الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باب الحارة في مهبّ التحدي

باب الحارة في مهبّ التحدي
12 سبتمبر 2008 23:43
احتدمت المنافسة بين مسلسلات رمضان، وهي محكومة بأن تدرك مرحلة الحسم، ذلك أنّ العدد وافر غير أنّ القمة لا تتسع إلا لندرة منتخبة· يعتبر التكافؤ شرطاً للسباق النزيه، لكنّ الفعل غير القول، ويمكن لمنطق الغلبة أن يغوي بتجاوز القواعد، هكذا يصير مسلسل ''باب الحارة'' الذي يطل في الموسم الحالي بجزئه الثالث، متفوقاً منذ اللحظة الأولى على سواه من الأعمال الدرامية، فهو يملك أسبقية الحضور ورسوخه، كما يكاد الأثر المعنوي لبعض شخصياته أن يكون طاغياً برغم غيابها المادي، ''أبو عصام'' الذي رحل دون أن يبرح المكان نموذج معبّر· منذ صافرة البدء، يسير باب الحارة'' متقدماً على أقرانه، مساحات حلقاته الزمنية أقصر من مثيلاتها لمسلسلات أخرى، حفظاً للمساحة الإعلانية الواسعة، وحوارات شخصياته يسعها الاتكاء على الكثير من الأحداث العابرة، باختصار يبدو المسلسل كأنه يلعب على أرضه، بعد أن منحه جزآه الأولان الكثير من بواعث الألفة مع المناسبة، ومع المشاهد أيضاً، حتى صار يمكن القول بقليل من التجاوز، إنّ أهل المسلسل يمارسون، إذ يمثلّون، عودة بديهية إلى جمهور ارتبط معهم بحبل الود المقيم، وصار على موعد ثابت مع ملامحهم وسلوكهم وحراكهم اليومي، حتى عباراتهم تحولت بفعل التكرار إلى محط كلام راسخ في الذهن الجماعي· الناس كانوا بانتظار المسلسل وأهله، وقد أعفاه ذلك من طرق أبواب الذائقة الإصغائية وطلب الإذن بالدخول· للوهلة أولى يبدو الوضع مشجعاً على القول إنّ ''باب الحارة'' قد حسم مبكراً الموقف لصالحه، لكن للمسألة وجهاً آخر، وعوامل قوة المسلسل قد تكون هي نفسها بعض نقاط ضعفه· ذلك أنّ من شأن المبالغة في التواصل بين المكان والشخصيات من جهة وبين المشاهد من جهة أخرى أن تلغي مقومات الانبهار المتأتي من الاختلاف مع السائد، وبأوضح: لم يعد بوسع الحارة الدمشقية القديمة أن تبسط نفوذها المغوي والمدهش على عين مشاهد دلف مراراً إلى دهاليزها ونقاطها المظلمة، وتجوّل طويلاً في أزقتها، وحفظ هندسة منازلها عن ظهر قلب، كذلك لم يعد منطقياً الاستناد إلى شخصيات متمردة، في شكلها ولباسها وسلوكها ومعاييرها ومواقفها، لإحداث الصدمة لدى متلقٍ خبر هذه النماذج حتى صار قادراً على التنبوء بردود أفعالها، وأساليب تعاطيها مع ما تتعرض له من مؤثرات مختلفة· لعلّ المسلسل الدمشقي قد اقترب من الجمهور في الجزءِيْن السابقين أكثر مما يجب، وربما ساهم دنوّه ذاك في إزالة مسافة الأمان الضرورية بين المشهد والمشاهد، وفي هذا السياق قال الأقدمون إنّ القرابة تفسد المهابة، أيّاً يكن التفسير فقد بات الاستمرار في العزف على الوتر نفسه متعذراً، كما صار ''باب الحارة''، بفعل نجاحه نفسه، محكوماً بتحقيق المزيد من النجاح، ولكن عن طريق التطور الدرامي والتصاعد المدروس للأحداث نحو ذرى غير مسبوقة من المفاجأة والإدهاش، فهل تنبه القيمون عليه إلى ذلك كله؟ حتى اللحظة يبدو الجواب متعذراً، لكن المتاح قوله إنّ بلوغ القمة أسهل من الحفاظ عليها·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©