الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

من الإصرار على «ربة بيت ممتازة» إلى اشتراط المرأة العاملة

من الإصرار على «ربة بيت ممتازة» إلى اشتراط المرأة العاملة
25 يونيو 2010 21:28
أفرزت التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي حدثت في الجزائر في العقدين الأخيرين تحولاً جذرياً في ذهنية الرجل الجزائري الذي أضحى يفكر بشكل مختلف تماماً عما كان عليه الأمرُ قبل أقل من 20 سنة فقط، إلى درجة أنه أصبح يناقض بعض أفكاره وقناعاته التي كانت بمثابة مسلَّمات لديه ليعتنق غيرها تبعاً لهذه المتغيرات، ومنها ما يتعلق باختيار شريكة الحياة؛ فبعد أن كان الجزائري يلحُّ على شرط “المرأة الماكثة بالبيت” للاقتران بها، أصبح يبحث عن المرأة العاملة. ذهنية محافظة حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي، كان الرجل الجزائري الراغب بالزواج، يضع لذلك شروطاً أساسية أهمها أن تكون الزوجة المرغوب بها ماكثة بالبيت، وإذا كانت تعمل وترغب بالاقتران به فلا مناص لها من ترك عملها والتفرغ للبيـت والزوج وأولاد المستقبل. وأدى إصرارُ أغلب الرجال على هذا الشرط إلى ترك آلاف الفتيات عملهن مرغمات نزولاً عند إرادة الخطاب حتى لا يفوتهن قطار الزواج. ومن خلال ملاحظة إعلانات الصحف الاجتماعية المتخصصة في عروض الزواج المنشورة في التسعينيات ببعض الصحف المتخصصة، يتبين أن أغلب طلبات الزواج الخاصة بالرجال تضع شرط “المرأة الماكثة بالبيت” في مقدمة المواصفات المطلوبة، وغالباً ما تتكرر عبارة “يريدها ربة بيت ممتازة” في أغلب إعلانات الراغبين بالزواج، وحتى الردود على طلبات الزواج النسوية كانت تستهدف أكثر تلك التي تحمل عبارة “ماكثة بالبيت” أو “ربة بيت ممتازة” وتتجاهل طلبات الفتيات العاملات، إلا في حالات قليلة. وبدا واضحاً أن الرجل الجزائري برغم دخوله عالم العصرنة والتفتح، إلا أنه بقي محافظاً ولم يقبل فكرة خروج المرأة للعمل، ومن جهة أخرى، فقد كانت الظروف المعيشية للجزائريين في الثمانينيات وحتى بداية التسعينيات جيِّدة بحكم وفرة فرص العمل وارتفاع الأجور وانتهاج الجزائر آنذاك الاقتصاد الموجه الذي يعتمد على دعم الأسعار، وهو ما جعل الرجل يشعر بأنه ليس بحاجة إلى عمل زوجته إلى جانبه وأنه قادرٌ لوحده على توفير كل ضروريات العيش الكريم دون الاسـتعانة بأحد. وانطلاقاً من ذلك، كان الجزائري يرفض فكرة الاقــتران بالمرأة العاملة لأنه ليس بحاجة إلى تسهم معه مادياً في بناء بيت الزوجية. تغيرات جذرية الذهنية الصارمة تعرضت لهزات شديدة منذ أن أقدمت الجزائر على رفع الدعم عن الأسعار ابتداءً من أبريل 1994 استجابة لشروط الهيئات المالية الدولية التي لجأت إليها لإعادة جدولة ديونها الخارجية التي عجزت عن دفع أقساطها وفوائدها بسبب أزمة البترول الشهيرة، فالتهبت أسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع في الجزائر ولم تعد الأجور كافية لتلبية الحاجيات الأساسية، كما تفاقمت أزمة السكن بسبب ارتفاع عدد السكان، خاصة في الجزائر العاصمة والمدن الكبرى وأضحت الحاجة ماسة إلى دخل مرتفع للتمكن من استئجار بيت، فانعكس ذلك كله على تفكير الجزائري فتخلى عن شرط “المرأة الماكثة بالبيت” واستبدله بشرط آخر مناقض له وهو “المرأة العاملة” وهو ما ظهر بوضوح في إعلانات الصحف الجزائرية وبخاصة في السنوات الأخيرة. كما أن الردود على الفتيات العاملات اللواتي ينشرن إعلانات زواج أصبحت أكثر من الردود على الماكثات بالبيوت لتنقلب الآية بشكل جذري. ويرى الشبان أنه لم يعد هناك مفرٌّ من الاقتران بالفتيات العاملات للتمكن من استئجار سكن وبناء أسرة واقتناء سيارة وتوفير الحياة الكريمة للأبناء وتجنب ضنك العيش والضيق المادي الذي يقع فيه عادة من يصرون على إبقاء زوجاتهم في البيوت، ولذلك أصبحوا يشترطون أن تكون شريكة حياتهم عاملة، لا سيما وأن شبكة الأجور لم تواكب غلاء المعيشة. وإذا كانت الفتيات العاملات سعيدات بانقلاب المعادلة لصالحهن على حساب القابعات بالبيوت، فإنهن أبدين استياءهن بالمقابل من انتهازية بعض الشبان وروحهم الاتكالية، حيث ركن بعضُهم إلى البطالة وترك زوجته تعمل لتنفق عليه وعلى الأبناء، كما أن هناك من نشر إعلانات زواج يبحث فيها عن “زوجة عاملة ولها مسكن منفرد وسيارة ومحل تجاري”، وهو ما جعل بعض العاملات يفضلن التريث والبقاء دون زواج على الاقتران بشبان انتهازيين يفتقرون إلى شهامة شبان زمان وأنفتهم ورجولتهم.
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©