الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العمليات الانتحارية على طريق التكنولوجيا المتطورة

العمليات الانتحارية على طريق التكنولوجيا المتطورة
12 سبتمبر 2008 23:59
''وسط كل التفجيرات والعمليات القتالية يرتفع عدد الشهداء، ورغم أن تلك إرادة الله، إلا أنه من الممكن إلحاق دمار كبير بالعدو دون تعريض المسلمين للخطر؛ فكيف يمكن تحقيق ذلك؟'' هذا هو السؤال الذي أثارته في شهر مايو الماضي إحدى المنتديات الإلكترونية التابعة لتنظيم ''القاعدة'' ليؤشر على تغيير جديد في المنظمة التي يرأسها ''أسامة بن لادن'' بعد تراكم العديد من القرائن التي رصدتها الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية خلال الشهور الأخيرة؛ فبعد مرور سبع سنوات على هجمات 11 سبتمبر ربما نكون على مشارف نهاية مرحلة الإرهاب الانتحاري والانتقال إلى التكنولوجيا المتطورة التي تتيح للجهاديين تنفيذ هجماتهم المميتة مع البقاء على قد الحياة ليوم قتال آخر· رغم أن تاريخ الإرهاب الانتحاري في الإسلام يعود بنا إلى جماعة ''الحشاشين'' التي انطلقت لصد الهجمة الصليبية خلال القرن الحادي عشر، إلا أن انطلاقته المعاصرة بدأت مع تصريحات الشيح ''محمد حسين فضل الله''، الزعيم الروحي ''لحزب الله'' في حوار نشر العام 1983 جاء فيه ''إننا نعتقد بأن المستقبل يحمل مفاجآت في طياته، فالجهاد مر وصعب وسينطلق من الداخل عبر العمل والجهد والصبر والتضحية، فضلا عن الاستعداد للاستشهاد''؛ بعد ذلك التصريح بوقت قصير نظم ''عماد مغنية'' أحد حراس ''الشيح فضل الله'' سلسلة من الهجمات الانتحارية ضد أهداف إسرائيلية، ثم ضد السفارة الأميركية في بيروت، وأخيراً ضد ثكنات القوات الدولية في لبنان، متسبباً في سقوط 300 قتيل، وممهداً الطريق نحو هجمات 11 سبتمبر· ورغم المحاولات العديدة من قبل أجهزة الاستخبارات الغربية والكم الهائل من المشاريع الرامية إلى رسم ملامح سيكولوجية للشخص الانتحاري، إلا أننا فشلنا فشلا ذريعاً في حل معضلة ''القنبلة الذكية للرجل الفقير''؛ لكن بعد مرور كل هذا الوقت يبدو أن حرب الاستنزاف ضد الإرهاب نجحت فيما عجز عنه الخبراء، حيث ساهمت المعارك الضارية بكل من العراق وأفغانستان في ضرب آليات التجنيد داخل ''القاعدة'' وتجفيف منابعها· وفي الوقت نفسه أدت الضربات العسكرية المتوالية التي تلقاها تنظيم ''القاعدة'' منذ العام 2001 إلى تناقص عدد المقاتلين المتمرسين، فضلا عن صعوبة استقطاب مقاتلين جدد؛ هذه التكلفة العالية في الأرواح التي تكبدتها ''القاعدة'' على مدى السنوات السابقة في العراق وأفغانستان، دفع خبراءها التقنيين إلى البحث عن حلول جديدة، لا سيما في الإنترنت، تنتفي معها الحاجة إلى العمليات الانتحارية؛ وتعتمد تلك الأساليب على تقنية التحكم عن بعد واستخدام الإنسان الآلي والطائرات المحملة بالمتفجرات والموجهة إلى أهداف معينة من أماكن بعيدة وآمنة؛ لكن هذا الانتقال ليس منفصلا عن الاعتبارات الدينية، إذ رغم الطابع المقدس للاستشهاد في أرض المعركة يرى العديد من علماء الدين أن قتل الإنسان لنفسه عمداً محرم ولا يجوز اقترافه، بل حتى الجهات التي تبيح تلك العمليات تجعلها في الحدود الدنيا وعند الضرورة القصوى عندما تُستنفد باقي الخيارات؛ والحقيقة أن مثل هذا الاختلاف في الرأي بين العلماء بشأن العمليات الانتحارية يعني أن اللجوء إليها في ظل وجود البدائل الأخرى هو ضرب من الانتحار المحرم في الإسلام· وربما لهذا السبب انخرطت المواقع الإلكترونية التابعة لتنظيم ''القاعدة'' في نقاشات محمومة حول الجوانب التقنية للجهاد، وهي النقاشات التي تركز في معظمها على أساليب الحفاظ على حياة المقاتلين وعدم التفريط فيها مع اللجوء بدلا من ذلك إلى التكنولوجيا المتقدمة لضرب الأهداف عن بعد؛ وفيما ينتقل هؤلاء المتشددون من مناقشة الجوانب الأيديولوجية للتطرف إلى الجوانب العملية بات واضحاً اليوم، حسب المنتديات المتطرفة، أن التحدي الأكبر الذي يواجهونه هو استبدال تكنولوجيا موجات الراديو التي أثبت فعالية مشهودة في تفجير قنابل تستهدف الآليات العسكرية الأميركية في العراق إلى المهمة الأكثر تعقيداً والمتمثلة في إيصال المتفجرات إلى الأهداف وتفجيرها دون انكشاف؛ ويبدو مع الأسف أن ''القاعدة'' ماضية في تحقيق أهدافها، بحيث يناقش المتطرفون في غرف الدردشة الأنواع المختلفة للطائرات المتحكم فيها عن بعد القادرة على نقل المتفجرات إلى الأماكن المختلفة، أو أجهزة خاصة يستخدمها رجال الشرطة لاكتشاف المتفجرات، وذكر أحدهم سهولة الحصول على هذه الأجهزة من الأسواق؛ الأكثر من ذلك أن إحدى الوثائق المنشورة في موقع إلكتروني للمتطرفين تقترح تدريب الكلاب للتعرف على الزي العسكري للجنود الأميركيين وإطلاقها في مكان تواجدهم لإحداث تفجيرات كبيرة· ولمعرفة الطريقة التي ستواجه بها الجيوش الغربية والمصالح الأمنية الموجة الجديدة القادمة من الإرهاب، تحدثت إلى ''جادي أفيران'' -مؤسس شركة ''تيروجنس'' التي تعتمد عليها إسرائيل وبعض أجهزة الاستخبارات في أميركا وأوروبا لتعقب الشبكات الإرهابية وجمع معلومات حولها- فأخبرني أن ما يجري حاليا هو ''إدراك جديد لدى التنظيمات الإرهابية بالقيمة العالية لحياة المجاهدين وضرورة الحفاظ عليها''؛ لذا وفي الوقت الذي سيشكل فيه نهاية العمليات الانتحارية خبراً ساراً بالنسبة للقوات الأميركية في العراق وأفغانستان يبقى الخبر السيئ وجود وسائل تكنولوجيا أكثر فتكاً تنتظر تحويلهم إلى أشلاء· رونين برجمان مؤلف كتاب الحرب السرية مع إيران ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©