السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سقوط قناع الشخصية المتناقضة

سقوط قناع الشخصية المتناقضة
24 يونيو 2010 21:08
أعرف أن الحب له سهام تخترق القلوب بلا مقدمات وبلا استئذان ولا تنفع معه الحيطة ولا الحذر ولا يجيء ويذهب بقرار ورغم ذلك نجحت في السيطرة على عواطفي ولم أطلق لمشاعري العنان تمرح هنا وهناك. وخلت فترة المراهقة من أي مغامرة تذكر إلا من قليل من بعض حالات الإعجاب العابرة التي قد تسيطر على الصغيرات ولا يصل الأمر إلى حد الانبهار والتفكير العميق واستمرت السيطرة على هذه الأحاسيس وأنا في المرحلة الجامعية وكنت أقابل القصص والمغامرات التي تصل إلى مسامعي عن زملائي وزميلاتي بالسخرية ولا أدعي الحكمة وإنما كنت أرى بعين المراقب وأزن بميزان العقل والواقع لا الخيال والأحلام ولا أبالغ كنت أنظر إلى زملائي على أنهم “عيال” كل منهم يحصل على مصروفه اليومي من أبيه. ومن الطبيعي أن أمام كل واحد مشوارا طويلا ليبدأ حياته ويفكر في الارتباط والاستقرار وتكوين أسرة خاصة مع ارتفاع تكاليف الزواج التي تفوق قدرات السواد الأعظم من الشباب ومن العبث أن ارتبط بواحد من هؤلاء وأنا أرفض التسلية واللهو. لكن هذا لا يمنع من أنني فتاة مثل كل الفتيات، أحلم برجل ذي مواصفات خاصة ولديه كافة الإمكانات، لكن الأهم أن يكون على مستوى المسؤولية ولا أشترط فيه المال والجاه ولكن اشترط كمال الشخصية وقوتها وقدرته على تحمل مصاعب الحياة ومواجهة الظروف التي لا يخلو منها بيت. ومطلبي أو حلمي ليس مستحيلا ولا منعدما وإنما موجود ومتوافر وأرى هذه النماذج من حولي ولكن أيضا أرى نماذج أخرى تدعو للأسف والأسى كانت نتيجتها الفشل والضياع. صديقتي المقربة تتهمني بالجفاف في التفكير والتشاؤم وقد تصفني بأنني نكدية وعاشقة للبؤس ولا أريد أن أعيش حياتي وأتشبث بالوهم وكل منا ترى أن الأخرى على خطأ، لكن قناعتي أنني علـى صواب وكادت تحدث القطيعة بيننا عندما طلبت رأيي في علاقتها بزميل لنا وفوجئت بي أضحك من أعماقي مستنكرة ما تقول وكانت نصيحتي لها خالصة من القلب بأن تدع هذه الترهات وتركز تفكيرها في الدراسة فلا طائل من وراء ما تفعله لأنه محكوم عليه بالفشل مقدما لأن المعطيات والمقدمات والمؤشرات كلها تؤكد ذلك وثبتت صحة وجهة نظري، وجاءتني يوماً باكية تحاول أن تكفكف دموعها وهي تبلغني بالوصول إلى محطة النهاية في تجربتها وتلوم نفسها كثيرا لأنها لم تستمع لنصيحتي فسنوات الجامعة تقترب من النهاية ولابد من وضع ضوابط لعلاقتهما فوجهت إليه تساؤلا مباشراً حول ما يعتزم فعله فيما هو آت، فما كان منه إلا أنه طالبها بالصبر بلا حدود إلى أن يصل لنقطة يستطيع أن ينطلق منها ويبدأ حياته وحتى إن كان يريد خطبتها الآن فمن الطبيعي أن يرفض أهلها والمسألة لا تحتاج إلى حسابات وإنما تحل نفسها بنفسها، الزواج بحاجة إلى أموال كثيرة وهو ليس لديه شيء، وهكذا كأن صديقتي أفاقت من غيبوبة واستردت وعيها لكنها دخلت شبه أزمة نفسية ساعدتها كثيراً للخروج منها، والعودة لحياتها مع الاقتناع بضرورة استخدام العقل في التفكير. وانتقلت من مرحلة الدراسة الجامعية إلى العمل والتحقت بوظيفة في مكتبة كبيرة ولم يسلم الحال من بعض النظرات من الرواد، ومحاولات التقرب التي قابلتها كلها بالتجاهل لأنني أفهم ما وراءها، لكن طبيعة عملي أتاحت لي فرصة أن أقرأ واطلع على مختلف العلوم النظرية والروايات والقصص القصيرة ودواوين الشعر في مختلف العصور وكانت هذه السنوات القليلة هي مصدر الثراء الحقيقي لعقلي ونضوج تفكيري فقد اطلعت على تجارب حقيقية في الحياة وعلى روايات من إبداع المؤلفين والكتاب لكنها تتحدث عن الواقع الذي نعيشه وربما يكون معظمها حقيقياً مع تغيير الأسماء والأماكن وأحياناً كنت أشعر كأنني بطلة هذه الرواية أو تلك أو أتمنى أن أكون مثلها أو مكانها لإعجابي بها وقناعتي بتصرفاتها وليس ردة عن أفكاري أو تحولا عن موقفي ولا أنكر أنني اقتربت من الخامسة والعشرين وأتوق لتكوين أسرة وأتمنى أن يطرق بابي الشخص المناسب الذي أريده وإن كان عدد غير قليل من أقاربي قد تقدموا لطلب يدي لكنني لم أر في أي منهم مواصفات الرجل الذي أحلم به خاصة وأنهم قريبون مني وأعرف عنهم كل شيء. تسمرت في مكاني ولم أقو على القيام من مقعدي وأنا آراه أمامي يطلب المساعدة في طلب بعض الكتب والمفاجأة كادت تعقد لساني عن الرد عليه وحتى أتخلص من الموقف الصعب استجمعت قواي وحاولت أن ألبي مطلبه لكن كان يجب في نفس الوقت أن أستضيفه وأقدم واجب الضيافة عرفانا بما قدمه قبل يومين فقد كنت أسير في الشارع عائدة إلى بيتي بعد انتهاء العمل وكاد شاب مستهتر يدهسني بسيارته وهو يقودها بتهور ورعونة ولولا أن هذا الرجل تلقفني لسقطت على الأرض وبعد أن هدأ من روعي إنهال توبيخاً على هذا الشاب حتى كاد يفتك به وقد لقنه درساً في الأخلاق لولا أن تدخل المارة وانهوا الموقف وعدت إلى بيتي وهو يودعني بكلمات الاعتذار كأنه هو الذي أخطأ في حقي ومضى كل إلى حال سبيله. وإن كان المشهد قد زار مخيلتي مرات عديدة وتذكرته كثيراً في تلك الليلة لكن كان المهم فيه والبطل هذا المنقذ صاحب الكلمات المنظمة والأسلوب الرقيق تبدو شخصيته قوية بلا حاجة لدليل ويكفي ما قدم في موقف فجائي، ولم أتوقع أبداً أن أراه ثانية حتى أنني عندما وجدته أمامي اعتقدت أنه دبر الموقف الأول، وتحجج اليوم لرؤيتي، لكنه فيما بعد أقسم لها أن كل ذلك قضاء وقدر وحاولت أن أرد له بعض الجميل وأساعده في الوصول إلى الكتب التي يحتاج إليها ثم ودعني شاكراً ممتناً. وبعدها تكررت زياراته وقد أفصح بجرأة غير عادية كنت في الحقيقة معجبة به وبأنه يأتي خصيصاً ليراني لا للاطلاع، وحدث ما كنت أحذره ووقعت في حبه وانهارت مقاومتي والسبب أنني وجدت فيه مواصفات الفارس الذي أحلم به فهو رجل بمعنى الكلمة وورث عن أبيه ثروة كبيرة هو وإخواته ويقيم مع أمه في شقة واحدة بعد زواج الفتيات، وأفصح لي عن رغبته في الزواج ومنعني الحياء من الرد ولكن السكوت كان علامة الرضا والصمت أحيانا أبلغ من الكلام ورأيت السعادة على وجهه بينما كان قلبي يرقص ولا أدري إن كان هذا نصراً لمشاعري أم هزيمة ولماذا الحيرة؟ الأمر لا يقاس بهذا التفكير فالرجل مناسب وتتمناه مئات الفتيات وأنا أولهن وقد اخترته بقلبي وعقلي ووعدني بأنه سيؤثث لي شقة مستقلة بعيداً عن أمه حتى لا أتعرض لحركات الحموات، وأعيش بحرية في بيتي لكنني رفضت هذا العرض وأصررت على الإقامة مع أمه في بيت واحد لأنها مثل أمي ويجب ألا أحرمها منه ولا اتركها وهي في هذه السن تقيم وحيدة وإن كنت قد لمحت عدم الرضا في عينيه لكنه وافق، وحددت له موعداً لمقابلة أسرتي وطلب يدي واستطاع من اللقاء الأول أن يأسر قلوب الجميع فهو يجيد لغة الخطاب لكل شخص بما يناسبه، حينها اطمأن قلبي بعدما تطابقت وجهات النظر جميعها على رأي واحد فيه، فقد كنت أخشى أن انساق وراء مشاعري وأحكم عليه بخلاف الحقيقة. وتم الاتفاق على موعد العرس وبعدها قضينا أسبوعين في رحلات بأماكن متعددة ومختلفة، لا أصدق أنني كنت أعيش الواقع كأنني في حلم جميل أخشى أن استيقظ منه تمنيت أن يدوم ويستمر وعدنا إلى بيتنا واستشعرت في عيني والدة زوجي خوفاً وقلقاً واستكانة وخشيت أن أكون السبب أو أنها تتوجس خيفة مني ومن الأيام القادمة فحاولت بالتصرفات أن أبدي لها ما يطمئنها فوجدت منها امتناناً وعرفاناً أكثر مما أقدم لها. ولاحظت أنها تتحاشى الحديث مع ابنها الذي هو زوجي إلا عند الضرورة وهو يحاول أن يحذفها من هامش الحياة إلى أن تكشفت الحقيقة المرة وظهر ما كنت أجهله عندما طلبت حماتي بعض المال من حقها لكي تشتري الدواء الشهري وفوجئت بثورة عارمة من زوجي مع رفض قاطع ثم خرج عن طور الإنسانية ووجه لأمه بعض الكلمات استقبلتها وهي مستكينة منهمرة في البكاء بلا صوت ولم أصدق المشهد كله وأعلنت الرفض ووقفت بجانب المرأة الضعيفة التي لم تفعل شيئاً تستحق عليه ذلك فإذا به ينهرني ويأمرني بعدم التدخل فيما لا يخصني وهو رجل البيت يفعل ما يشاء ولا يحق لأحد أن ينطق ولو بكلمة ووجدتني أمام شخصية أخرى غير التي عرفتها واستشعرت الخوف خاصة عندما اخبرتني أمه بأن هذه هي طريقته في التعامل معها ومع اخواته اللاتي تزوجن وانقطعت زياراتهن لها وله بسبب جفوته وغلظته وهي تلوم نفسها لأنها دللته منذ نعومة أظفاره فنشأ على هذه الطريقة. ثلاثة أيام بعد رحلة العمر كانت كافية لاكتشف أنني وقعت فيما كنت احذره وأخشاه وشعرت بالخطر يدهم حياتي وهو واقع لا محالة فلا خير في رجل يعامل أمه بهذه الطريقة فكيف سيكون معي فيما بعد وبعد أن يصبح لدينا أولاد؟ إنني أمام رجل بشخصيتين متناقضتين لا استطيع التوفيق بينهما والخسارة القريبة أفضل من المكسب البعيد ولا أرى أنني أخطأت في اختياري فقد حكمت بظاهر الأمر اما الباطن فلا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى لكني سأكون مخطئة في حق نفسي إذا قبلت الاستمرار في هذا الوضع وبلا تردد توجهت إلى محكمة الأسرة وأقمت دعوى بخلعه ورددت له كل الهدايا والمهر وتنازلت عن المؤخر لأنقذ ما تبقى من حياتي. وفوجئ خبراء المحكمة بأنني اطلب حماية حماتي من ابنها ولم يصدقوا ما سمعوا مني إلا بعدما أكدته هي لهم، وقضت المحكمة لي بالخلع واصطحبت أمه وعدت بها إلى بيت أبي! ميزان العدالة نهاية شاب طائش أحمد محمد (القاهرة) - شاهد نفسه في المرآة كما اعتاد، فهو في طريقه لأن يكون رجلاً، لقد حان الوقت ليعد العدة ويصير من الكبار، ويحصل على “العضوية”، حتى أنه كان يخط شاربه بأقلام الألوان المدرسية، يتعجل الخطو نحو مرحلة الشباب، اتخذ من التقليد وسيلة لذلك، لم يعد بينه وبينها الكثير، عضلاته تبشر بجسد مفتول، لكن أصدقاءه وزملاءه ممن هم في مثل عمره يدخنون السجائر وهذه أهم علامات النضج والرجولة عندهم ولا بد أن يكون مثلهم، فهو يرى أنه يتمتع بشخصية مستقلة، يفرض رأيه حتى لو كان خطأ، المهم أن يكون لكلامه موضع له اعتباره، حاول مع أول سيجارة أن يتخلص من نوبة السعال التي أصابته، وتواصلت لعدة دقائق، وأدعى أن ذلك ليس بسبب التدخين وإنما لأسباب أخرى، وهي من المؤكد لم تكن مقنعة، ومع بعض الجدال، تم تمرير الموقف حتى لا يحتدم النقاش ويتحول إلى شجار، وهم يعرفون أنه دائماً يريد أن ينهي الموقف والكلام لصالحه، ولم يكن بين أبيه وأمه وإخوته أحسن حالاً، يرفض النصيحة، لا يقبل توجيهاً ولا رأياً، يمصمص شفتيه ويخرج من بينهم بلا استئذان، يحاول أبواه التعامل معه برفق حتى لا يتطور الأمر إلى الأسوأ، ويتجنبان المزيد من سوء أخلاقه التي لم يجدا سبيلاً لإصلاحها، لكن المحاولات التي لا تعد ولا تحصى لم تأت يوماً بفائدة تذكر، ولم يكن أمامهما إلا الصبر بلا حدود. قلب الأم الذي لا مثيل له في الرقة والرحمة والحب، تحول وتبدل وتغير، لم تعد قادرة على احتمال تصرفاته حتى أنها طلبت من أبيه أن يطرده من البيت إلى غير رجعة وليكن ما يكون، فهي ليست قادرة على تحمل غلظته وفظاظته، لكن الأب لم يستجب لها أملاً في الإصلاح، وخشية أن يأتيهما بمصيبة أكبر، ويزداد انحرافه، حتى معارضتهما له في موضوع التدخين لم يعد لها وجود، بل زادا له مصروفه اليومي ليتمكن من ذلك ومنعاً له من اللجوء إلى وسائل أخرى مثل السرقة ليدبر الأموال من أجل مزاجه، كما فشلت كل المحاولات لمنعه من أصدقاء السوء، وزادته تمسكاً بهم. وضاع الأمل الأول والأكبر بإخفاقه في المرحلة الإعدادية وحصوله على درجات بالكاد ألحقته بمرحلة التعليم الفني المتوسط، والتي لم يعد لخريجيها قيمة، ولا تصلح للحصول على عمل بمؤهلها هذه الأيام، وهو لا ينظر إلا تحت قدميه، فتى بلا طموح، غير البحث عن “الرجولة” الزائفة المقلدة التي لا تسمن ولا تغني من جوع والدراسة التي التحق بها لم تكن بحاجة لمزيد من الاستذكار، وهذا هو مصدر سعادته، لأنه سيتيح له السهر حتى الصباح والنوم إلى ما بعد الظهيرة، واللعب على الكمبيوتر، والخروج مع “الشلة” في أي وقت وأي مكان، لكنه ما زال يرفض “قيود” والديه التي تتمثل في سؤاله عن وجهته وعودته وسبب تأخره، حتى أنهما توقفا عن ذلك لأنهما لم يتلقيا جواباً. وحصل “هريدي” على المؤهل الذي لا يعدو أن يكون مجرد ورقة بلا قيمة تذكر، حتى إذا فقدت فلن يهتم بالحصول على بديل لها، وبانتهاء عهده بالدراسة أصبح متعطلاً بشكل رسمي، كل وقته ملكه تماماً ليفعل ما يريد، لكن هذه المرة تجاوز الحدود، وتخطى المعقول، إنه يريد أن يشتري “كلباً” وبعد جدال عقيم كان له ما أراد واشترى كلباً ضخماً، كثيف الشعر، كبير الرأس والأذنين، يبدو مخيفاً متوحشاً ووضع له قلادة طويلة، وخصص له مكاناً في مسكنه حتى يكاد يبيت ويأكل ويشرب معه، وتحكم الكلب في حياة “هريدي” فهو الذي يجبره الآن على الاستيقاظ مبكراً للخروج به، ثم يعيد الكره في عصر كل يوم، غير أن هذه الأخيرة لم تكن مزعجة له مثل الأولى. بل وجد فيها متعة غير عادية خاصة عندما يواصل الكلب نباحه على المارة ويحاول الهجوم عليهم، فيشعر بسعادة غامرة وهو يراهم يهرولون من أمامه خشية أن يفترسهم كلبه، ويبالغ في الموقف ويزيده سخونة وهو يرخي الحبل لكلبه ليقطع عدة أمتار جرياً وراء ضحيته، بينما تكون هذه السعادة في قمتها عندما تكون الطريدة فتاة أو فتيات، يشعر بنشوة النصر ويعبر بضحكات ساخرة عن كسبه للموقف حتى لو كان على حساب رعب وخوف الآخرين، وكثيراً ما تلقى كلمات اللوم على تصرفاته هذه، لكنه لا يكترث ويواصل غيه، وتحسباً للمشاجرات مع تكرار هذه المواقف كانت مطواته لا تفارق جيبه، ولا مانع من أن يستعرض بها مع الكلب في عرض الشارع الذي لم يكن متسعاً، وهو يفرض على كل المارة أن يمروا بعيداً، خوفاً من هذا المفترس الذي لا يكف عن النباح، ولا يترك أحداً يمر بسلام، حتى أن “هريدي” إذا أراد أن يلقي بكلمات غزل لفتاة أو امرأة، فإنه يبث في نفسها الاطمئنان ويلقي الوعود بحمايتها ولن يجرؤ كلبه على مخالفته ولا يستطيع أن يعض “الجميلات”، وهناك من يبادلنه ابتسامة، وكثيرات لا يلقين له بالاً، فيتعمد ترك كلبه نحوهن في المرات القادمة، ربما يلجأن لطلب تدخله. فوجئت “دعاء” بالكلب ينطلق نحوها كالسهم، يكاد يفتك بها، وقد أخرج لسانه الطويل وهو يلهث وينبح، الهجوم المباغت جعلها تفقد السيطرة على أعصابها، ولم تعرف كيف تتصرف ولا كيف تدافع عن نفسها أمام هذا الوحش الكاسر، ومن الطبيعي أن تلوذ بالفرار، حتى أنها من ارتباكها كادت تسقط على الأرض وهي تصرخ وتطلب النجدة والمساعدة من المارة الذين لم يعجبهم الموقف ورفضوا تصرف “هريدي” جملة وتفصيلاً، وخاصة ما فعله أصدقاؤه والضحكات التي أطلقوها سخرية من المرأة وهي في هذا الموقف وحضر زوجها الذي خرج يستطلع الأمر عندما تجمع الناس على هذا المشهد، فما كان منه إلا أن وجه العتاب القاسي وعبر عن سخطه لما يحدث لكن “هريدي” لم يقبل، وتبادلا السباب وتحول الموقف إلى مشاجرة، كانت مطواه هريدي فيها صاحبة الفصل في القول، حيث غرسها في قلب “صالح” الذي سقط بين يدي زوجته قتيلاً قبل أن تفيق من الرعب الأول. ويهرب بكلبه، لكن النيابة تأمر بالقبض عليها، ويشعر “هريدي” لأول مرة بالضعف والخوف الحقيقي، ويعرف الهزيمة والاستسلام أثناء اقتياده إلى محبسه مكبلاً بالقيود الحديدية.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©