الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إذا ذُكر العلماء فمالك النجم

إذا ذُكر العلماء فمالك النجم
12 سبتمبر 2008 23:51
مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبجي إمام دار الهجرة النبوية سليل بيت علم وفضل فجده الأعلى أبو عامر صحابي جليل شهد المشاهد كلها مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ما عدا بدراً وكان من أفاضل الناس وعلمائهم · وكان ممن يكتب المصاحف حين جمع عثمان المصاحف· ولد مالك سنة ثلاث وتسعين للهجرة تقريبا· ولما شب وترعرع قال لأمه : إني أريد أن أذهب فأكتب العلم · وتوجه لأخذ العلم عن العلماء فأخذ منهم أدبهم وخلقهم ثم علمهم فقرأ على طائفة كبيرة من علماء المدينة في عصره، منهم ابن هرمز وابن شهاب الزهري ، وزيد بن أسلم ومحمد ابن المنكدر ، حتى أصبح مالك مثالاَ يشار إليه في حسن أخذ العلم، وإتقانه وحفظه· ذهب مرة فجلس على باب الزهري طويلاً فقال الزهري للخادم انظر هل بالباب أحد ، فقال : مولاك الأشقر مالك ، قال : فأدخله ؛ فدخل عليه فقال : ما أراك انصرفت إلى منزلك ؟ قال: لا ، قال فهل طعمت ؟ قال :لا ، قال : أتطعم ؟ ، قال : لا حاجة لي فيه ، قال فما تريد؟ قال أن تحدثني ؛ فأخرج ألواحه فأملى عليه أربعين حديثاً، فقال : حسبك ، فقال مالك : زدني ، قال : إن كنت رويت هذه الأحاديث فأنت من الحفاظ · قم فأنت من أوعية العلم · وتابع مسيرته حتى طلب إليه شيوخه وأساتذته أن يعلم فقد صار أهلاً لذلك في خلقه وعلمه ومنهجه · فجلس يعلم وهو في مقتبل العمر فصارت حلقته أكبر من حلقة شيوخه وقد قال فيه شيخه ابن هرمز : هو عالم الناس، وكلمة الشافعي فيه مشهورة ''إذا ذكر العلماء فمالك النجم''· ولم يبلغ أحد في العلم مبلغ مالك لحفظه وإتقانه ومن أراد الحديث الصحيح فعليه بمالك· لقد أصبح مالك في الحديث وكتابه ''الموطأ'' أصلا للأحاديث الصحيحة وعليه بنى أصحاب الصحاح والسننّ ، وفتق أبواب الفقه بناء على أصول أصلها ونثرها في كتابه الأغرّ الموطأ وغيره ، وقد أسس فقهه على مذهب أهل الحجاز الذي وضعه سعيد بن المسيب سيد التابعين بناءّ على طريقة عمر بن الخطاب ، وجعل مالك مذهبه على عدة أصول، كما بين ذلك العلماء ، منها : نص القرآن الكريم ، وظاهره ومفهومه ودليله وهو مفهوم المخالفة، ومفهوم الموافقة· والتنبيه على العلة، فهذه خمسة أصول تعلق بالكتاب ومثلها في السنة النبوية الشريفة، وعمل أهل المدينة والاستحسان والمصالح المرسلة والإجماع والقياس وسد الذرائع والاستصحاب ، ومراعاة الخلاف· قال القاضي عياض السبتي : ( وأنت إذا نظرت منازع الأئمة وتقرير مآخذهم في الفقه والاجتهاد في الشرع وجدت مالكاً رحمه الله ناهجاً في هذه الأصول مناهجها مرتباً لها مراتبها ومدارجها مقدماً لكتاب الله ومرتباً له على الآثار · ثم مقدماً لها على القياس والاعتبار تاركاً منها لما لم يتحمله عنده الثقات العارفون بما تحملوه أو ما وجد الجمهور والجمع الغفير من أهل المدينة قد علموا بغيره وخالفوه ، وكان يرجّح الاتباع ويكره الابتداع والخروج عن سنن الماضين) بهذا المنهج الدقيق والمبادئ المحكمة بنى مالك مذهبه وسار عليه أتباعه من بعده· فما استطاعت الأيام أن تنال منه، بل تغلب على من وقف في طريقه فجذبه إلى صفه ومذهبه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©