الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

اقتصاديون يتوقعون انحسار الضغوط التضخمية في الفترة المقبلة

12 سبتمبر 2008 23:31
توقع اقتصاديون انحسار الضغوط التضخمية التي تمر بها دول المنطقة عامة والإمارات خاصة بشكل تدريجي خلال الفترة المتبقية من العام الحالي والنصف الأول من العام المقبل، نتيجة تراجع أسعار النفط، وارتفاع أسعار صرف الدولار الأميركي في الأسواق العالمية· وتوقع محللون انعكاس التغيرات الحاصلة في الأسواق العالمية إيجاباً على معدلات التضخم في الدولة، خاصة فيما يتعلق بالتضخم المستورد من الخارج، ما يساعد على عودة الاستقرار لأسعار السلع في الأسواق المحلية أيضاً· وتواجه دول مجلس التعاون الخليجي منذ ثلاث سنوات ضغوطاً تضخمية بنسب متفاوتة أعلاها في قطر بنسبة 14% والإمارات بنسبة 11,2% وبمتوسط يبلغ 7% لجميع دول المجلس وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي· وقال الخبراء إن التراجع في أسعار النفط يشجع دول المنطقة على اتباع سياسات مالية أكثر توازناً، كما أن ارتفاع سعر صرف الدولار سيحد من المضاربة في أسواق الصرف المحلية ويقلص من ارتفاع فائض السيولة المحلية· وتأتي موجة التفاؤل بين المراقبين عقب تراجع سعر برميل النفط قرب مستوى الـ 100 دولار خلال الأسبوع الماضي، مقارنة بسعره القياسي عند 147 دولاراً والذي سجله 11 يوليو الماضي· وقال الرئيس التنفيذي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في دويتشه بنك هنري عزام إن تراجع أسعار النفط والمواد الغذائية والسلع إلى مستويات تعتبر أكثر توازناً مع قوى العرض والطلب في السوق العالمي، سيكون له تأثيره الإيجابي في خفض معدلات التضخم في دول المنطقة، وبخاصة التضخم المستورد من الخارج· وأشار عزام إلى أن تراجع أسعار السلع والمواد الخام ولوازم البناء والخدمات اللوجستية المكملة سيساعد على تخفيض تكلفة الإنتاج والحد من فورة الغلاء في الأسواق المحلية· وبحسب تقرير لوكالة الائتمان العالمية ''موديز'' فإن ضعف العملة الأميركية ساهم في استيراد التضخم من الخارج في عدد من الدول التي يستحوذ فيها الدولار على النسبة الأعلى من تجارتها الخارجية، إلى جانب تدني مستويات الفائدة نتيجة تبعية قرارات المصارف المركزية في المنطقة لقرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي· ولفت عزام إلى أنه ومع عودة الدولار إلى الارتفاع ستتراجع حمى المضاربات في أسواق صرف العملات المحلية، وتعود الكتلة النقدية للنمو بمعدلات معقولة، كما أن الاختناقات التي ظهرت في السوق العقاري وفي مشاريع البنية التحتية ستبدأ بالتلاشي تدريجياً وسيتقلص فائض الطلب في السوق خلال الأشهر والسنوات المقبلة· وارتفع الدولار أمس الأول مسجلاً أعلى مستوى منذ عام مقابل اليورو ، كما سجلت العملة الأميركية أعلى مستوى أمام الجنيه الاسترليني منذ نحو عامين ونصف العام · وشدد عزام على ضرورة مواكبة الأوضاع الخارجية المواتية لهذه السياسات نقدية مكملة تهدف إلى الحد من معدلات النمو الكبيرة المسجلة في أحجام القروض الاستهلاكية والعقارية، والتي إذا لم يتم لجمها ستبقى إحدى أبرز أسباب التضخم في المنطقة· وأوضح أن أهم العوامل التي أدت إلى تفاقم معدلات التضخم كانت في زيادة أسعار السلع والمواد الخام ولوازم البناء والمواد الغذائية وغيرها من السلع والخدمات المستوردة بسبب ارتفاع الطلب العالمي عليها وضعف سعر صرف الدولار الذي تقوّم به معظم هذه السلع· وأشاد عزام بالموقف الحازم الذي اتخذته السلطات النقدية في الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى برفضها فك ارتباط عملاتها المحلية بالدولار أو القيام بإعادة تقييم سعر الصرف، وهو ما يمثل صلابة في عدم الرضوخ إلى ضغوط المضاربين لافتاً إلى أن الإذعان للمضاربين كان سيشجع على المزيد من المضاربة في المستقبل وسيغذي التكهنات بأن أسعار الصرف مقابل الدولار ستعود وتنخفض عندما ترتفع العملة الأميركية· ونجحت دول المنطقة خلال الـ23 سنة الماضية في الحفاظ على أسعار صرف ثابتة مقابل الدولار مما أسقط أي مخاطر سعر صرف قد يأخذها في الاعتبار المستثمر المحلي أو الأجنبي وشجعت على تدفق رؤوس الأموال· وكان محافظ المصرف المركزي معالي سلطان بن ناصر السويدي أشار مؤخراً إلى أن ارتفاع الدولار يعزز الأسباب التي تدعو الدول الخليجية للمحافظة على ربط عملاتها بالدولار، متوقعاً في الوقت ذاته انخفاض أسعار النفط بشكل حاد لتصل إلى ما يتراوح بين 60 إلى 80 دولار للبرميل· وقال عزام إن التوقعات في الأسواق العالمية أخذت بالتغير التدريجي مؤخراً وبدأ المتعاملون ينظرون إلى التراجع المسجل في أسعار النفط والمواد الغذائية والسلع على أنه مؤشر لبداية النهاية للفورة التي شهدتها أسواق هذه المواد خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي· ولفت إلى أنه ومع توقع انحسار الضغوط التضخمية المستوردة من الخارج بسبب تراجع أسعار السلع والخدمات والمواد الغذائية وارتفاع سعر صرف الدولار والعملات المحلية المرتبطة به يبقى التحدي الأكبر في الأسواق المحلية هو السيطرة على معدلات النمو المرتفعة للتسهيلات الائتمانية التي تعتبر من أهم مسببات ارتفاع الأسعار في الأسواق المحلية لدول المنطقة· ويرى المدير العام لشركة الفردان للصرافة أسامة آل رحمة أن التحسن الذي طرأ على الدولار في أسواق النقد العالمية في الأيام الأخيرة سينعكس بصورة ملموسة على الاقتصاد الإماراتي ولكن في فترة لاحقة· وأشار إلى أن ارتفاع الدولار من شأنه تخفيف مستوى الضغوط التضخمية، وسيعمل على الهبوط بأسعار السلع المستوردة، وإنعاش القوة الشرائية للدرهم· وتوقع آل رحمة أن تستمر العملة الأميركية في التحسن خلال المرحلة المقبلة، وأن تستعيد نسبة كبيرة من خسائرها أمام العملات الرئيسية الأخرى قبل نهاية العام· وعلى صعيد الاقتصاد الوطني، أوضح آل رحمة أن تحسن الدولار سيقلل من قيمة العائدات النفطية، وسيؤثر سلباً في الصادرات الإماراتية غير النفطية ويقلل من تنافسيتها· وأشار كذلك إلى أن التحسن في ميزان العرض والطلب في السوق العقاري المتوقع خلال العام المقبل سيكون له تأثير قوي على تراجع مستوى التضخم، مشيراً إلى أن الضغط على العقارات ونقص المعروض وارتفاع الطلب خلال العامين الماضيين مثل أحد أبرز أسباب التضخم في الإمارات، وأن أية انفراجة في هذه المسألة ستترك أثاراً إيجابيةً في معالجة التضخم· وبحسب مدير التسويق في شركة ''تلدا انترناشونال'' المتخصصة في توريد الأرز البسمتي لأسواق الخليج وأوروبا ديبكا طواني، فإن الارتفاع القوي للدولار حاليا، قد ساهم بشكل مباشر في تراجع أسعار السلع الغذائية، لافتاً إلى أن ذلك سيكون ملموساً بعد شهرين على الأقل· إلى ذلك، توقع رجل الأعمال عبدالله الحثبور الرئيس التنفيذي لمجموعة الحثبور أن تظهر الانعكاسات الإيجابية لارتفاع الدولار فعلياً خلال شهرين، وأشار إلى أن أي ارتفاع في سعر الدولار مهما كانت نسبته يعني انخفاضاً في كلفة الواردات من البلدان الأوروبية واليابان واستراليا، والتي زادت كلفة الواردات إلى الإمارات منها عن 15% خلال فترة ضعف الدولار· وأضاف أنه يجب منح الدولار فرصة شهرين على الأقل للشعور بتحسن الأسعار تبعا لوصول البضائع الجديدة إلى الأسواق، ويفترض أن يساعد ذلك على تراجع التضخم أو الحد منه، وإلا فإن هناك خللاً ما''· وكانت وكالة التصنيف الائتماني ''موديز'' حذرت في تقرير أخير لها من تفاقم المخاطر المالية والسياسية في منطقة الشرق الأوسط بوجه عام ومنطقة الخليج على وجه التحديد، خلال المرحلة المقبلة، بسبب تصاعد مستويات التضخم في بلدان المنطقة التي بات متوسط التضخم فيها الأعلى بين مناطق العالم بعد ان وصل إلى 10,4%· واظهر تقرير الوكالة ارتفاعا بمستويات التضخم في العديد من بلدان المنطقة إلى مستويات تدور بين 16% كما في مصر وبين 3,7% كما في المملكة المغربية وهي ادني نسبة لمستوى التضخم في المنطقة، بينما سجل مستوى التضخم في دولة الإمارات، رابع أعلى مستوى بنسبة 14% بعد كل من مصر الأعلى بنسبة 16% وقطر بنسبة 15% والأردن بنسبة 14,3%· وحذرت الوكالة في تقريرها من تصاعد نمو للأسعار من شأنه أن ''يقوض'' التنافسية الاقتصادية في بلدان مجلس التعاون الخليجي وخاصة في القطاعات غير النفطية، كما يقلل ارتفاع مستويات المعيشة من جاذبية دول الخليج للعمالة الأجنبية، الأمر الذي قد يؤدي إلى عرقلة الجهود التي تبذلها حكومات المنطقة في مجال التنويع الاقتصادي وتطوير قطاعاتها غير النفطية· وأشار التقرير إلى ان دول مجلس التعاون الخليجي قد تكون قادرة في الوقت الراهن على تحمل تبعات التضخم عبر زيادة معدلات الإنفاق الحكومي بهدف امتصاص التكلفة الاجتماعية للتضخم على المواطنين، لكن ذلك سيجعلها معتمدة على أسعار نفط أكثر ارتفاعاً· وقالت الوكالة ان تصاعد الإنفاق الحكومي في دول مجلس التعاون الخليجي قد يؤدي إلى مخاطر تزيد من معدلات التضخم التي سيكون من الصعب التحكم بها في ظل غياب خيارات أخرى للسياسة النقدية، وتقود إلى زيادة الضغوط النقدية· وأشار التقرير إلى تزايد العوامل التي تقود إلى توسيع نطاق التضخم، حيث أوضح أنه في الوقت الذي تتعرض فيه جميع بلدان الشرق الأوسط لذات الضغوط التضخمية التي تتعرض لها المناطق الأخرى من العالم، والتي أهمها الارتفاع العالمي في أسعار السلع، لكنها أيضا لديها عوامل خاصة، مثل ضعف مرونة سياسات سعر الصرف، حيث تربط عشر دول من بين 11 دولة تقوم الوكالة بتقييمها ائتمانيا عملاتها بالدولار الأميركي·
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©