغالية على نيتشه، كما هو معروف، والتي ليست، بحسبها، كل فكرة إلا تأويلا ممكنا من بين تأويلات أخرى عديدة''· وفي الفصل الثالث، اهتم بهذا الجانب من إرادة القوة، كما يتصورها نيتشه، والذي يجعل من كل موضوع في العالم مجموع آثاره على كل الباقي، ويؤول كل الموضوعات الأخرى بدورها على أنها مجموع آثار أخرى مشابهة· ولمعالجة الصعوبة التي تصطدم بها هذه الفكرة عندما تؤكد على أن هناك آثارا بلا أشياء، وخصائص بلا جواهر، وأنشطة بلا فاعلين، الجأ مرة أخرى إلى النموذج الأدبي لنيتشه- ويؤكد المؤلف- على أن الموضوعات الأدبية، والشخصيات الأدبية على نحو خاص، مكونة فقط من مجموعات سمات أو آثار لا تتعلق بأي ذات مستقلة· أما الفصل الخامس، فينصب على العود الأبدي، الذي له قليل الصلة، في رأيه، إن لم يكن لا صلة له بالمرة بطبيعة الكون، على عكس ما يرى الكثيرون· إن نيتشه، في نظر المؤلف، ''لا يزعم بان تاريخ العالم يتكرر حسب دور أبدي، ولا حتى أنه من الممكن أن يكون الأمر على هذه الشاكلة· إنه يعتقد، بالأحرى، أن العالم وكل ما يحتويه هو بحيث إنه، إذا كان شيء ما في العالم ينبغي أن يعود كل الباقي كذلك إلى الظهور مجددا (رغم أن هذا، في الواقع، أمر مستحيل)، فحينئذ يجب أن يعود كل الباقي كذلك إلى الظهور مجددا· وهذا لأن نيتشه يدافع عن فكرة أن الروابط التي تشكل كل ما يوجد في العالم، وبالأخص، الروابط التي تشكل كل شخص انطلاقا من تجاربه وأفعاله هي روابط أساسية بإطلاق بالنسبة لهذا الشخص· فكل ما تفعله هو كذلك محدد في تشكيل ما نحن عليه''· كما أن هذا الكتاب، كما ورد في الغلاف الخارجي، يتعلق بمحاولة رفع التحدي الذي يمثله نيتشه، كفيلسوف ومؤلف، بالنسبة لتأويل مكتوباته· والفحص الذي يقوم به نيهاماس هنا لمشكلات ''منظورية'' و''جمالية'' نيتشه ينتهي إلى فرضية أساسية وهي: أن نيتشه يعتبر العالم عموما أثرا أدبيا· وتقدم ''فلسفة العالم'' هذه نموذجا أدبيا تدفعه إلى خلق منتوج أدبي، بل ''شخصية أدبية'' متميزة· إن هذا التأويل يسمح، انطلاقا من التباس علاقة نيتشه بالفلسفة، بإعادة مساءلة مجموع حركة فكره على مستويين: مستوى ''العالم'' ومستوى ''الأنا''· ففي لحظة أولى، فإن تصور العالم كنص و''فن الأسلوب'' هو الذي يسمح بإعادة قراءة ''إرادة القوة'' و''جينيالوجيا الأخلاق''· وفي لحظة ثانية، فإن الكيفية التي ينجز بها ''وصف العالم'' هي التي يعاد بناؤها- مما يمنظر (من المنظورية) ''لا أخلاقية'' وتصوره لـ''الصيرورة''، انطلاقا من ''فيما وراء الخير والشر''
المصدر: الدار البيضاء
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©