الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخادمة شر لابد منه!

الخادمة شر لابد منه!
24 يونيو 2010 20:48
مشاكل المرأة العاملة كثيرة ومتعددة، ناجمة فى معظمها عن عدم قدرتها على التوفيق بين مقتضيات عملها واحتياجات أسرتها، مع ذلك يبقى الأطفال المتضرر الأكبر جراء ذلك. وطبقاً لدراسة أعدتها مؤسسة دبي للمرأة مؤخراً تعتمد 63% من الأمهات العاملات على الخادمات فى رعاية أطفالهن وتربيتهن، فيترعرع الأطفال في أحضان الخادمات، يتعلمون لغاتهن وقيمهن المختلفة عن بيئتنا العربية وثقافتنا الإسلامية، حتى بدت الخادمة وكأنها أم بديلة يمتد تأثيرها على الأطفال لمعظم ساعات اليوم، ولا يقتصر على فترة غياب الأم التى تخلد غالباً للراحة بعد عناء يوم عمل شاق!! يمكن لجولة في بعض المصالح والهيئات التى تكتظ بنساء عاملات ممن يعانين من هذه المشكلة، والاستماع لآرائهن أن تشير إلى مشكلة حقيقية على هذا الصعيد، وإلى شبه إجماع على أن الخادمة لا تستطيع سد الفراغ الذى يخلفه خروج الأمهات للعمل، بل أنَّ معظمهن اعتبرنها غير أمينة على القيام بمهمة رعاية أطفالهن، لكنهن لم يجدن بداً من القول إنها أفضل البدائل المتاحة! فاتورة شخصية رولا حجازي أم لطفلين تتولى الخادمة رعايتهما أثناء خروجها للعمل، هي نفسها تربت على يدي واحدة استأجرتها أسرتها فى صغرها، والقضية مرتبطة فى رأيها بثقافة المجتمع الذى يعتمد على الخادمة فى كل شيء حتى تربية الأبناء. تعترف رولا بأن أطفال المرأه العاملة يسددون فاتورة سعيها لتحقيق طموحاتها الشخصية. تقول إنهم محرومون دائماً من حنانها لأنها ببساطه غائبة عنهم معظم ساعات اليوم، هي في النهار مشغولة بعملها، وعند عودتها تكون مرهقة وتخلد للنوم، ومساء تأوي للفراش مبكراً حتى تستطيع الاستيقاظ في الوقت المناسب لعملها، فيكون على الخادمة أن تقوم بدورها كأم، وتستحوذ على اهتمام الصغار، وتوضح رولا: أنا شخصياً أشعر بالغيرة من خادمتي لأن طفلي متعلقان بها. وتضيف:هذا ما حدث معي أيضاً في طفولتي، اذ أحببت الخادمة لدرجة كبيرة، وكنت أعتقد أنها أحد أفراد أسرتنا، وعندما كانت تسافر الى بلدها فى إجازتها السنوية كانت تتملكني الكابة والحزن. والمرأة العاملة تعيش حالة صراع بسبب هذه القضية، فهي مطالبة بإنجاز عملها ورعاية أبنائها. برنامج يومي أما فايزة سليمان فتبقى متوجسه طوال فترة وجودها بالعمل على طفلها، وهي لذلك تضع برنامجاً يومياً لخادمتها تحدد لها فيه كيفية تعاملها معه، تتابعه معها وتتأكد من تنفيذه. تقول عن ذلك: فى الصباح أتولى إيقاظ طفلي، وتغيير ملابسه، والاعتناء بنظافته، وإطعامه، واللعب معه، وأطلب من الخادمة الا تقوم بأي شيء في المنزل سوى الإعتناء به. وعند عودتي اعتني أنا بصغيري، بينما تتولى هي أمور المنزل. تضيف: استعنت من قبل بجيراني في السكن الذين تربطني بهم علاقات متينة للاعتناء بصغيري أثناء وجودي فى العمل، لكنني مع الوقت أحسست أنني أثقل عليهم، فاستاجرت خادمة، ودققت جيداً قبل اختيارها، واتابع تصرفاتها مع أطفالي، بين الحين والآخر من خلال الاتصال التليفوني المستمر بها، واستعين بجيراني ايضاً الذين يذهبون الى منزلي والاطمئنان عليهم. مراقبة مستمرة لكن أم علي ترى أنَّ المتابعة الهاتفية وحدها لا تكفي، وهي تضع لذلك كاميرات تصوير في كل أرجاء منزلها لمتابعة تصرفات الخادمة مع أطفالها. تقول: لجأت لهذه الطريقة بعد سلسلة من التجارب السيئة معهن، كن يتعاملن مع أطفالي بقسوة حتى أنني كنت الاحظ الخوف دائماً على وجوههم. تضيف: المشكلة ليست قاصرة على سوء المعاملة فقط، فقد وصلت الى حد تغيير سلوكيات أولادي اذ اصبحوا يتحدثون بلكنة مشوهة مثل الخادمة وهى سريلانكية الجنسية، مع ذلك لا استطيع الاستغناء عنها، وأحاول التغلب على ذلك بقضاء وقت أكبر مع أولادي، والتحدث اليهم باستمرار، لأنه ليس عندي بديل آخر خاصة وانني الحقتهم من قبل بإحدى دور الحضانة، لكنها كانت بعيدة عن عمل، وكنت أجد مشقة كبيرة في الذهاب اليهم والاطمئنان عليهم. طقوس دينية اما ملك إبراهيم فاضطرت الى ترك عملها بسبب هذه المشكلة، بعد أن وجدت أطفالها يقلدون الخادمة فى كل تصرفاتها.تقول: فوجئت بطفلتي تتحدث لغة الخادمة، حتى أنني عندما كنت أسالها عن أحوالها تجيبني: «مابوتي»! وتعنى جيدة بالفلبينية، لكن ما أزعجني حقاً هو أنها كانت تؤدي نفس طقوس الخادمة الدينية، وهي مسيحية، عند الجلوس الى مائدة الطعام أو الصلاة، وتطلب مني أن أفعلها أيضاً، فقررت ترك العمل والمكوث فى المنزل. أضف الى ذلك أنني كنت أشعر أن ابنتي ليست فى مأمن خاصة انني وجدت علامات «زرقاء» أسفل ذراعها، وحينما سألتها عن سببها أجابتني بأن الخادمة تضربها. الأيدز أيضاً من جهتها تعترف أم ضحى أن أطفال المرأة العاملة يتعرضون لمخاطر كبيرة أحياناً جراء هذه المشكلة، خاصة اذا كانت الخادمة غير أمينة، وهي تستشهد بتجربة سيئة تعرضت لها، لتعزز بها رأيها، وتقول: فوجئت عند عودتي من العمل مبكراً ذات مرة بالخادمة تجلس وبجوارها طفلتي الصغيرة تشاهد فيلماً فاضحاً، وصعقت من هول ما شاهدت، لكن هذا الموقف، رغم قسوته، كان هيناً قياساً بما اكتشفته بعد ذلك، اذ أبلغتني الشرطة أن الخادمة تحمل فيروس «الأيدز»، وكنت اتفقت معها على العمل لدي قبل أن تنهي إجراءات إقامتها بالدولة، ما أصابني وأسرتي بالهلع، ولم يهدئ من روعنا سوى نتائج التحاليل التى أجريناها واثبتت نجاتنا. تضيف: مع ذلك ليست كل الخادمات بهذا السوء، وربما يكون تهاون، وعدم تدقيق، فى الاختيار هو سبب ماحدث معي. التوازن المفقود يحلل الدكتور حسين العثمان، استاذ علم الاجتماع بجامعة الشارقة أبعاد المشكلة من جوانبها الاجتماعية، فيقول: الأطفال هم المتضرر الأكبر من هذه المشكلة، لأنهم لا يزالون فى طور التكوين، وما يزيد من حدتها أن معظم الخادمات وافدات من دول أجنبية، وبعضهن غير مسلمات، لا يعرفن حدود ديننا الحنيف، وحتى إن كن مؤمنات فإنَّ اللغة ستحول دون قدرتهن على تعليم الأطفال حدود الحلال والحرام. يردف: المشكلة نتيجة طبيعية لطبيعة الدور الذى تخوضه المرأة العاملة، والناجم عن احتلالها أكثر من مكانة اجتماعية، فهي موظفة وفي نفس الوقت مسؤولة عن أسرة، ومطالبة بتحقيق التوازن بين حقوق وواجبات كل طرف، الا أنه أحياناً ما يطغى أحدهما على الآخر. طلاق نفسي يؤكد أشرف الصراف، محاسب، أنَّ الخادمة لن تستطيع تعويض الطفل حنان واهتمام أمه، ويضيف: أبنائي عانوا جراء ذلك، وبعضهم أصبح عصبي، المزاج بسبب قسوة الخادمة معه، حتى انني وجدت كدمات في جسد أحدهم ذات مرة، وعندما سألته قال إن الخادمة تضربه فطردتها، واقترحت على زوجتي ترك العمل والاعتناء بأولادنا، لكنها رفضت، وأنا أعيش معها حالة طلاق نفسي بسبب ذلك. زوجة أشرف لا تبدو حالة استثنائية، فالغالبية العظمى من النساء العاملات ترفض ترك العمل أيضاً، ويؤكدن أن بعدهن عن أطفالهن لايستغرق سوى ساعات قليلة يقضينها فى العمل، ويتفرغن بعدها لهم ويعوضنهم فترة غيابهن.. لكن الدراسة تشير الى أن الوقت الذى تقضيه 31 % منهن مع أطفالهن البالغين من العمر أقل من أربع سنوات، خلال أيام العمل الرسمية، يتراوح بين ساعة الى ساعتين يومياً فقط، فى حين تمضي 60% من ساعتين الى أربع ساعات يومياً مع الأطفال. أمهات من نوعين بدوره يحذر الدكتور علي الحرجان، استشاري الطب النفسي، من الظاهرة، ويقول: نحن بصدد نوعين من الأمهات واحدة بيولوجية أنجبت، والثانية راعية تربي! والأخيرة شائعة في الغرب وفي مجتمعاتنا للأسف. يضيف: ابتعاد الأم عن صغارها فى المراحل الأولى من عمرهم يؤدي الى حدوث نوع من الالتصاق والتعلق والولاء العاطفي من قبل الطفل بالخادمة، تجده يتأثر بغيابها اذا سافرت الى بلدها مثلاً، أو اذا تركت الأسرة لأي سبب، فيرفض الذهاب للمدرسة أو يمتنع عن الطعام. يتابع الحرجان: تداعيات المشكلة خطيرة، أقلها شعور الطفل بعدم الانتماء للأسرة لصالح الخادمة التي ترعاه وتطعمه، ويستمع لتوجيهاتها دائماً. والاضطرابات التي يتعرض لها الطفل جراء هذه المشكلة كثيرة ايضاً، من بينها الخوف والتوتر والعناد. وتزداد حدتها اذا كانت الخادمة عديمة الأخلاق أو غير أهل للثقة، وترتكب جرائم سلوكية ضد الأطفال، كأن تقوم بممارسات جنسية معهم لإشباع نزواتها، اذ يتعلم منها الطفل هذه الآفات، ويواصل ممارستها حتى فى كبره. ويوضح الاستشاري النفسي: المرحلة التى يقضيها الطفل مع الخادمة حاسمة فى حياته، اذ تتشكل خلال السنوات الخمس الأولى من حياته شخصيته وتتحدد فيها صفاته الرئيسية. ما يزيد من الأزمة أن بعض الأمهات لا يؤدين أدوارهن، ويعتمدن على الخادمة بشكل كبير، فتجدهن مثلاً لا يحملن أطفالهن، ويتركن الخادمة تفعل ذلك، رغم أهمية ضم الطفل الى صدر أمه، لاشباع حاجات نفسية لديه ويحسم محدثنا قائلاً: لا بدَّ من إيجاد وسائل أخرى لرعاية الطفل الذي تضطر والدته للمغادرة إلى العمل. دور الحضانة غير عملية الخادمة مشكلة أسرية بدائلها غير مقنعة دبي(الاتحاد) تمثل دور الحضانة أحد البدائل المطروحة، وهي تعد بيئة جيدة لتنشئة الأطفال ورعايتهم، اذ يتم العمل داخلها بأسلوب علمي منظم ومدروس ووفق قواعد وشروط تحددها وزارة الشؤون الاجتماعية، وكلها بلا استثناء تضع برامج متنوعة، وتستعين بمتخصصين لتنمية مهارات الطفل. وقرار مجلس الوزراء رقم 19 لسنة 2006 المتعلق بإنشاء دور حضانة في مقار الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة والدوائر الحكومية نظم عملها. وأيضاً القانون الاتحادي يلزم كل مؤسسة تعمل فيها 50 امراة بإنشاء حضانة، الا أن ضعف الامكانيات المادية والبشرية يحول على ما يبدو دون تعميم تنفيذه. رغم ذلك لاتلجأ الى الحضانة سوى 5% فقط من النساء العاملات طبقاً للدراسة سالفة الذكر. فايزة سليمان واحدة من هؤلاء العاملات، تقول:لن أودع أطفالي في دار حضانة، حتى وإن وفر ذلك علي خادمة، هي في تقديري غير عملية، وليست آمنة تماماً لأن الطفل يختلط فيها بآخرين، وبعضهم غير سوي ايضاً، وربما يكتسب فيها سلوكيات غير حميدة، فضلاً عن ارتفاع مصروفاتها، وما يزيد من المشكلة أن هناك أسراً لديها أكثر من طفل. يرفض أشرف، هو الآخر، الحضانة ويعتبرها غير مناسبة، وبيئة غير صحية للنمو السليم للطفل. يقول: معظم العاملين فيها ليسوا عرباً، ولهم عاداتهم المختلفة عنا أيضاً. يضيف: أودعت إحدى بناتي في صغرها دار حضانة، لكنها كانت مرحلة سيئة فى حياتها، وحالياً هي في المرحلة الثانوية وتشعر بالاستياء كلما تذكرت تلك الفترة. كما أن ارتفاع مصروفات بعض دور الحضانة والتي تصل الى 40000 درهم أدى الى العزوف عنها، والاكتفاء بالخادمة التى لايتجاوز أجرها ال 2000 درهم فقط. الحضانة ترد تنفي أمل الأميري، مديرة إحدى الحضانات التابعة لمجلس سيدات الشارقة الآراء السابقة، وتقول: ما نتقاضاه قليل قياسا بالخدمات التي نقدمها، وتبدأ من 8000 درهم، اذ نستعين بمتخصصين ونضع برامج متطورة لتنمية قدرات الأطفال اللغوية والجسدية والعقلية والاجتماعية والنفسية والرياضية. تضيف: نستقبل الأطفال من عمر شهرين وحتى أربع سنوات، والبرامج التى نضعها تراعى الفروق العمرية للأطفال، ونتولى تدريب العاملين لدينا على كيفية التعامل مع الأطفال، ولدينا كاميرات مراقبة نرصد من خلالها طريقة رعاية الأطفال طوال النهار، وكيفية تفاعلهم مع المربيات. مشكلة أسرية المؤسسات المعنية بشؤون المرأة قدمت من جانبها مبادرات لمواجهة المشكلة، ومن بينها جمعية النهضة النسائية. تقول عفراء الحاي، مديرة مركز الاستشارات بالجمعية: نضع برامج ونقيم ندوات ومؤتمرات لتمكين المرأة وتوعية الفتيات المقبلات على الزواج بمثل هذه المشكلات وكيفية التعامل معها. تضيف: المشكلة أسرية بالأساس اذ يمكن أن تكون المرأة غير عاملة، وتعتمد على الخادمة فى تربية أبنائها، وهو في كل الأحوال جهل بدور الخادمة الذي يجب أن ينحصر في أعمال المنزل وحسب. حصول المرأة العاملة على إجازة وضع لمدة أطول من التل حددها القانون الحالي بديل ثالث تطرحه عائشة راشد الطنيجىل رئيس لجنة المحامين. وتقول عن ذلك: القانون الحالى يسمح لها بإجازه 45 يوماً فقط مدفوعة الأجر، إضافة الى ساعة رضاعة، فيما تمنح إجازة حضانة 15 يوماً براتب. وتوضح: هذه المدة غير كافية للاعتناء بالطفل الذى يحتاج الى شهرين على أقل تقدير.وصحيح أن بعض الدوائر الحكومية تراعي هذه المسألة، وتسمح للمرأة بالتغيب أو الاستئذان مبكراً، لكن هذا يتم بشكل ودي وليس رسمياً، ومن تريد منهن رعاية أطفالهن عليها أن تحصل على إجازة أكبر بدون أجر. التشريع أيضاً للمشكلة جانب تشريعي إذن؟ فلقد أثار المجلس الوطني الاتحادي هذه القضية حينما عرض عليه قانون الخدمة المدنية، المعروف حالياً بقانون الموارد البشرية، ودعا عدد من أعضائه الى تغيير بعض بنوده. يقول أحمد الخاطري عضو المجلس: طالبنا بمد فترة إجازة الوضع لتكون سنتين، إحداهما مدفوعة الأجر والثانية تحصل فيها المرأة على نصف المرتب فقط ، لكن الحكومة لم تأخذ بهذا الرأي لأسباب مرتبطة بالميزانية. يضيف: الاستعانة بالخادمات فى تربية الأبناء أصبحت جزءاً من ثقافة المجتمع، وحتى اذا أجيبت مطالبنا ستستعين المرأة ايضا بمربية، مع تلك القوانين الحالية تحتاج الى مراجعة، ويمكن أن نستعين بتجارب الدول الأخرى فى معالجتها، مثل الأمور المتعلقة بساعات العمل وإجازة الوضع، صحيح أنَّ القانون يتيح حالياً للموظف العمل عدد ساعات محدد، لكنها جهود متناثرة ويجب تقنين المسألة، ونحن فى المجلس نطالب بأشياء من هذا القبيل، لكن الحكومة هي المحرك الرئيسي.
المصدر: دبى
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©