الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كوارث لغوية

21 ابريل 2011 20:43
وكأنه لا تكفينا، الأخبار الكارثية على القنوات الفضائية، من اضطرابات، وأعاصير بشرية وطبيعية، وقلاقل وحروب، تنغّص حياتنا، لتتحفنا هذه القنوات بكوارث لغوية، من كل الأعيرة، فيُنصَبُ ما يتوجب فيه الرفع، ويُجَرُّ ما لا يستحق الجر، ويُرْفَع ما يُجزم، ويسّكن ما يحتاج التحريك، ويوصَل ما لا بد له من الفصل والتفكيك. يكاد يغشى علي من هول وفداحة الأخطاء اللغوية في صفحات الإنترنت بالعربية، لاسيما منتديات الدردشة والحوارات، وصفحات الأخبار والتعليقات العامة على الأحداث اليومية والكتابات، وهذا الكم الهائل من الأخطاء اللغوية والإملائية التي لا تخطر ببال حتى أشد المتشائمين! المذهل أن عدد بعض الكلمات المكتوبة بغلطات إملائية على الإنترنت قد يفوق يوماً عدد الكلمات المكتوبة دون أخطاء! يعد ضعف مستوى الثقافة اللغوية في مجتمعنا ظاهرة قديمة، وليست وليدة العصور الحديثة، فقد عرف المجتمع العربي ذلك، ومنذ القرنين الأول والثاني الهجريين شهدت علاقة العربية الفصحى بأبنائها تراجعاً ملموساً، وتروي كتب التاريخ والتراجم والأدب قصصاً عن ضعف لغوي لدى العامة والخاصة، حيث ذكر السيوطي في كتابه «تاريخ الخلفاء» موقف الخليفة عبدالملك بن مروان مع ولده الوليد برواية روح بن زنباع قائلاً: دخلت يوماً على عبدالملك وهو مهموم فقال: فكرت في من أولّيه أمر العرب فلم أجده، فقلت أين أنت من الوليد، قال: إنه لا يحسن النحو، فسمع ذلك الوليد وقام من ساعته وجمع أصحاب النحو، وجلس معهم في بيت ستة أشهر، ثم خرج وهو أجهل مما كان! إن من أهم أسباب الضعف اللغوي اختلاط العرب بغيرهم من الشعوب في ظل الدولة العربية الإسلامية، ذلك الاختلاط العميق والمتنامي الذي أثر في تكوين العائلة العربية وتربيتها لأبنائها وتعلمهم لأصول لغتهم الأم فصيحة سليمة. ومن يطلع على كتب التراث العربي يجد أخباراً وقصصاً كثيرة حول هذا الضعف ففي «شرح ديوان الحماسة» ينبه أبو زكريا التبريزي إلى أن طلاب العلم في المدارس لم يكونوا بحالة تسمح لهم بفهم الأشعار الفصيحة دون شرح، كما أشار إلى تغلغل اللحن في اللغة حينها على ألسنة الطبقات المثقفة.. إن كان ضعف مستوى الثقافة اللغوية في مجتمعنا ظاهرة قديمة، فلا يعني ذلك تبرير وجود هذا الكم الهائل من الأغلاط اللغوية، وضعف المستوى اللغوي لدى الأغلبية من شرائح المجتمع، حتى لدى مثقفي اليوم، من كتاب وصحفيين وشعراء، ممن يفترض بهم «هضم» اللغة، وتمكنهم منها باعتبارها أداة تعبيرهم، إذ تعج وسائل الإعلام باللحن في اللغة، مما يرقى إلى درجة تصنيفها «جنح لغوية» إن لم تكن «جرائم»، ولكن للأسف لا يحاسَب عليها، فهذه اللغة مشاع، تنتهك حرمتها ليل نهار، ولات مغيث! محمد مهدي الجواهري: حتامَ هــــذا الوعــــدُ والإيعـــادُ وإلام كتـــم الإبـــــراقُ والإرعــادُ أنا إن غصصتُ بما أحسُّ ففي فمي مـــــاء وبيـــن جوانحـــي إيقـــــادُ يا نائمينَ على الأذى لا شـــامُكم شــــامٌ ولا بغدادُكُــمْ بغــــــدادُ أعزِزْ على الأجــــدادِ وهـي رمائـمٌ أن لا تُعــزَّ تراثَهــــــا الأحفـــــادُ فزِعت إلى تلك المراقـد في الثرى لو كان يُجـدي بالثـرى اسـتنجادُ ولكم تضرَّت في القلوب عواطـفٌ ثـــم انثنـــــت وكأنهـــنَّ رمـــادُ خُطَّت على صفحات عـزمك آيـةٌ: إن الحيــــــاة ترفـــــــعٌ وجهــادُ أنا شـــاعرٌ يبغـى الوفـاق موِّحـد بين الشُّعوب ســـــبيلُه الإرشـادُ لم تكفنا هـــذي المطامـع فُرقـةٍ حـتى تُفــرِّقَ بيننـــــــا الأحقــادُ ألغات هذا الشرق سيري للعلــى جنباً لجنب رافقتــــــك الضـــادُ إسماعيل ديب | Esmaiel.Hasan@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©