الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلاقات الفنزويلية -الكولومبية على صفيح ساخن

25 نوفمبر 2009 02:40
لايوجد زعيمان في أميركا اللاتينية يرتاب أحدهما في الآخر أكثر من الرئيس الفنزويلي اليساري "هوجو شافيز" والرئيس الكولومبي المحافظ "ألفارو أوريبي"؛ غير أن العلاقة بين الرئيسين، المتوترة دائما، عرفت تدهورا منذ أن أعلنت كولومبيا عن مخطط في يوليو الماضي يمنح القوات الأميركية إمكانية استعمال واسع لقواعدها. والواقع أن الرجلين كانا يبقيان دائما على الخصومة بينهما خطابية وشفهية، ولكن اليوم وفي ظل أحدث سبب للتوتر -نسف فنزويلا لجسرين للمشاة على نهر تاتشيرا وم الخميس– فإنهما قد يجدان صعوبة أكبر في التراجع. ورغم أن كولومبيا قالت يوم الجمعة إنها "لن تنجر إلى حرب"، إلا أن احتمال اندلاع مواجهة على نطاق محدود يظل واردا، مثلما كان في الآونة الأخيرة؛ وفي هذا السياق، تقول "إلزا كاردوسو" -الخبيرة في العلاقات الدولية بجامعة ميتروبوليتان في العاصمة الفنزويلية كاراكاس- "في كل مرة تكون الحوادث أصعب وأعظم؛ غير أن شيئا مثل نسف الجسرين يمكن أن يجعل الوضع صعبا، ولذلك نحن قلقون جدا". وتعد عملية النسف الأحدث ضمن سلسلة من الحوادث التي جعلت "شافيز" يأمر جيشه الأسبوع الماضي بـ"الاستعداد للحرب" قصد مقاومة هجوم ممكن تشنه الولايات المتحدة انطلاقا من كولومبيا، التي وقعت اتفاقية تعاون عسكري لفترة عشر سنوات تمنح الجنود الأميركيين إمكانية استعمال القواعد الكولومبية. فكولومبيا تتهم فنزويلا بالتراخي مع تجار المخدرات الذين يستعملون البلاد كنقطة عبور على نحو متزايد، والتساهل مع الثوار اليساريين للقوات المسلحة الثورية لكولومبيا (فارك) وجيش التحرير الوطني الذين يُعتقد أنهم أنشأوا معسكرات خلفية في البلد المجاور؛ وفي الأول من نوفمبر الماضي، قُتل جنديان فنزويليان بنقطة تفتيش حدودية مع كولومبيا، في حين تم في سبتمبر الماضي اختطاف 10 أعضاء من فريق كولومبي لكرة القدم للهواة وقُتلوا بالقرب من الحدود. كما تحتجز فنزويلا ثلاثة رجال -كولمبيين وفنزويلي– متهمين بالتجسس لصالح كولومبيا؛ بينما اعتقلت وكالة الاستخبارات الكولومبية الأسبوع الماضي أربعة حرس حدود فنزويليين عبروا إلى كولومبيا على متن مركب بمحرك. ولكن تفجير الجسرين رفع حدة التوتر كثيرا. وقد أكد الحرس الوطني الفنزويلي تدمير الجسرين المعلقين يوم الخميس بدعوى أنهما معبران غير قانونيين يُستعملان من قبل تجار المخدرات الكولومبيين والمليشيات شبه العسكرية اليمينية لدخول أراضيها. وفي هذا الإطار، يصف "ألفريدو رانخيل" -محلل الشؤون الأمنية المستقل في بوجوتا- تفجير الجسرين بأنه "عمل عدائي مدروس"؛ أما إدارة أوريبي، فقد وصفته بأنه "عمل أحادي وعدائي ضد السكان المدنيين " وقالت إنها ستحيل الموضوع إلى منظمة الدول الأميركية ومجلس الأمن الدولي. ويوم الجمعة، أمر وزير الدفاع الكولومبي بتكثيف حضور الدوريات على نهر أروكا جنوب المكان حيث تم تدمير الجسرين. وفي هذا الإطار، تقول فرانشيسكا راموس، مديرة مركز الدراسات الفنزويلية بجامعة ديل روساريو في بوجوتا: "الخطير هو أن أي شيء يقوم به أي من البلدين في سياق مثل هذا، يتم اعتباره بشكل فوري اعتداء". فقد أشار شافيز إلى الاستعمال الأميركي للقواعد الكولومبية باعتباره تهديدا لحكومته اليسارية، ودعا إلى خفض كبير للتجارة الثنائية و"جمد" العلاقات الدبلوماسية مع كولومبيا. غير أن كلا من الولايات المتحدة وكولومبيا تنفيان أن تكون النية هي شن عمليات عسكرية ضد بلد آخر، وتشددان على أن الاتفاق إنما يهدف إلى محاربة تجارة المخدرات والمتمردين الداخليين؛ كما حذر شافيز الرئيس أوباما الأسبوع الماضي إذ قال: "لا ترتكب خطأ إصدار أمر بالاعتداء على فنزويلا عبر كولومبيا". غير أن المنتقدين يتهمون شافيز باستغلال مخطط القواعد الأميركية- الكولومبية لصرف الانتباه عن المشاكل الداخلية، حيث أضعف النقص في الطاقة والماء الدعم الشعبي له، ويوم الثلاثاء كانت الأخبار الاقتصادية أسوأ مما كان متوقعا في البلد المنتج للنفط في ظل تراجع في الإنتاج الداخلي الخام بنسبة 4.5 في المئة خلال الربع الثالث، وهو ثاني انخفاض فصلي على التوالي هذا العام. وعلاوة على ذلك، كان استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "ديتاأناليسس" لاستطلاعات الرأي -نُشر في صحيفة "إيل يونيفرسال" الفنزويلية" في أكتوبر- قد أظهر أن معدل التأييد لشافيز انخفض من 53 في المائة قبل شهر إلى 46 في المائة؛ كما قال أكثر من 80 في المائة ممن شملهم الاستطلاع إنهم يعارضون نزاعا عسكريا مع كولومبيا. ويعزى هذا الرفض في المقام الأول إلى العلاقات المتينة التي تربط البلدين؛ فرغم ارتفاع التوتر، إلا أن كولومبيا وفنزويلا مازالتا تمثلان بالنسبة لأحدهما الآخر ثاني أكبر شريك اقتصادي بعد الولايات المتحدة في الحالتين، وهذا الأمر لوحده كفيل بمنع الانزلاق إلى نزاع عسكري، كما يقول "مايكل شيفتر" -الخبير في شؤون أميركا اللاتينية في مؤسسة الحوار الأميركي- الأميركي بواشنطن، والذي يضيف "إن البلدين مازالا مترابطين بشكل عميق". ومع ذلك، فإن الخطاب يمكن أن يؤدي إلى مواجهة عرضية حيث تقول راموس: "لا أعتقد أن الحرب ستندلع بين البلدين. ولكن المرء لا يمكن أن يستبعد إمكانية أن يؤدي حادث حدودي ما إلى مناوشات مسلحة". ولكن التراجع بالنسبة للرجلين سيتطلب على الأرجح مساعدة خارجية؛ حيث يقول العديد من المراقبين إن الزعيمين لن يكونا قادرين على التصالح بدون طرف ثالث، إذ يقول شيفتر: "إذا كان ثمة وضع يحتاج للمساعدة الخارجية والتدخل، فهو هذا الوضع لأن انعدام الثقة بين الجانبين عميق جدا". سيبيلا برودزينسكي - لوجوتا، كولومبيا سارة ميلر لانا – ميكسيكو سيتي، المكسيك ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس موينتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©