الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تفاؤل بالاقتصاد الأميركي

14 أغسطس 2016 22:33
الاقتصاد الأميركي يعاني من توعك يقوض قدرته على دعم مستويات المعيشة. وهذا التوعك يتمثل في أن إنتاجية العمل أو مقدار السلع والخدمات الذي ينتجه العاملون في كل ساعة عمل، لا تنمو كما كانت في الماضي. والأمر يحتاج إلى جرعة تفاؤل. وبعد ثمانية أعوام منذ بداية الكساد الأخير، أصبح الاقتصاد في هيئة أسوأ مما كان متوقعاً، على الأقل استناداً في هذا الحكم إلى توقعات نشرها مكتب الميزانية في الكونجرس في أغسطس عام 2007. وفي عام 2015، بلغ ناتج النشاط غير الزراعي أقل من 15 في المئة من التوقعات. ونحو ثلث هذا العجز ينسب إلى عمل الناس ساعات أقل من المتوقع. والباقي ينسب إلى أن رأس المال المادي، مثل آلات وبرامج التشغيل في الأنشطة الاقتصادية، أقل بكثير مما كان متوقعاً وبالتالي انخفضت الإنتاجية الإجمالية بشكل غير متوقع، أي إنتاجية العمل ورأس المال. ما الذي علينا فعله؟ حين يواجهنا تقلص في الإنتاجية، يقدم الاقتصاديون عادة ما يطلق عليه حلول جانب العرض، مثل خفض الضرائب أو تخفيف اللوائح التنظيمية. لكن من المهم الإقرار بأن السياسات التي تستهدف تحفيز الطلب قد تكون قادرة على تقديم المساعدة كثيراً. ولنفترض مثلاً أن خيارات سياسة الاقتصاد الكلي أقنعت الأنشطة الاقتصادية أن تتوقع نمواً في الطلب على سلعها وخدماتها أسرع مما هو قائم حالياً. والشركات سترد بتعزيز الاستثمار في رأس مالها المادي وفي الابتكار المطلوب لجعل رأس المال هذا والناس الذين يعملون معها أكثر إنتاجية. والاستثمار الإضافي بالطبع يستلزم من الشركات توظيف عمال جدد مما يرفع الأجور والأسعار. والسؤال هو: هل يؤدي هذا إلى تضخم غير مقبول؟ بمعنى: هل تولد توقعات نمو الطلب الزائدة- مثلاً لنقل بنسبة أربعة في المئة في العام على مدار السنوات الأربع المقبلة معدلة حسب نسبة التضخم- ضغوطا تضخمية مفرطة تستلزم من الاحتياط الاتحادي أن يرد برفع أسعار الفائدة وفي الأساس التصدي لأي نمو فعلي قد تولده هذه التوقعات؟ والشخص المتشائم يرى أن مثل هذه النتيجة لا مفر منها. ومن وجهة النظر هذه، فان الأميركيين أصبحوا أقل إبداعاً بكثير وميلاً إلى العمل أقل مما كان متوقعاً عام 2007 والأنشطة الاقتصادية استجابت بشكل منطقي بتقليص الاستثمار. ومن ثم، يدعم تعزيز التوظيف والاستثمار الأجور دون حفز الإنتاجية المطلوب لتبرير زيادة الأجور مما لا يترك خياراً أمام الشركات إلا زيادة الأسعار. والاحتياط الاتحادي يضطر حينها إلى زيادة أسعار الفائدة أو أن يخرج التضخم عن نطاق السيطرة. لكن المتفائل في المقابل يقدم أسباباً ثلاثة للاعتقاد بأن دعم النمو الأسرع لن يؤدي إلى ضغوط تضخم خارجة عن نطاق السيطرة. أولا، مازال عدد العاملين ممن هم في عمر التوظيف الأمثل منخفضاً مقارنة مع عام 2007، مما يوحي بأن الزيادة الصغيرة نسبيا في الأجور كافية لإعادة الناس إلى العمل. ثانياً، أرباح الشركات مازالت مرتفعة بمستويات تاريخية، لذا مازال للأنشطة الاقتصادية مساحة كبيرة لاستيعاب زيادات الأجور قبل أن تضطر إلى رفع الأسعار. ثالثا، مع الأخذ في الاعتبار زيادة وتحسين رأس المال، فإن العمال يمكن أن ينتجوا أكثر عن كل ساعة من العمل وهي قوة تسمح للشركات أن تدفع المزيد من الأجور دون رفع الأسعار. وأنا متفائل وأعتقد أن هناك مساحة للتحسن. وتستطيع الحكومة تعزيز التوقعات على نمو الطلب على سبيل المثال بإعلان خطط لاستثمار تريليونات الدولارات في البنية التحتية. وهذه التوقعات يمكن في المقابل أن تقود الأعمال الاقتصادية إلى التعهد باستثمارات تجعل العمال الأميركيين أكثر إنتاجية. ومن المؤكد أن المتفائلين قد يكونوا على خطأ لكن عدم التحرك يستتبع مخاطر كبيرة أيضاً. لأن الشقاق في الحملات الانتخابية الرئاسية أوضحت ببلاغة أن النمو غير الملائم يفرض كلفة اجتماعية كبيرة على الولايات المتحدة. ألا يجب أن نعطي فرصة للتفاؤل؟ *أستاذ الاقتصاد في جامعة روتشستر ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©