الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«كنوز ثقافات العالم» يطلع زوار أبوظبي على مليوني عام من التجارب الإنسانية

«كنوز ثقافات العالم» يطلع زوار أبوظبي على مليوني عام من التجارب الإنسانية
18 ابريل 2012
يمثل معرض "كنوز ثقافات العالم" في منارة السعديات بمقتنياته التي تعرض للمرة الأولى في المنطقة، فصلا جديدا من فصول الارتقاء السياحي الذي تمضي به أبوظبي باتجاه التفرد. ويشكل الحدث الجامع للموروثات التاريخية والحديثة عبر 250 قطعة فنية، قيمة إضافية للوجه الحضاري الذي تخط الإمارة ملامحه باحتضانها لأهم الفعاليات المثيرة للاهتمام. ومن المتوقع أن يستقطب المعرض آلاف المهتمين بتحف الشعوب وآثارها. وعلى رأسهم الخبراء الدوليون الذين بدأوا يتوافدون إلى العاصمة للاطلاع على القصص والتجارب التي مرت بها الإنسانية عبر أكثر من مليوني عام. تسعى “هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة” إلى الإتيان بما يعزز أهداف الاستراتيجية الوطنية 2030 الداعية إلى تحقيق الرقي المبني على مقومات المعرفة. وهي تؤكد بتنظيمها لمعرض “كنوز ثقافات العالم” بالتعاون مع المتحف البريطاني، على أن النظرة الثاقبة إلى المستقبل لا تأتي من فراغ وإنما بالاطلاع على الحضارات الإنسانية واستقاء العبر منها. والمعرض الذي يقام في جزيرة السعديات النابضة بروح الثقافة الواعدة، يأتي تحت رعاية الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. وهو يعتبر منارة للسياحة الثقافية الشاملة ووجهة ذات مضمون تضيف إلى أي زيارة ميدانية معنى حقيقي لرقي المشهد. رحلة عبر الزمن خلال التجول في أرجاء المعرض الذي تغص قاعاته برهبة الأزمنة الغابرة، يكتشف الزوار أنهم يطوفون ضمن روايات سردية. فالقاعات الداخلية موزعة وفق تعاقب الأزمنة تماما كما هو الحال في المتحف البريطاني بلندن، والذي نقلت نماذج مختلفة منه لتعرض على مدار 4 أشهر ضمن “كنوز ثقافات العالم”. المحطة الأولى مع بدايات وجود البشر في إفريقيا في وقت بدأ فيه الصراع على البقاء والسعي إلى النجاح وبناء العلاقات الإنسانية والمكانة الاجتماعية. وتشرح المعروضات كيفية الاعتماد آنذاك على الأشياء المادية التي استحوذت على الكثير من المعاني حتى أصبحت بسبب فائدتها مصدراً للإلهام. ومن أقدم المعروضات التي تعود إلى مليوني عام، أداة لتقطيع الحجر من العصر الحجري القديم. هي من أول الاختراعات التقنية المعروفة، ومن وظائفها تحطيم العظام من أجل الحصول على دهن النخاع الذي كان يعتبر الجزء الأساسي من النظام الغذائي للإنسان. كما أن رقائقها كانت تستعمل كالسكاكين لتقطيع اللحم والخشب. وتعرض إلى جانبها فأس حجرية تعود إلى 800 ألف عام، وتعتبر تحفة قيمة في فن صناعة الأدوات الحجرية. وهي صنعت من الكوارتزيت بروابط من الجمشت، ومن إفريقيا انتقلت إلى العالم. وفي مرحلة وسطية ينتقل زوار “كنوز ثقافات العالم” عبر رحلة رمزية إلى منطقة الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا وأوقيانوسيا والأميركيتين. وهناك يطلعون على تطور أهمية الثقافة المادية في المجتمعات العالمية وفقا للتتبع الزمني الذي ترصده أقسام المعرض. واللافت هنا مجموعة من الخناجر المرصعة والنقوش التركية وكرسي ملكي يعتقد أنه مستوحى من التراث الزنجباري. ولا تنتهي الجولة الثقافية القيمة إلا بإلقاء نظرة مطولة على التحف الفنية الحديثة والمعاصرة والتي لا تقل بتفردها أهمية عن الكنوز التاريخية. متحف متنقل يعتبر نيل ماكجريجور، مدير المتحف البريطاني، تنظيم “كنوز ثقافات العالم” في أبوظبي معتبرا إياه فاتحة مناسبة لانطلاق الأحداث الثقافية في جزيرة السعديات. ويذكر أنها المرة الأولى التي يقام فيها حدثا شاملا من هذا النوع يضيء على أكثر من حقبة زمنية في آن. ويقول لـ “الاتحاد” إن “المعرض أشبه بمتحف متنقل لموروثات الشعوب التي تلتقي اليوم في إمارة أبوظبي”، مشيرا إلى أن المعرض يتضمن واحدة من أهم مجموعات القطع الأثرية التي تعرض في المتحف البريطاني والتي يتم عرضها للمرة الأولى خارج لندن. ويورد ماكجريجور أن المعرض يسرد قصة الحضارة الإنسانية من خلال أعمال فنية وتحف تستكشف المعاني المختلفة لتعبير “الكنز”. وهو يقدم لوحات تجسد ثراء الفن الإسلامي التقليدي وتنوعه، وأدوات صنعت في شرق القارة الأفريقية خلال العصر الحجري القديم، بالإضافة إلى أعمال فنية من عصر النهضة في أوروبا. ويشرح أن “كنوز ثقافات العالم” الذي يضم نماذج للمقتنيات الثمينة والأعمال الفنية المعاصرة من مختلف أنحاء العالم، يربط بين المنظورات الثقافية التاريخية والحديثة من خلال تجربة بصرية واحدة. رسالة على الطين من جهته، يذكر بريندان مور، المنسق الفني لـ “كنوز ثقافات العالم”، أن المعروضات الموجودة لها خصوصية فريدة من نوعها، إذ لم يسبق أن تم تنسيقها أمام الجمهور بهذه الضخامة. ويعتبر أن إطلاق المعرض من أبوظبي وعلى مدى 4 أشهر لدليل قاطع على الأهمية التي تشكلها مقتنياته. ويقول “سيكتشف الزوار من المقيمين داخل الإمارات وزوارها خلال هذه الفترة كنوزاً أثرية من مختلف أنحاء العالم القديم. وأعمالاً فنية إسلامية متميزة وروائع من عصر النهضة الأوروبية وسواها الكثير من الجواهر الأزلية”. ويوضح بريندان مور أن كل قطعة أثرية تمثل عملاً استثنائياً، وأن لكل منها قصة فريدة تستحق أن تروى. حيث بالإمكان من خلال هذه الكنوز مقارنة أفكار مختلف الشعوب عبر التاريخ، وكذلك الاطلاع على كيفية مساهمة هذه القطع التي أبدعها الإنسان في تشكيل عالمنا. ويلفت إلى أن المعرض يحتفي بالإنجازات الثقافية التي تعود لأكثر من مليوني عام، ويذكر بالموضوعات الحياتية التي تربط بين مختلف الشعوب بعيداً عن سياقاتها المكانية والزمنية. ويورد أن الموضوعات التي يتضمنها المعرض تروي قصصاً من حياة الحكام والطبقات النبيلة على مدى آلاف السنين. وتظهر اعتزاز الملوك والسلاطين بأنفسهم عبر إكثارهم من رسم صورهم تعبيرا عن حجم نفوذهم وأهمية الإنجازات التي حققوها. ويشير مور إلى تداخل مشاهد الحياة في البلاطات الملكية مع صور من حياة الفراعنة في مصر وأباطرة الرومان، لافتا إلى أن من بين المعروضات المميزة رسالة طبعت على لوح من طين أرسلها أزيرو حاكم أمورو الكنعاني إلى ملك مصر أخناتون. وذكر أن نص الرسالة المكتوب بالخط المسماري، يشكل جزءاً من أرشيف هائل من المراسلات الملكية التي تعود إلى القرن 14 ق.م. وهي اكتشفت في مدينة العمارنة المصرية عام 1887م. مسيرة وطنية تذكر سلامة الشامسي، مديرة مشاريع القسم الثقافي في “هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة”، أن المعرض يعتبر واحدا من أهم الأحداث المماثلة التي تم تنظيمها على صعيد عالمي. وترى أنه بإضاءته على ملتقى حضارات العالم وتثقيف الجمهور بتاريخ البشرية وتعاقب الحضارات، يساهم في تعزيز استراتيجية 2030. وتقول إن “احتفالنا اليوم بافتتاحه يشكل خطوة مضيئة في مسيرتنا الوطنية الداعية دوما إلى تحقيق التميز والارتقاء بالفعاليات الضخمة”. وتشير إلى أن “كنوز ثقافات العالم” يضم تشكيلة متنوعة من المعروضات المعارة من متحف العين الوطني ومتحف الشارقة للآثار كمشاركة لافتة لأهم الكنوز الأثرية التي تحتفظ بها البلاد. وهذا برأيها يظهر التعاون فيما بين إمارات الدولة خدمة لأهداف المجتمع. ومن هذه المعروضات، قطعة ذهبية نادرة تسمى “المرتعشة” وهي عبارة عن طبقات من السلاسل الذهبية التي كانت تتزين بها العروس ليلة زفافها. وتضيف الشامسي أن من المقتنيات المثيرة للجدل في المعرض مجموعة من صناديق حفظ الذخائر الدينية والنصوص السحرية التي كانت تستخدم في الطقوس الدينية، إضافة إلى الخرافات والحقائق المقدسة من عدة معتقدات. وتوضح أن القطع الأثرية الإسلامية تظهر عبر الرسومات واللوحات المعدنية والخزفية كيف كان يتم استخدام الزخارف تعبيرا عن الرضا والفرح. وبينها زوج من المصابيح الزجاجية التي تعود إلى عصر المماليك في مصر تظهر عليها النقوش القرآنية، فضلاً عن تشكيلة من سيراميك الإزنيق من تركيا العثمانية. وتوضح المعلومات أن المصابيح الزجاجية كانت تعلق في المساجد التي بناها سلاطين المماليك وأمراؤهم في القاهرة. وكانت تضاء بواسطة فتيل موضوع في خزان النفط بداخلها. صيد اللؤلؤ بالاطلاع على كواليس التحضير لمعرض “كنوز ثقافات العالم” والذي استغرق عدة أشهر، فهو يعتبر الثاني من نوعه ضمن سلسلة المعارض التي يتم تنظيمها استعداداً لافتتاح متحف “زايد الوطني”. ويأتي بعد معرض “روائع بلاد الرافدين” الذي تم تنظيمه العام الفائت بالتعاون مع المتحف البريطاني. وبينما ركز معرض “روائع بلاد الرافدين”، على إبراز دور منطقة الشرق الأوسط باعتبارها مهد الحضارات الإنسانية، فإن معرض “كنوز ثقافات العالم” يصطحب الزوار نحو آفاق أوسع للتراث العالمي. وهو يضيء على نوعية المعروضات التي سيحتضنها متحف “زايد الوطني” والذي من المقرر أن تروي قاعاته تاريخ المنطقة ومسيرة اتحاد دولة الإمارات. وذلك عبر توثيق وعرض شامل لحياة وإنجازات المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله. وتتزين أجنحة “كنوز ثقافات العالم” في منارة السعديات بالكثير من المعروضات الأخرى والتي لا تقل إبهارا، وتحديدا تلك التي تعبر عن انتشار الثقافة الإسلامية وتأثير الفكر الإسلامي على حضارات الشعوب على امتداد 12 قرناً. ومن ضمن المعروضات مبخرة من جنوب الجزيرة العربية تدل على أهمية تجارة اللبان في أنحاء الشرق الأدنى القديم ومنطقة البحر الأبيض المتوسط. وتظهر لوحة خشبية لمشهد فروسية أنتجتها شعوب “سينوفو” من غرب أفريقيا مدى تأثير الجيوش الإسلامية خلال أواخر القرن 19 الميلادي. كما يحتفي المعرض بالتاريخ الطويل لصناعة صيد اللؤلؤ في الخليج من خلال عرض قلادة فارسية الأصل يعود تاريخها إلى القرن 4 قبل الميلاد. وقطع رائعة من اللؤلؤ ترجع إلى أوقات وأماكن مختلفة تؤكد على المكانة العالمية لهذه الصناعة. تحف تاريخية تتضمن المعروضات تحفا تاريخية بينها رسالة من حاكم أمورو إلى ملك مصر وذلك في العصر البابلي الوسيط في القرن 14 قبل الميلاد. ومصباحا من الزجاج عليه مينا مطلي يعود لأحد مساجد مصر في الفترة ما بين 1350- 1355 م. وثوب امرأة من غانا مصنوع بشكل فني مثير من القطع المعدنية التي تغلق بها قناني المرطبات. وهذه اللوحة المعبرة تروي معاني الذاكرة والخسارة وتلفت إلى الآثار التي تتركها البشرية وراءها لتكون شاهدة على أفعالها ووجودها. ومن الكنوز الحديثة عقد وقلادة من الذهب مع لؤلؤة “كيشي” ملفوفة بدقة بشبكة من الحرير، وهما مصنوعان في اليابان عام 2006. رؤية أبوظبي يشكل معرض “كنوز ثقافات العالم” خطوة مهمة في مسيرة تطوير الوعي الفني محلياً وإقليمياً وهو يتماشى مع رؤية أبوظبي الرامية إلى تعزيز مكانتها كوجهة ثقافية متميزة وملتقى للحضارات من خلال المتاحف التي سوف تفتتح في المنطقة الثقافية في السعديات بما في ذلك متحف “زايد الوطني”، “اللوفر - أبوظبي” و”جوجنهايم- أبوظبي” والتي تسعى إلى الارتقاء بالحركة الفنية والحفاظ على التراث الثقافي والحضاري. 20 ألف زائر “كنوز ثقافات العالم” هو المعرض الخامس الذي يقام في منارة السعديات بمركز المعارض الفنية في المنطقة الثقافية بجزيرة السعديات. والذي افتتح عام 2009 وقد استقطب حتى اليوم أكثر من 20 ألف زائر. ويستقبل المعرض الزوار مجانا، وذلك يومياً ما بين الساعة 10 صباحاً والساعة 8 مساءً حتى 18 يوليو المقبل.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©