الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفغانستان والنصائح الباكستانية

أفغانستان والنصائح الباكستانية
25 نوفمبر 2009 02:33
الحكومة في إسلام آباد لديها بعض النصائح التي قد لا ترغب إدارة أوباما في سماعها، بينما تنكب هذه الأخيرة على بحث إمكانية إرسال قوات إضافية إلى أفغانستان المجاور، كالتفاوض مع زعماء طالبان وكبح جماح الهند. ومن المعروف أن باكستان تتبنى الجهود الأميركية الرامية لإرساء الاستقرار في المنطقة، وتخشى أن يتسبب انسحاب أميركي متسرع في الفوضى؛ ولكن بعض المسؤولين الباكستانيين قلقون من أن يؤدي إرسال آلاف إضافية من الجنود الأميركيين وقوات المارينز إلى أفغانستان إلى دفع قوات طالبان إلى الانسحاب إلى باكستان، حيث هي ليست موضع ترحيب. وفي هذا الإطار، أعلن مكتب رئيس الوزراء يوسف "رضال جيلاني" أنه أخبر مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه" ليون بانيتا -الذي زار باكستان مؤخرا- بـ"بواعث قلق باكستان على خلفية الزيادة الممكنة في القوات الأميركية وقوات "إيساف" في أفغانستان، والتي قد تنطوي على تداعيات سلبية بالنسبة للوضع في بلوشستان"، الإقليم الباكستاني المتاخم لأفغانستان من الجنوب. بيد أن النصيحة الباكستانية تتعارض مع الاستراتيجية التي يقترحها الجنرال "ستانلي ماكريستال"، قائد القوات الأميركية في أفغانستان، حيث تدعو إلى الإحجام عن إرسال قوات إضافية لحماية المدن الأفغانية، وإرسالها بدلا من ذلك إلى المراكز العسكرية على طول الحدود الباكستانية – التي سحب منها ماكريستال قواته. وهذا مثال واحد فقط للكيفية التي تواصل بها باكستان، التي تعد حليفا أساسيا للولايات المتحدة في الصراع مع المتطرفين الإسلاميين وأحد المستفيدين الرئيسيين من المساعدات العسكرية الأميركية، التعاطي بشكل مختلف مع العنف الذي لا يهدد حكومة الرئيس حامد كرزاي المدعومة من قبل الولايات المتحدة فحسب، وإنما باكستان النووية والفقيرة أيضا. بيد أن الاختلاف في وجهات النظر بين البلدين، بشأن التهديد الذي يطرحه المتطرفون الإسلاميون، وجهود إدارة أوباما للضغط على باكستان من أجل التحرك ضد المجموعات التي تهدد أفغانستان، أفرزا توترا بين البلدين، وبين الحكومة المدنية في باكستان وجيشها وجهاز مخابراتها القومي، إضافة إلى ترويج متنام للمزاعم الباكستانية بشأن أنشطة مفترضة لـ"سي آي إيه" في باكستان. ويقول مسؤول استخبارات أميركي رفيع المستوى -اشترط عدم الكشف عن هويته نظرا لطبيعة الموضوع- إن الباكستانيين يقولون بعض الأمور في العلن –عادة لأسباب مرتبطة بالسياسة الداخلية– ولكنهم لا يركزون عليها في المجالس الخاصة"، مضيفا: "نحن لا نقصد بذلك القول إننا نتفق على كل شيء خلف الأبواب الموصدة، ولكن الجانبين يدركان أنه مهما كانت اختلافات اللحظة، إلا أن الشراكة على المدى الطويل مهمة وأساسية؛ وفي النهاية، فإن المساهمات الباكستانية في محاربة الإرهاب منذ الحادي عشر من سبتمبر مهمة وأساسية، وحكومتنا تقر بذلك". غير أنه بدلا من تصعيد الحرب في أفغانستان، يضغط مسؤولون حكوميون على الإدارة من أجل التفاوض مع كبار قادة طالبان حول مصالحة سياسية، بما يسمح للولايات المتحدة بالخروج من أفغانستان؛ غير أن بعض المسؤولين الباكستانيين يجادلون بأن استراتيجية تفاوض من هذا القبيل لن تنجح إلا إذا شارك زعماء التمرد في المفاوضات، بمن فيهم جلال الدين حقاني، الذي يعد رئيس أخطر فصيل متمرد؛ والمولى محمد عمر، مؤسس طالبان أفغانستان وحليف أسامة بن لادن ومضيفه. ولأن باكستان كانت لوقت طويل راعية لطالبان ولـ"شبكة حقاني"، فإن المسؤولين الباكستانيين يعتقدون أنهم يستطيعون التوسط في اتفاق يقضي بتقليص دور الرئيس الأفغاني "حامد كرزاي" بحيث يصبح شخصية في الواجهة، وتقسيم السلطة بين طالبان البشتون والأقليات الطاجيكية والأوزبكية والهزاري في أفغانستان؛ غير أن المسؤولين الأميركيين وبعض نظرائهم الباكستانيين يبدون تشككهم ويجادلون بأن طالبان ليس لديها أي حافز للتفاوض في وقت تزداد فيه قوتها ونفوذها في أفغانستان، ويتقلص فيه الدعم العام والدولي للحرب التي تقودها الولايات المتحدة في أفغانستان. وفي هذا الإطار، يرى "نجم الدين شيخ" -موظف سابق في وزارة الخارجية الباكستانية- أنه يمكن جلب طالبان إلى طاولة المفاوضات إذا رأت التزاما عسكريا أميركيا أكبر ومزيدا من الاستثمارات في الريف الأفغاني إذ يقول: "إنه من السابق لأوانه بعض الشيء إجراء المحادثات (مع طالبان)، مضيفا "لا بد من أن يكون ثمة تغيير في الوضع الميداني، أشياء تحدث خلال الأشهر الستة إلى الثمانية المقبلة تُظهر أن استراتيجية "لطخة الحبر" (فكرة ماكريستال المتمثلة في حماية المراكز السكانية في أفغانستان) بدأت تنجح وأن بعض الجنود المشاة بدأوا ينسحبون... حينئذ تصبح المحادثات ممكنة". ومع ذلك، فإن المحادثات في الكواليس مع مسؤولين متوسطي المستوى من طالبان قد بدأت، محادثات يعتقد المسؤولون الباكستانيون أنه يمكن تسريعها اليوم، وقد بدأ كرزاي ولايته الرئاسية الثانية. وفي هذا السياق، يقول مسؤول باكستاني رفيع المستوى في إسلام آباد، طلب عدم ذكر اسمه نظرا لحساسية الموضوع: "لقد بدأنا الحديث معهم (طالبان) منذ بعض الوقت... وإذا ساعدت الولايات المتحدة العملية، فإنه سيمكن التفاهم حول بعض الترتيبات من أجل مصالحة سياسية؛ أنا قطعا لا أقول إنها مهمة سهلة، ولكننا إذا لم نفعل ذلك، فإننا سنظل نقاتل هؤلاء الأفراد لمئات السنوات المقبلة". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
المصدر: إسلام آباد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©