الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هوية جديدة ومناخ تفاعلي بمشاركة 440 دار نشر عربية و178 دار نشر أجنبية وبعناوين وصلت إلى 110 آلاف عنوان

هوية جديدة ومناخ تفاعلي بمشاركة 440 دار نشر عربية و178 دار نشر أجنبية وبعناوين وصلت إلى 110 آلاف عنوان
26 نوفمبر 2009 00:05
وبمصاحبة 90 نشاطاً فكرياً وثقافياً موازياً، افتتح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة في الفترة من الحادي عشر وحتى الحادي والعشرين من شهر نوفمبر الماضي فعاليات الدورة الثامنة العشرين من معرض الشارقة الدولي للكتاب تحت شعار: “في حب الكلمة المقروءة” وهو الشعار الذي رافق إطلاق الهوية الجديدة للمعرض من خلال برامج مبتكرة وأفكار عصرية قدمتها كوادر وطنية شابة استفادت من خبرات التواصل والاحتكاك بمعارض الكتب الإقليمية والعالمية، واستندت على محطات لامعة في الدورات السابقة للمعرض كي تستشرف القادم بذهنية متحمسة لتحديات القراءة في عالم متسارع ومتبدل تقنياً ومعرفياً. الترويج للكتاب النوعي وتعميمه كان هو الهدف الذي عمل المعرض وبشكل حثيث في دوراته السابقة على تأكيده وإنقاذه من العلاقة الكلاسيكية بين دار النشر التي تبيع وبين القارئ الذي يشتري، وهي العلاقة التي شهدت الكثير من التنويع والغربلة خصوصاً في الدورة الحالية للمعرض من أجل صياغة بيئة تفاعلية بين القارئ والكتاب، حتى لا يصبح الكتاب مجرد سلعة ثقافية، وإنما عليه أن يتجاوز هذا المفهوم الضيق ويتحول إلى قيمة روحية حاضرة ومتجددة، ومن المبادرات الهامة التي حظيت بصدى ثقافي واسع في هذا السياق تلك المبادرة التي أطلقها صاحب السمو حاكم الشارقة في الدورة السابقة للمعرض والتي أشارت وبقوة إلى ضرورة ذهاب الكتاب للقارئ من خلال مشروع: “ثقافة بلا حدود” الذي تضمن تجربة: “مكتبة لكل بيت” من أجل إضفاء الطابع التنويري لفعل القراءة وتطبيقه على أرض الواقع، في بادرة تبدو متجاوزة وحضارية مقارنة بالتراجع والضمور المعرفي الذي ابتليت به مجتمعاتنا العربية. حمل شعار الهوية الجديدة لمعرض الكتاب ثيمات ودلالات عديدة ومعبرة عن التقاء الطابع المعاصر بالمضمون التراثي، وإيصال الوهج الثقافي لفعل القراءة إلى الأجيال المقبلة، كما ترجم الشعار هوية الشارقة المنتمية للمعرفة وللأصالة الروحية والممتزجة في ذات الوقت بالحداثة وبوسائطها التقنية والإلكترونية. روح جديدة ويعلق عبدالله العويس مدير دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة على مضامين ودلالات الهوية الجديدة للمعرض مشيراً إلى أنها تعبر عن “أصالة الشارقة وانتمائها العروبي ومدلولاتها من جهة، والمعاصرة والتجديد من جهة أخرى”. أما أحمد بن ركاض العامري المدير الجديد للمعرض الذي خلف الدكتور يوسف عايدابي فيقول: “إن إطلاق الهوية الجديدة لمعرض الشارقة الدولي للكتاب يمثل نقطة تحول في مسيرة المعرض الطويلة، وتعيد تدوير كامل النجاحات التي ترافقت معه خلال السنوات الماضية”. وأضاف العامري: “يتلخص المفهوم الجديد لهوية المعرض في البيئة التفاعلية الشاملة التي يتشارك فيها القارئ والمؤلف ودار النشر، وذلك من خلال تنمية الملكات الإبداعية للأطراف المشاركة في صناعة الكتاب والترويج له، وصولا إلى القارئ مما يفتح أبواباً لقراءة الماضي بشفافية، والاطلاع على روعة الحاضر، والتطلع لوعود المستقبل، استناداً إلى الكتاب ومضامينه الرفيعة”. وعن الوعود الجديدة للمعرض الحالي قال العامري: “هو معرض مغاير لأنه لن يستهدف التنشيط الثقافي فقط، بل المعرفي والتجريبي، ولن يقتصر هذا التنشيط على مدى أيام المعرض، بل ستكون هناك منظومة من الفعاليات الثقافية الممتدة على مدار السنة والتي تمثل لقاء متواصلاً مع عالم الكتب والمكتبات ومن خلال أفضل قواعد المعايير العصرية”. وكعادته في المشاركة الفعلية والتواصل الثقافي والحميمي مع المعرض قدم صاحب السمو حاكم الشارقة للدورة الحالية كتابه الجديد الذي حمل عنوان: “سرد الذات” وهو الكتاب الذي يؤرخ للنوستالجيا أو الحنين الشخصي المتداخل مع الأحداث التاريخية للمنطقة والتي عاصرها سموه وفاضت بها ذكرياته فكان لابد من توثيقها في كتاب حملت صفحاته الأربعمائة الكثير من المحطات الذاتية والانعطافات الخارجية وتفاصيل الحياة قبل ثلاثين عاما تقريبا عندما كانت إمارة الشارقة تنبض بهويتها الثقافية والعمرانية وتتشكل وسط خارطة مكتظة بالدموع والانتكاسات كما بالفرح والطموحات، وقال سموه عن الكتاب بأنه “يوثق تاريخ أهلي وبلدي، على مدى تسعة وعشرين عاما، في أساليب من القول بعد أن أزلت عنه الغث أو ما اختلط به، وأسميته “سرد الذات”، فالسرد هو إجادة سياقة الحديث، أما الذات فهو ما يصلح لأن يُعْلم ويُخبر به”. سرد الذات وشهد المعرض ومنذ يومه الأول احتفاء مسبقاً بدور النشر المميزة وتكريم الشخصية الثقافية والمؤلفين المحليين والمقيمين الذي قدموا إسهامات مقدرة ضمن رسالة ثقافية شاملة تعلي من قيمة الكتاب وتذهب بطقس القراءة إلى حدود التماهي والانجذاب والعشق، وكان لكتاب الطفل نصيبه الوافر من التكريم والالتفات نظرا لما تمثله هذه المرحلة العمرية من أهمية على مستوى التأسيس المعرفي والانتباهات المبكرة للوعي تجاه الذات والآخر. وفي تقليد سنوي اتبعه المعرض منذ سنوات ذهبت جائزة الشخصية الثقافية هذه السنة للأديب والمسرحي المصري الراحل الدكتور سمير سرحان، وذهبت جوائز دور النشر المميزة لكل من دار نشر كلمات (الجائزة المحلية)، ودار وائل الأردنية للنشر والتوزيع (الجائزة العربية)، ودار المكتشف للنشر والتوزيع (الجائزة الدولية)، أما جائزة الشارقة للكتاب الإماراتي فذهبت للكاتبة الإماراتية أسماء الزرعوني عن مجموعتها: “مرزوق ومزنة وقصص أخرى” كأفضل كتاب محلي في مجال الإبداع الأدبي، ونال جائزة أفضل كتاب محلي في مجال الدراسات هيثم الخواجه عن كتابه: “ملامح الدراما في التراث الشعبي الإماراتي” وحصل على جائزة أفضل كتاب محلي مطبوع في الإمارات وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع عن إصدارها الذي حمل عنوان: “زايد حبيب الأطفال” للكاتبة رهف مبارك. أما جائزة “اتصالات” لأدب الطفل والتي بلغت قيمتها مليون درهم وأطلقتها الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي خلال الملتقى العربي لناشري كتب الطفل فذهبت لدار حدائق للنشر والتوزيع عن إصدارها الذي حمل عنوان: “أنا أحب” وهو من تأليف نبيهة محيدلي ورسوم الفنانة نادين صيداني. وأهدى حاكم الشارقة خلال حفل التكريم “مفتاح الشارقة” للدكتور يوسف عايدابي عرفانا وتقديرا لجهوده السابقة في تأسيس الملامح الأولى والهوية المتجذرة لمعرض الشارقة الدولي للكتاب خلال توليه إدارة المعرض لأكثر من عقدين من الزمان. المقهى الثقافي تحول معرض الشارقة في دورته الحالية إلى ما يشبه الكرنفال الثقافي المزدحم بالأطياف والألوان المعرفية والفكرية التي تهدف كما يبدو للخروج من عباءة الأنماط المكررة في معارض الكتب العربية، وكانت فكرة إنشاء مقاه ثقافية وسط أجنحة المعرض من ضمن الاقتراحات المضيئة لحاكم الشارقة ـ كما قال لي مدير المعرض ـ والذي أراد سموه من خلالها خلق مساحة للجدل والحوار الثقافي بين المؤلف والقارئ وبين دور النشر والزوار من أجل كسر الحاجز الوهمي بين الطرفين وإشاعة مناخ حميمي وشخصي يبتعد عن المناخ الصارم والرسمي للندوات والأمسيات ومنصات الإلقاء. فبجانب الملتقيات والبرامج الفكرية العديدة والحافلة التي أقيمت على هامش المعرض نجح المقهى الثقافي الذي احتضنته أجنحة المعرض الأربعة في استقطاب عدد كبير من المثقفين والكتاب في حوارات مفتوحة وعفوية مع الجمهور، ما أضفى نوعا من الحيوية والديناميكية على طقس الحضور اليومي إلى المعرض والتعرف إلى جديد الكتب والمكتبات، وكان لهذه المقاهي دورها الترويجي أيضا من خلال تعرف القارئ على التجربة الذاتية للمؤلفين وعلى ذكرياتهم الشخصية وسيرتهم المهنية والإبداعية، وأخيرا وكما صرح أحمد العامري مدير المعرض لـ”الاتحاد الثقافي” فإن: “ازدحام جدول البرامج المصاحبة للمعرض والتي وصلت إلى 90 برنامجاً لم يؤثر على تركيز الباحث عن الكتاب ولم يؤد إلى تشتيته، بل بالعكس ساهم هذا الجدول الثري والمتنوع للبرامج في اكتشاف القارئ لآفاق جديدة في التواصل مع الكتاب روحيا وفكريا بعيدا عن منصات العرض التقليدية، كما أن هذه البرامج والنشاطات أضفت نوعا من الحيوية على المكان، وجعلت من القارئ شريكا فعليا في ترجمة أهداف المعرض”. وأضاف: “لا شك أن استحداث هوية جديدة للمعرض ساهم في إعطاء شكل ومزاج مختلف للعلاقة الثلاثية بين جهة التنظيم وبين الزائر وبين الناشر، وبشهادة المتابعين والمتواصلين يوميا مع نشاطات المعرض شعرنا بوجود روح جديدة لدى كل المساهمين في إنجاح هذا الحدث الكبير، وهذا الحماس سوف يتواصل أيضا في الدورة القادمة من خلال أفكار ومقترحات ستشكل مفاجآت مفرحة ومدهشة في المشهد الثقافي لإمارة الشارقة وللدولة عموما”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©