الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مهن الآباء في عيون الأبناء

مهن الآباء في عيون الأبناء
21 ابريل 2011 20:19
من أكثر الأشياء المؤسفة حين نرى أناساً وصلوا لأعلى المراتب العلمية والعملية يخجلون من مهن آبائهم المتواضعة، تلك المهن التي كانت سبيل الإنفاق عليهم حتى وصلوا إلى ما هم عليه، ومن المحزن حين يشعر الآباء أن أبنائهم الذين سهروا على راحتهم ينكرون هذا الفضل ويخجلون منهم. تفتخر مريم خميس (مدرسة لغة عربية) بعمل والدها كحارس مدرسة، وتقول: «عمل والدي وسام على صدري، وأكون ناكرة المعروف وجاحدة حين أخجل من مهنته، فهي التي أوصلتني إلى مرتبة أن أحمل الشهادة الجامعية، وأعمل لأصبح مدرسة». وتتابع: «لولا عمل والدي لم أستطع أنا وأخواتي، إكمال دراساتنا الجامعية والعمل في أرقى الوظائف اليوم، لقد تحمل الكثير من أجلنا وعانى في مهمته التي يزيدها شرفاً أنها إنسانية أيضاً». قرار تعسفي شريف مصطفى (مقيم في أبوظبي)، عرض على والده أن يترك مهنة «بيع الحلويات» عن ذلك يقول: «جميع أصدقائي في العمل يعرفون أن والدي يعمل في بيع الحلويات بأحد المحال بأبوظبي، بعد تخرجي، وتعييني في وظيفة مناسبة بإحدى الهيئات الحكومية، عرضت عليه ترك العمل وأن يستريح في البيت، في بادئ الأمر رفض الوالد هذا القرار الذي وجده «تعسفي» من وجهه نظره، وأكد لنا أنه لن يتخلى عن مهنة عاش منها هو وأبناؤه». يتابع شريف: «بعد تعرض والدي لحادث سير. وبعد تفكير عميق قرر ترك بيع الحلويات بلا رجعه، ما أشعرني بالارتياح بعد توقف والدي عن بيع الحلويات، فأنا وإخوتي كنا نطمح بأن يرتاح من إجهاد الوقوف المتواصل وتعنت بعض الزبائن، والإرهاق أمام أفران الحلويات». مهن جديدة ويستنكر عبد العزيز خليفة (موظف حكومي) الخجل من وظائف الوالدين، ويقول:»أعتقد أن الخجل من وظيفة أب كافح وجاهد لتربية أبنائه نوع من الجحود والنكران، ألم يعلم هؤلاء أن آباءهم كافحوا من أجل لقمة العيش ومن أجل أن يُعيش أبناءهم حياة هانئة، كيف يمكنهم الهروب من التصريح بمهن آبائهم، وما الذي يدفعهم لاختلاق الأكاذيب أمام أقرانهم ويحاولوا أن يظهروا بغير حقيقتهم أمام الآخرين، يتظاهرون بأنهم في مكانة ومستوى عال ليحصلوا على الاحترام من غيرهم، وهذه وسيلة غبية للتفاخر بما لا يملكون أساساً». يكمل عبد العزيز: كان مجتمعنا مكوناً من مهن بسيطة أساساً، فأغلب الآباء كانوا يعملون إما في الزراعة أو صيد السمك، لكن الحداثة والتطور وفرتا مهناً أخرى، وبالأساس من الصعوبة أن تجد رجلاً راشداً كان والده طبيباً أو مهندساً أو أي مهنة نخبوية، لأن هذه المهن جديدة على مجتمعنا ولم تكن موجودة قبل عشرين عاماً. رأي الآباء «لا يهمني ما يقوله الناس ما دمت أعمل بمهنة شريفة أجني منها المال لتربية أبنائي ورعاية أسرتي» بهذه الكلمات البسيطة يشعر عماد الدين (عربي في الخمسين من عمره ويعمل حارس مدرسة) بالفخر من وظيفته. يقول: «عانيت الكثير من الصعاب في حياتي إلى أن وجدت وظيفة أعيش منها، وربيت أبنائي حتى وصلوا الآن إلى أعلى المراتب العلمية، فهناك الدكتور والمهندس والمدرسة، لقد كانت مهنتي مفتاحاً لحياتهم الرغيدة اليوم، ولم يكن فيها ما يضير أو ينتقص من قدرهم، كل أفراد منطقتي يعلمون بمهنتي ولا يستنكرونها ولم يحدث أن قللوا شأني بسببها، فاحترامهم لشخصيتي كان أكبر من أي شيء آخر». ويشير عماد الدين «لم يخجل أبنائي يوماً من وظيفتي التي أعمل بها والتي أشعر من خلالها بالراحة والأمان، لذا استغرب كثيراً من تفكير الذين يخجلون من مهن آبائهم، التي أخرجتهم من حياة بسيطة إلى حياة رخاء وسعادة وبفضل ذلك، أكملوا تعليمهم». ويتابع: «كل ما أود قوله لهؤلاء الأبناء الجاحدين وناكري المعروف أن وظيفة والدك أو والدتك هي مدعاة للفخر والاعتزاز وليس الخجل والإنكار والكذب على الناس». نكران المعروف يفند الدكتور محمد عمر هذا السلوك بقوله: «كل ابن يخجل من مهنة والديه إنسان مهزوز الشخصية، ويعاني أزمة ثقة. فهو شخص لا يقدر تعب والديه وتربيتهم له، وكل الذي وصل إليه من مراتب عليا ووظائف مقدرة يرجع سببها الأول والمباشر لتعب الآباء وسهرهم على راحة أبنائهم». يواصل الدكتور: «الذي يستعير ويخجل من مهنه والديه هو شخص تربى على الكبر وليس التواضع. فبدلاً من أن يرد الجميل لوالديه ويجعلهم مرتاحين في البيت ويتحمل المسؤولية هو، نرى البعض منهم إلى اليوم، على الرغم من وصوله إلى أعلى الوظائف المرموقة والرواتب العالية، ما زال يأخذ المصروف من والديه باعتبار أن ذلك حقه». ونجد البعض بعد أن يحصل على مراده يتفوه ويقول «استحي من وظيفة والدي لأنه يعمل فراشاً أو حارساً». يتساءل الدكتور «أين المنطق والعدل في هذا، عوضاً عن رفع رؤوسنا والافتخار بهم، يخجل هؤلاء من وظائف آبائهم البسيطة، بسبب كلام الناس، لكن ليعلم الجميع، أن الظروف هي التي جعلت هذه الأم أو ذاك الأب يعمل في هذه الوظائف، وكل وظيفة، مهما كانت طبيعتها تقدم خدمة للآخرين، المهم في النهاية هو الكسب الحلال دون إيذاء الآخرين. العيب ليس في المهنة يفتخر أبو راشد بأبنائه الذين يشعرون بالتقدير والاحترام من مهنته «صياد سمك». عن ذلك يقول: «العيب ليس في المهنة، بل في الأبناء الجاحدين الذين يخجلون من مهنة الأم أو الأب. فبعد سهر الليالي وتوفير كافة متطلباتهم وتربيتهم أحسن تربية، ليصلوا إلى مراتب ومراكز مرموقة. تكون كلمة الشكر هي الخجل من ذكر وظيفة والده». يتابع أبو راشد: «على كل الأبناء أن يزرعوا بداخلهم الافتخار بوظائف آبائهم الشريفة، وأن يهزموا هذه المشاعر والأحاسيس، ويؤكد أبو راشد «مع موجة المظاهر الكذابة ينشأ لدى الأبناء الإحساس باحتقار مهنة الأب أو الأم فيؤدي ذلك إلى التأثير في سلوكه وتصرفاته في الحياة، مما يشعر بالخجل من البوح بوظيفة الأب نتيجة النقص الذي حدث في شخصيته. وهذا هو الخطأ الذي يرتكبه الكثير من الأبناء».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©