السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التوحد الالكتروني

19 ابريل 2015 21:35
كان طفلاً غاية في الذكاء والتجاوب وإعمال العقل بما يناسب عمره حينما كان في عامه الثاني، وسعد به الجميع وانتظروا التحاقه بالمدرسة ثقة بحصوله على التميز بين أقرانه، التفت الجميع لتصرفاته الناضجة وكلماته الموزونة، وككل أطفالنا كان حظه من الأجهزة الإلكترونية وافراً، فاقتنى أحدثها حتى لا ينعت والداه بالبخل أو التخلف، ومع دخول ذلك الصبي عالمه الإلكتروني الجديد خرجت ملكات عديدة وتسللت هاربة بلا عودة من دون دراية والديه بما يخسر ابنهما كلما عاش مع ذلك الجهاز. وحين بلغ الثانية عشرة من عمره التصق تماماً بالجهاز الذي يسكنه ويعيش عالمه الافتراضي، كيف لذلك الصبي أن يصبح مغيبا لا يعي ما حوله حتى أنه لا يصافح ولا يجالس أحداً ولو لم يكن رآه منذ شهور، أزعجني الارتباط الخطير الذي يجمع أبناءنا بتلك الأجهزة حتى يخرجوا بشعورهم وفكرهم من عالمنا الواقعي إلى عوالم الأجهزة. وإن كنا ككبار نقتني الأجهزة ونعجب بما نعيشه فيها فإن تجاربنا الحياتية مع الواقع بجماله وأحاسيسه وتحدياته تعيدنا إليه، وكل برنامج تسوقه لنا التقنيات يأخذ ما يأخذ من وقتنا واهتمامنا ثم ما نلبث أن نبحث عن قضايانا إلى أين وصلت، وأحاديث أحبتنا الذين أبعدتنا عنهم التقنيات، ونلمس أرض واقعنا لنؤكد أننا أحياء نعبد الخالق ونعمر الأرض،أما أطفالنا المفلسون من تجارب الحياة ومتعها فإذا دخلوا عالم التقنيات فلن يعودوا إلى الواقع لأنهم يجهلونه والإنسان عدو ما يجهل. خسر أطفالنا ألعابهم الحركية التي تساعد على نمو أجسادهم سليمة خالية من السمنة، ابتعدوا عن حياتنا وما يتعلمونه فيها من تجارب تراكمية تعينهم على مواجهة الحياة، ضاعت مشاركة أطفالنا العاطفية لنا فيما نعاني من مشاكل أو أمراض، يسيرون في نفق هوية نجهل نهايته، ولكن إلى متى يعانون مرض التوحد الإلكتروني؟ نوره علي نصيب البلوشي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©