«طير إنت» سبع قصص خيالية وأحداث واقعية

أعاد أحمد مكي الضحك للجمهور الذي ظل يترقب نجوم الكوميديا في موسمهم الصيفي. وبعد أن كاد الجمهور يفقد الأمل في العثور على سلعته الشحيحة ضمن 15 فيلما عرضت خلال الموسم القصير جاء الفيلم السينمائي “طير انت” ليسجل انفراد مكي بتقديم وجبة الكوميديا الخالصة بمقادير محسوبة بدقة جعلتها الاكثر رواجا في شباك التذاكر. فيلم “طير انت” قصة وسيناريو عمر طاهر بمشاركة أحمد مكي وأحمد الجندي وإخراج أحمد الجندي وبطولة أحمد مكي ودينا سمير غانم وماجد الكدواني ولطفي لبيب وهشام إسماعيل ومحمد سلام. وتم عرضه في 65 دار عرض بمصر ليحصد إيرادات عالية ويستمر عرضه حتى عيد الفطر. يسجل صناع الفيلم اعترافا بأن الفيلم مقتبس ورغم أن فيلم “بي دازيلد” الانجليزي قدم في الستينيات من القرن الماضي وأعيد تقديمه في نسخة أميركية عام 2000 فإن النسخة المصرية جاءت مختلفة وأمدت الجمهور بجرعة الضحك التي انتظرها طويلا. والفيلم يتضمن العديد من عناصر البهجة والمتعة الفنية فهو يحمل رسالة بسيطة حول المفهوم الخاطىء للرجولة والشباب الذين يحلمون بكل شيء وأي شيء الا أن يكونوا أنفسهم.. ويستعرض الفيلم في لوحات ساخرة أنماطا ونماذج مضحكة تعكس الخيال الثري الذي يتميز به صناع الفيلم ولغتهم العصرية القريبة من وجدان الجمهور. وتدور الأحداث حول الدكتور “بهيج” ـ أحمد مكي ـ الطبيب البيطري الذي يعيش وحيدا بعد وفاة جده ويهتم بعمله ويبدو ملتزما وتقليديا في مظهره ومتحفظا في سلوكياته خاصة مع الجنس الآخر، مما يجعل علاقاته بزملائه في العمل غير منسجمة.. ويعجب “بهيج” بـ “ليلى”ـ دنيا سمير غانم ـ التي تتردد على المستشفى لعلاج كلبها الصغير ولكنه لا يعرف كيف يعبر لها عن مشاعره وفي لحظة يأس يظهر له “مارد” ليحقق له سبع رغبات ولكنه “مارد” كوميدي فهو مازال في الإعدادية ويحتاج الى مساعدة “بهيج” وتوقيعه على الشهادة لينتقل للمرحلة الثانوية.. ولأنه عفريت غلبان فهو لا يعرف بالتحديد كيف يحقق للدكتور “بهيج” أمنيته في أن تبادله “ليلى” الإعجاب ولكنه يساعده في أن يتحول إلى شخص آخر من خلال سبع نقلات الأولى “ميشو” المدرب الرياضي والثانية الرجل الصعيدي العنيف والثالثة المطرب الرقيق “سومة” والرابعة حسن شحاتة مدرب المنتخب المصري لكرة القدم والخامسة النجم الهندي اميتاب باتشان والسادسة الرجل الخليجي الذي يجيد القفشات وينفق ببذخ وأخيرا شاب روش يقضي حياته في الديسكوهات ولكنه في كل تلك الشخصيات لا يصل الى قلب حبيبته ولا يبقى أمامه سوى أن يكون نفسه وبالفعل تنجح نصيحة المارد هذه المرة ويوقع له “د. بهيج” على الشهادة ويتزوج “بهيج” من “ليلى” ويخرج المتفرج وهو يشعر بأنه شاهد سبعة أفلام ممتعة. تفوق أحمد مكي على نفسه في بطولة سينمائية ثانية ومطلقة بعد “اتش دبور” واستطاع أن ينتقل بأدائه المضحك وأسلوبه المميز من شخصية الى أخرى بسلاسة. وقدمت دنيا سمير غانم نفسها كنجمة واعدة تجيد كل الأدوار ببراعة وخفة ظل تلقائية إلى جانب براعتها في أداء الاستعراض وتحولت من فتاة شعبية إلى فتاة لبنانية ثم صعيدية تعشق “مهند” وتارة هندية ومشجعة مهووسة للمنتخب وامرأة خليجية وأخيرا فتاة الديسكو وفي كل الأحوال كانت مدهشة ومميزة. كما جاء أداء ماجد الكدواني ليؤكد انه فنان كوميدي من طراز خاص ونجح السيناريو الذي شارك فيه الثلاثي عمر طاهر وأحمد مكي وأحمد الجندي في التغلب على السلبيات التي تصاحب الاقتباس عادة وقدموا فيلما مصريا شديد المحلية وتحرروا من مشكلة ظهور المارد التي لا يمكن ان يتقبلها شباب “النت” من جمهور السينما وعالجوها بسخرية تامة فجعلوه “مارد الكدواني” وهو لا يحقق معجزات وإنما يحتاج لتوقيع “د. بهيج” للحصول على الإعدادية حتى يتزوج حبيبته.. الفيلم مليء بعناصر البهجة والمتعة البصرية والسمعية مع بعض الملاحظات التي تمثلت في عدم التوازن الزمني بين اللوحات المتعددة. ونجح المخرج احمد الجندي في قيادة فريق الممثلين ليظهروا في أفضل حالاتهم الى جانب تناغم فريق الفنيين في تقديم صورة سينمائية عالية الجودة ومتكاملة من خلال كوميديا ساخرة. ولعبت الموسيقى التصويرية لعمرو اسماعيل دورا مع الأحداث المتباينة كما تميزت الملابس التي اختارتها مروة عبدالسميع. وأضاف مهندس الديكور حمدي عبدالرحمن بعدا جماليا لكل مشهد. وعكست كادرات الكاميرا والتوظيف الجيد للإضاءة مهارة مدير التصوير احمد جبر. وتعاملت المونتيرة سلافة نور الدين بوعي مع الشريط السينمائي وانتصرت للمشاهد التي تفجر الضحك ولم تتمسك بالتوازن الزمني بين اللوحات السبع ولكنها حققت الإيقاع المتلاحق الذي لا يسمح بتسلل لحظة ملل.