الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التذكر عملية معقدة تتوقف على عوامل ومؤثرات زمانية ومكانية

التذكر عملية معقدة تتوقف على عوامل ومؤثرات زمانية ومكانية
18 ابريل 2012
أبوظبي (الاتحاد) ـ التذكر عملية عقلية في غاية التعقيد، تجرى في المخ بصورة طبيعية. وهي عبارة هن استرجاع لما سبقت معرفته. فالإنسان يتذكر أشياء عديدة ، فقد يتذكر كلمة يستخدمها في التعبير عن نفسه، أو معرفة، أو صورة، أو حالة نفسية، أو رغبة، أو إحساس، أو عاطفة. والاسترجاع ضروري في مواجهة المشاكل، حيث يحتاج المتعلم إلى الاستعانة بذخيرة تجاربه بطريقة شعورية واضحة. ولا يحدث التذكر، في معظم الأحوال، إلا إذا وجد مؤثر يستثيره. ولهذا السبب يعرف العلماء التذكر على أنه “استجابة مكتسبة لمؤثر سابق لها”. والمؤثرات التي تثير التذكر كثيرة، لكن هناك شكوى متكررة لدى كثيرين من نسيان الأسماء، وعدم القدرة على تذكرها بسهولة، وهي مشكلة معروفة لدى معظم الناس. فلماذا ننسى الأسماء بالذات حتى بعد فترة قصيرة من سماعها؟ يقول الباحث في مجال علم نفس الأعصاب يوزيف كيسلر من جامعة كولونيا، إن الأسماء مجردة جداً، على العكس من الوجوه، فيمكن تذكرها بسهولة، حيث يوجد في المخ منطقة مختصة بتذكر الوجوه، أما الأسماء فلا يوجد منطقة خاصة بها في المخ. ويعتقد كيسلر أن أهمية الشخص بالنسبة لنا تلعب دوراً في قدرتنا على تذكر اسمه لاحقاً، ويضيف: “حين أتعرف على شخص ما في حفلة فإنني قد أنسى اسمه بسهولة، أما إذا كان هذا الشخص مديري المقبل في العمل، فيكون هاما بالنسبة لي ولا أنسى اسمه”. والمؤثرات التي تثير التذكر كثيرة، ويمكن تقسيمها إلى: المعنى الإجمالي، وهذا يحدث كثيراً في الامتحانات، حينما يطلب الممتحن توضيح حقيقة من الحقائق، أو تفصيل موضوع بعينه. ثم الألفاظ والأسماء، وهذا يحدث في كل لحظة من لحظات الحياة. فإذا سمع شخص اسم شخص آخر، أخيه مثلاً، فإنه سرعان ما يتمثل له شكل أخيه، وهيئته، ورائحته، وطريقة كلامه. بل، يسترجع المتذكر، أحيانا، كل ما يتعلق بأخيه، مثل أصدقائه، وأحب الأماكن التي يتردد عليها، وهكذا. والمعنى الجزئي، من أكثر الصعوبات في التذكر هي اكتشاف الحلقة الأولى من سلسلة الحقائق التي يريد الشخص تذكرها. فمثلاً تذكر آية قرآنية، تمكن الحافظ من استدعاء هذا الجزء، بسهولة ويسر. وتداعي المعاني، ليس من الضروري أن تستدعي لفظة ما ومعناها المباشر أو القريب، بل أحياناً ما تقوم باستدعاء معاني مقتضاة أو لازمة، أو تابعة للمعنى الأصلي. فمثلاً إذا سمع إنسان لفظة “رمضان”، فليس من الضروري أن يستدعي المعنى المقابل مباشرة لهذه اللفظة، وهو الشهر الهجري الذي يلي شعبان، وفيه فرض على المسلمين صوم نهاره. بل ربما تشير اللفظة في الذهن معاني أخرى لازمة، وتنشأ غالباً نتيجة لخبرة ذاتية خاصة؛ مثل: تذكر مشقة الصوم وفرحة الإفطار، ومتعة صلاة التراويح، واستدعاء أكلات معينة، ونحو ذلك. يعد الارتباط الزمني أو المكاني مؤثراً طبيعياً قوياً في كثير من حالات التذكر. ويعتمد رجال التحقيق الجنائي، على هذه القرينة، في تذكير الشهود بواقعة من الوقائع، بعد انقضاء زمن عليها، فيصطحبونهم إلى مكان الحادث، في نفس وقت وقوعه، وتعرض عليهم الأدوات المرتبطة بالجريمة، فيساعدهم ذلك على استرجاع حوادثها على نحو دقيق. ويكفي أن يذهب الإنسان لزيارة قبر شخص عزيز عليه، فتتدافع الذكريات، ويتذكر الإنسان هذا الشخص، وكثيراً من أحواله. أيضاً هناك مجموعة من المؤثرات، فليس من الضروري أن يكون هناك مؤثر يدفعنا لتذكر واقعة بعينها، بل إن التفكير وحده، فيما سبق حفظه كافٍ في بعض الأحيان، للتذكر. فمثلاً، يكفي أن نفكر فيمن قابلناه في الصباح، لنتذكر اسمه. ويكفي كذلك أن نتذكر تاريخ اليوم بالتفكير فيه. وقد تكون هناك مجموعة من المؤثرات تدفعنا لتذكر واقعة بعينها. فمثلاً، إذا قدم شخص لشخص صديقاً للمرة الأولى. فإن اسم هذا الغريب سوف يرتبط بجملة روابط مختلفة، منها: شخص ذلك الصديق، ومكان التعارف، وصورة الشخص نفسه، وزيه، وأسلوبه في الكلام، وموضوع الحديث الذي دار حينذاك. وكل رابطة من هذه الروابط تصلح لأن تكون مؤثراً، لتذكر واقعة مقابلة الصديق. وتوجد فترة بين التعرض للمؤثر واستدعاء الذاكرة، يطلق على هذه الفترة “وقت التذكر” كما تختلف سرعة التذكر باختلاف الفترة التي تمضي على الاستذكار، ولكن هذه الفترة تطول إلى 2.4 ثانية بعد يوم من التعلم، وإلى 3 ثوانٍ بعد أسبوع من التعلم. وإذا ما قورن بين الاستذكار المتقنة، وبين الاستذكار قريبة العهد، فسيلاحظ أن نسبة الإجابة الصحيحة للاستذكار القديمة المتقنة، أعلى منها في الحالة الثانية، في حين يكون وقت التذكر في حالة الاستذكار قريبة العهد، أقل منها في حالة الاستذكار القديمة. ولسرعة التذكر أهمية كبيرة في كثير من نواحي الحياة الاجتماعية، كما في المحادثة أو المناقشة والجدال، وفي المناظرات الأدبية. لهذا كان من النادر أن يبرع الباحث الأكاديمي في الخطابة، التي تحتاج إلى سرعة بديهة. وهو، وإن كان يمتلك سرعة بديهة عالية، فإن طبيعة عمله تستلزم منه التمحيص والتأني في استرجاع معلوماته السابقة. عوائق التذكر حدد العلماء عدداً من العوامل، التي تحول بين الشخص وتذكره حقيقة معينة، أطلق عليها “عوائق التذكر”، وهي أنواع، أهمها: الحالة الانفعالية: كالغضب، أو الخوف يعجز الشخص عن تذكر كثير من الحقائق، حتى أبسط الأسماء وأعمها استعمالاً. كما أن الحيرة والارتباك والقلق، والشعور الذاتي وتشتيت الانتباه، فإذا لم يكن انتباه الشخص مركزاً في الموضوع الذي يريد تذكره.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©