الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الموروث الشعبي يكتسي ثياب العيد في يومه العالمي

الموروث الشعبي يكتسي ثياب العيد في يومه العالمي
18 ابريل 2013 20:01
تحتفل الإمارات مع كل دول العالم باليوم العالمي للتراث الذي يصادف الثامن عشر من أبريل كل عام والذي خصصته منظمة اليونسكو لأجل إحياء الموروث الحضاري وحفاظاً على التراث الإنساني وبعثاً للرصيد المتبقي من العصور الماضية في منجزاتها، فتراث كل دول هو خيط شفيف يربط أفرادها على اختلافهم برباط القومية، حتى تطفو دائماً على سطح الذاكرة القصص والحكايات القديمة، التي شكلت معالم الإنسان في عصور ماضية فتنطلق روح التاريخ لتجدد الحضارة وتصونها وترممها من بواعث النسيان في العصور الحديثة. (أبوظبي)- للتراث المحلي في الإمارات نكهته وسحره وتجدده إذ أصبحت الدولة جزءاً رئيسياً من خارطة الثقافة العالمية، بل أضحت قبلة للثقافات المتعددة ومحوراً جاذباً لكل شعوب الأرض وباتت مشاركتها في هذا الحدث الأصيل نموذجاً يحتذي به، إذ تتصارع المؤسسات المعنية بالتراث كافة في إحياء ذكرى هذا اليوم، بما يتوافق مع الطبيعية التراثية الإماراتية، كنوز دفينة ويستشهد رئيس مجلس إدارة هيئة الفجيرة للسياحة والآثار الدكتور أحمد خليفة الشامسي بأن العثور على بيضة نعامة متحجرة والتحفظ عليها بمتحف الفجيرة - يرجع تاريخها إلى 250 سنة قبل الميلاد أي قبل 4500 سنة تقريباً - إلى أن هذه النعامة عاشت في أجواء طبيعية في هذه المنطقة، إذ إنه من المعروف أن النعام لا يرتبط إلا بأماكن العشب والماء ويقول: إن أبناء هذا الوطن يجب أن يدركوا الأبعاد التاريخية لدولتهم الموغلة في القدم والتي بها من الآثار الدالة على عراقتها وتوغلها في الحضارة الإنسانية القديمة، ومن ثم هذا التاريخ يدعونا ويدعو الباحثين إلى التنقيب عن الكنوز الدفينة. كوادر وطنية ويضيف: استطعنا في فترة وجيزة أن نعد كوادر وطنية في مجال ترميم الآثار، الذي عز علينا قديماً اقتحامه، وهنا لا بد أن ندرك جميعاً أهمية العنصر المواطن ورفع درجة كفاءته حتى يحمي تراث الدولة ويحافظ على الموروث، ويسهم في الوقت نفسه في تأهيل غيره من الشباب إلى أن تظل هذه الدائرة موصولة خصوصاً وأننا في هذا العصر الذي أصبحت أدوات التكنولوجيا مسيطرة على عقول الشباب في حاجة إلى بعث دماء جديدة في شرايين هذه الفئة حتى ترتبط بالتاريخ الإماراتي القديم، وتتمثل خطى الآباء وتعرف كيف كان يعيش أهل الزمن الماضي حياة بسيطة مع قلة الموارد واعتمادهم على مصادر قليلة جداً لكسب قوت اليوم، ومتابعة سير الحياة بنفس راضية وقلوب مطمئنة، ويلفت إلى أن الاحتفال باليوم العالمي للتراث يجب أن يكون بنكهة إماراتية خالصة عبر استحضار دروس الماضي، والاستفادة منها حتى تستمر حضارتنا الحالية في الصعود ومزاحمة التقدم الإنساني، بالقيم التي تحملها والمثل التي تتجسد في أرضها وتلمسها الشعوب الأخرى المتعايشة مع أبنائها. مقتنيات أثرية ومن أصحاب المتاحف الشخصية مديرة مركز التنمية الاجتماعية في خورفكان فاطمة أحمد عبيد المغني التي ترى في التراث تشكيل لذاكرة الفرد وبناء لروح الجماعة، حيث تلجأ دائماً إلى مقتنياتها الأثرية لتستعيد عبق الماضي عبر ما تحمله هذه المقتنيات من أصداء رائعة لأزمنة عاش فيها الأجداد بروح الجماعة، وتقاسموا جميعاً بيتاً واحداً وهو الوطن، وتذكر أن جدها عبيد وهو من قبيلة النقبيين أهداها بندقية قبل موته بساعات عام 1971، وظلت هذه البندقية ناقوس يدق في رأسها، وسؤال يلح في ذهنها، إذ لماذا أهداها جدها هذه البندقية دون إخوتها؟! إلى أن دارت بها الأيام وانتقلت إلى بيت الزوجية، ومنذ هذه اللحظة وهي تجمع التراث والأشياء المتعلقة بالماضي، إلى أن أصبح لها متحف شخصي في خورفكان، يزوره أبناء الدولة والأجانب على حد سواء، مشيرة إلى أن الاهتمام بالتراث هو أحد أبرز علامات التحام الفرد بوطنه، وهو توثيق حقيقي لعلاقة الإنسان بجذوره وانتمائه لطين أرضه، فضلاً عن أن الموروث الشعبي للإمارات يحتوى على قيم جمالية عالية وبه ما يهز الوجدان. وترى أن حياة الأجداد مادة غنية للباحثين إذ أنه من الممكن أن تنهل هذه الفئة من كل جوانب الحياة في الماضي ،حيث جمعت عن نفسها في متحفها أشياء ثمينة من دلة قهوة قديمة إلى ملابس تقليدية للنساء والأطفال، وسيوف وخناجر وأسلحة ثمينة والعديد من الأشياء التي كانت واقعاً جميلاً في حياة الإماراتيين قديماً ولم يزل سحرها يتجدد يوماً بعد يوم. حضور طاغ وعن الطريقة التي يمكن أن ينتقل بها الموروث الشعبي إلى أبناء الدولة تقول إن تدريس المواد التراث للطلبة في جميع المراحل الدراسية من الأهمية بمكان خصوصاً وأن دولة الإمارات بها نهضة تراثية وحضارية كبيرة في الوقت نفسه، وفي هذه الآونة أصبحت الفعاليات التي تبرز الجوانب التراثية المختلفة لها حضورها الطاغي وتشكل جزءاً مهماً من منظومة العمل الجماعي نحو ترسيخ قيم الماضي في نفوس الشباب والنشء، ومن خلالها الاهتمام تصاعد بتاريخنا العريق، فإن الأمل في الحفاظ عليه لا ينقطع في ظل وجود المخلصين الذين يتسارعون عبر مواقعهم إلى إبرازه، وقد لفت نظري بشدة كلام حفيدتي الصغيرة التي دخلت ذات يومي إلى متحفي وأدهشني حيث سألتني عن المقتنيات والأشياء المتناثرة في أركان هذا المتحف الذي هو جزء من بيتي، وقالت لي كل هذا يعبر عن حياة الأجداد، وأجبتها بكل شفافية إنه ماضينا التليد يا بنيتي، والذي نستمد منه القوة لكي نحافظ على مكتسباتنا، ومنذ هذه اللحظة وأنا على يقين أن جميع أبنائنا لديهم الاستعداد الفطري للتعرف إلى تراثنا ومعرفة خباياه وأسراره الدفينة، ولا تخفى أن مناسبة ذكرى اليوم العالمي للتراث تبعث في نفوس محبي التراث خاصة بهجة كبيرة إذ إن هذا اليوم الذي تحتفي فيه دول العالم بالتراث الإنساني جدير بأن نبرز تراث الدولة وأن نجدده بالشكل المطلوب حتى يقبل عليه أبناء هذا الجيل ويهتمون به الاهتمام الذي يستحقه. الهوية الوطنية وبخصوص جمع التراث بطريقة شفاهية من صدور أبناء الجيل القديم، الذين يعيشون بيننا يرى مستشار التراث والتاريخ المحلي بدائرة التنمية السياحية في عجمان علي المطروشي أن الاهتمام بجمع التراث هو جزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية باعتبارها هي الركيزة الأساسية التي تعمق الانتماء ويشير إلى أن مجموعة كبيرة من كبار السن يعيشون بيننا الآن لديهم كنز وافر من المعلومات التراثية القيمة، وهم ذخيرة الماضي بما يحفظون من موروث شعبي لذا فإن الباحثين عن هذا الموروث بإمكانهم أخذ مواد تراثية خام من هؤلاء الأماجد الذين عاصروا الأجداد، وعاشوا في وسط الأحداث التاريخية المهمة التي عاصرتها الدولة في مراحل تاريخية مهمة، ومن ثم يمكن توظيف المعلومات التراثية بحسب المرويات ويؤكد أن مصادر كثيرة من التاريخ المحلي لم تدون بعد والكتب الموجودة لا تفي بحاجة الجيل الجديد إلى معرفة المزيد من موروثه الشعبي خصوصاً وأن الحفاظ على الهوية الوطنية من الانصهار في الآخر لن تتحقق إلا بحفظ الموروث وتدوينه وإظهار أهميته التاريخية والإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والنواحي الأخرى كافة ويبين أن اليوم العالمي للتراث مناسبة مهمة لتعزيز التراث المحلي وإبرازه على مستوى الدولة عبر الندوات والمحاضرات وإشراك الشباب ودعوتهم للفعاليات التراثية ومن ثم تثقيفهم ومحاولة استنطاق التراث الشعبي على ألسنتهم بخاصة أن الدولة تطير بجناحين جناح التراث والحفاظ على الهوية الوطنية عبر إحيائه وتطويره والآخر هو جناح العلم والثقافة والاندماج في ركب الحضارات الإنسانية بالارتقاء بمنظومة التعليم والتمهيد لصناعة العلماء لذا نحن في حاجة إلى الانطلاق من نقطة البدء حيث حياة الأجداد التي رسخت قيماً رائعة وأمدتنا بالتقاليد والعادات التي تميزنا عن غيرنا. صورة مضيئة عن دور المؤسسات المعنية بالتراث في تثقيف الناس بالموروث الشعبي أوضحت ناجية الكتبي باحثة في مركز زايد للدراسات والبحوث التابع لنادي تراث الإمارات أن الدولة قطعت شوطاً كبيراً في تجميع مراحل مهمة من حياة المواطنين في الزمن القديم وأبرزتها للناس عبر المؤتمرات والندوات والأنشطة التراثية المختلفة وبمناسبة اليوم العالمي للتراث فإن الاهتمام يتعاظم وتتسارع المؤسسات التراثية كافة بإقامة الفعاليات المختلفة من أجل دمج الشباب في برامجها المفيدة حيث إن الاتصال بالماضي يؤكد هوية المواطن في الوقت الحاضر وتشير إلى أن الإقبال من طلبة المدارس كبير جداً على الأماكن التراثية بالدولة وتتجدد دائماً زيارات وفود طلابية من أنحاء الدولة ما يرسم صورة مضيئة في نفوس هذه الفئة ويجعلها تقدر ماضي أمتها وتؤكد أن الكثير منهم لديه رغبة حقيقية في دراسة التراث وتقديم أعمال تجعلهم دائماً على صلة بالموروث الشعبي المحالي لدولتهم الحبيبة، وترى أن دور الباحث الإماراتي في هذا العصر كبير جداً فهو معني باستخلاص مادة التاريخ وتنقيتها من الشوائب حتى تصل إلى غيره صافية نقية في صورة أمينة تعكس الماضي بكل تفاصيله من دون إضافات تفسده أو تغير حقيقته. جلسات السمر وحكايات الأجداد عن حياة الماضي ومدى أوجه التلاحم التي كان يعيشها المواطن الإماراتي من قبل يقول عثمان باروت، راو ومهتم بجمع التراث الشعبي من مدينة كلباء، إن أهم ما كان يميز أجدادنا روح المحبة التي ظللتهم عقوداً طويلة ولم يكن هناك أي شخص يشكو من قلة الموارد بل عاش الجميع متحابين ومنهم من عاش بالقرب من الساحل من أبوظبي إلى رأس الخيمة حيث عملوا في الغوص عن اللؤلؤ وصيد الأسماك. وكانت حياة الأجداد في غاية البساطة وبعضهم كان يتجمع بعد صلاة المغرب في جلسات سمر لا تخلو من عنصر الحكاية التي كانت مسيطرة على أبناء الجيل الماضي حيث كانوا أكثر من أبناء هذا العصر في نقل القصص الواقعية والأحداث التاريخية في ما بينهم، ما جعل ذاك الجيل على اتصال دائم بحركة الجيل الذي سبقه ومن ثم التخلق بأخلاقه والتمثل به في الصبر والتقارب ومحبة الجيران والعمل بجد والكد حتى يحصل على قوت يومه، ويضيف: الزراعة انتشرت في المنطقة الشرقية من دبا إلى كلباء وكانت قائمة على مياه الطوى وكانت القبائل تزرع محاصيلها مع الأبناء وتهتم بما تغرس وكانوا يصنعون مما يزرعون أطعمتهم مثل اللقيمات والكب والعصيد وغيرها من الأطعمة الشهيرة في الماضي والتي لم تزل موجودة إلى الآن حيث إن الكثير من الأسر الإماراتية لم تزل محافظة على نكهة الأكلات القديمة وطهيها في بيوتها وإطعامها للصغار والكبار معاً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©