الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

غلاء غلاء·· ولا حل!

11 سبتمبر 2008 01:58
تبدو قضية الغلاء وكأنها كارثة مستعصية الحل يكتب عنها أهل الصحافة على أنها أمُّ الكوارث، ويناقشها أعضاء المجلس الوطني باعتبارها مشكلة اجتماعية تحتاج إلى مواجهة حقيقية، لكنهم يرجعونها للغلاء العالمي وأنماط الاستهلاك الفردي، أما جمعية حماية المستهلك فتكتفي بإعلان تلفزيوني يطالب الجمهور بالتأكد من وجود تاريخ صلاحية واضح على المنتج قبل شرائه، أما عموم الناس فيكتفون بالشكوى من الغلاء عبر برامج البث المباشر والمجالس الخاصة والعامة ولا شيء آخر· الخبراء وأهل الاقتصاد يحذرون من أنه إذا بقيت وتيرة الغلاء آخذة في التسارع بهذا الشكل الذي نشهده فإن المجتمع على أعتاب كارثة اقتصادية حقيقية لن تنهيها الحلول الطارئة بزيادة المرتبات، ذلك أن أي زيادة في الرواتب تقابلها ارتفاعات موازية ومتوقعة في الأسعار، وهو ما يحصل بالفعل، ويبقى السؤال الملح: إذن مالحل؟ لابد من الإشارة بداية إلى أن الغلاء لا يخص أسعار السلع الاستهلاكية فقط، إن الإنفاق الأكبر الذي يبتلع مداخيل الناس يذهب لإيجارات المساكن أولاً، ومن ثم لأسعار الطاقة المستهلكة وأسعار البناء ونفقات التعليم وبقية الخدمات تالياً، وهنا فإن الاتهامات تتطاير من فوق الرؤوس عن من هو المتسبب الأكبر في ارتفاع الأسعار يا ترى: هل هو النظام العالمي والبنك الدولي وأنظمة السوق المفتوح، أم الموردون الكبار أم تجار التجزئة، أم مصنعو المواد الأولية، أم الفوضى العارمة في مجال الأسعار لعدم وجود الضوابط الفاعلة والقوانين الرادعة؟ ولا نريد أن نسأل عن مسؤولية وزارة الصناعة والتجارة فتكفيها الأسئلة التي طُرحت ولا زالت تُطرح على مسؤوليها! لقد تآكلت الطبقة الوسطى في المجتمع لأسباب جوهرية عديدة، اليوم إما أغنياء ومليونيرات، وإما فقراء يستدينون قبل منتصف الشهر مما رفع معدلات الديون بشكل كبير جداً، إذن فبوادر الأزمة الاقتصادية واضحة جداً، والمطلوب وجود سلة من الحلول يتقاسمها الناس والتجار والحكومة معاً في ظل ضوابط وقوانين لا تعرف المساومة أو المجاملة، أما السكوت والفرجة فهما علة العلل! نعم هناك مرتبات خيالية يتقاضاها البعض في الإمارات، وهناك مليونيرات يتزايدون، لكن يقابلهم مديونيرات أيضاً، هناك ساكنو قصور بأعداد كبيرة، وهناك أيضاً ساكنو شقق ضيقة وبيوت شعبية متهالكة ومنتظرو قروض الإسكان منذ سنوات، وهنا فإن للحكومة دوراً أكيداً في تقديم الحلول والمخارج، هناك تفاوت معيشي فاحش قد يراه البعض عادياً فليس على الجميع أن يكونوا أغنياء، نعم ذلك صحيح لكن في دولة غنية كالإمارات يبدو وجود مواطنين بلا مساكن ومديونين كُثر، ومنتفعين من الجمعيات الخيرية بهذه الأعداد التي تنشر في الصحف وتفاقم الأسعار بمعدلات خيالية أموراً لا يجوز القبول بها وتركها تقودنا للتضخم ولأزمات اقتصادية أكثر خطراً! توعية الناس وتوجيههم نحو أنماط استهلاكية أكثر تعقلاً واتزاناً، وتنمية ثقافة الادخار لدى الفرد أمر مهم على الأعلام ألاَّ يتهاون فيه، ووضع الضوابط الصارمة لمواجهة تلاعبات التجار مطلوب، وضبط الحكومة لأسعار المواد الأولية وتفعيل أدوار جمعيات حماية المستهلك والمقاولين والاتحاد التعاوني ومنحهم صلاحيات الفعل والمشاركة والرقابة كل ذلك وغيره مطلوب النظر إليه بجدية تامة، وإلا فسنظل نراوح المكان نفسه دون أن نتقدم خطوة للأمام! ayya-222@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©