الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«رسالة» تحمل الأوامر والنواهي للبشر كافة

«رسالة» تحمل الأوامر والنواهي للبشر كافة
21 ابريل 2011 20:30
يؤكد العلماء والمفسرون أن «الرسالة» اسم من أسماء القرآن الكريم مستندين في ذلك على ما ورد في قوله تعالى: «يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين». المائدة 67. وقوله سبحانه: «فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي». الأعراف 79. وقوله: «أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين». الأعراف 68. وقوله سبحانه: «الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا». الاحزاب 39. يقول المفسرون: سمي القرآن رسالة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل به والرسالة القرآن كله أي جميع من أنزل الله على خاتم أنبيائه، فيا أيها المرسل من الله اخبر الناس بكل ما أوحي إليك من ربك، وادعهم إليه، ولا تخش الأذى من احد، وان لم تفعل فما بلغت رسالة الله، لأنك قد كلفت بتبليغ الجميع، والله يحفظك من اذى الكفار. اذ جرت سننه ألا ينصر الباطل على الحق، ان الله لا يهدي الكافرين الى الطريق السوي، وما يأتي به الرسول يبلغ به الناس من رسالة من الله يبلغهم بأوامره ونواهيه وهو رسالته اليهم ينصحهم بها بكل اخلاص وهو أمين عليها فيما يخبر به. والانبياء يبلغون رسالات الله الى الناس كما أنزلها، ويخافونه ولا يخافون أحدا سواء، وكفى أن يكون الله سبحانه وتعالى هو الرقيب المحاسب. مواضع الإعجاز ويذكر الدكتور محمد داود- عميد معهد معلمي القرآن الكريم بالقاهرة- أن القرآن رسالة السماء الى الأرض، فمن أراد ان يفهمه على هذا النهج فقد وقف بنفسه على مواطن العظمة ومواضع الإعجاز فيه، ومن اراد ان يعرف اثره في اللغة العربية فلينظر ذلك الاثر في حياة المسلمين عقيدة وسلوكا ليرى ذلك واضحا جليا، فقد تقصر الافهام عن المراد من اية من اياته. وهذا لاشك قصور وعجز في الإنسان عن ادراك لغة القرآن وأساليبه البيانية، فهو كتاب رب العالمين، الكمال المطلق، حقائقه خالدة تدحض الزيف والافتراء وتقوم آيات القرآن على اقناع العقل وطمأنينة القلب فهو خطاب الخالق لخلقه. فالقرآن الكريم كتاب هداية، كل آية وكل كلمة وحرف فيه يحمل سرا من أسرار الهداية الربانية، فاذا مست القلب وتأملها العقل وجد فيها الملاذ الآمن والحقيقة الخالدة فأسرع مستجيبا لهدي الآيات لأنه الحق والصدق، تنزيل من رب العالمين، ليس ككلام البشر الذي كلما تأمله الانسان ادرك ما فيه من نقص واصابه الملل. محفوظ في الصدور ولقد عصم الله نبيه ورسوله سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم من نسيان حرف أو كلمة من آيات القرآن الذي انفرد بخصوصية من الخصائص أنه الكتاب الوحيد من بين الكتب السماوية الذي يحفظه أهله في صدورهم عن ظهر قلب. وهذه النسخة الفريدة المحفوظة في الصدور وحتى يتناقلها المسلمون تلاوة عن طريق التلقي شفاهة، لا يمكن ان تمسها يد التحريف والتزييف من الأعداء، وهذه النسخة المتفردة في صدور الحفظة تبطل كل الجهود التي تبذل لتحريف نسخة المصحف المكتوب. والسر في حفظ رسالة الله الاخيرة الى الناس على هذا النحو المعجز لا يعود الى جهد البشر ولا الى مكانة العرب والمسلمين فقد مرت الامة بازمات عديدة ومراحل انكسار، ولو كان حفظ القرآن منوطا بهم لذهب القرآن من مئات السنين، وانما حفظ القرآن على هذا النحو الخالد المعجز يعود الى رب العالمين خالق الكون الذي يعلم السر والعلن وهو على كل شيء قدير القائل سبحانه «انا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون» الحجر 9. لقد اعجز القرآن العرب عن الإتيان بمثله بكل ما تحمله كلمة الاعجاز من معاني التحدي والغلبة وما استطاعوا ان يفعلوا وقد شاء الله ان يجعل اللغة العربية لغة الوحي المنزل لتصبح لغة دين، فالقرآن حجة على رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وبرهان على صدق دعوته بلغ غاية الفصاحة ونهاية البلاغة وجاء جامعا لفنونها حاويا لاطراف البيان محكم النظم. كلمة السماء الأخيرة ويقول محمد قطب في كتابه «لا يأتون بمثله» قد شاء الله أن يتميز الكتاب الذي يحمل كلمة السماء الأخيرة للبشرية كافة بخصائص لا توجد في غيره، كانت الرسالات السابقة محدودة بأقوام معينين، ومحدودة بزمن معين ينتهي بإرسال رسول جديد. بينما هذه «الرسالة» للبشر كافة، وللزمن كله من مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الى ان يرث الله سبحانه وتعالى الأرض ومن عليها. فكانت الكتب المنزلة السابقة تحوي احتياجات الأقوام الذين تنزل عليهم في الزمن المحدد في علم الله، أما القرآن فقد أنزل الله فيه كل ما تحتاج اليه البشرية كلها، وفي الزمن القادم كله، فلا عجب ان يختلف عن الكتب السابقة في مبناه ومحتواه، وان كان مصدقا لما فيها، ولكنه مهيمن عليها. والاعجاز العلمي كان واحدا من جوانب التميز التي تفرد بها هذا الكتاب، وانكشاف الحقائق العلمية التي يحتويها للبشر جيلا بعد جيل هو جانب من جوانب استمرار الرسالة التي تنزل بها الكتاب فهو ليس لجيل واحد تنتهي مهمته بعدها، أو تنقطع صلة الاجيال به، بل هو لكل الناس في كل جيل يهديهم الى ربهم ويوجههم الى الخير والى الحق، ويربيهم على المنهج القويم، ويعلمهم مالم يكونوا يعلمون. حقيقة توحيد الألوهية يشير محمد قطب إلى أن ما حوى كتاب في التاريخ من الحقائق مثل ما جاء به القرآن من حقيقة توحيد الألوهية الى خلق الانسان والدنيا والآخرة والبعث والنشور والحساب والجزاء، وحقيقة القيم التي ينبغي ان تحكم حياة الإنسان في الأرض، وحقيقة الكون المادي وما يجري فيه والمهمة التي خلق الانسان من أجلها، وحقيقة الإيمان والتفرقة بين الإيمان والكفر، وحقيقة السنة الربانية التي تحكم حياة البشر فأي كتاب جمع هذا الحشد من الحقائق بالتناسق الذي عرضت به في كتاب الله؟ وعرفت رسالة السماء الناس بقدرة الله التي لا حدود لها، وبآيات قدرته في هذا الكون متضمنة إشارات في جميع أنواع العلوم من فلك وفيزياء وكيمياء وعلوم الحياة وكل ما في الكون الفسيح، وكل رسالة جاءت من عند الله كانت عقيدة وشريعة ومنهاجا للحياة، والعقيدة واحدة في الرسالات جميعا لم تتغير فمنذ أول رسالة الى آخر رسالة هي «لا إله إلا الله».
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©