السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سوسن العريقي: هل تعي الموجة أنها ذاهبة إلى حتفها؟

سوسن العريقي: هل تعي الموجة أنها ذاهبة إلى حتفها؟
26 نوفمبر 2009 00:09
منذ صدور مجموعتها “مربّع الألم” متبوعة بـ”أكثر من اللازم” والشاعرة اليمنية سوسن العريقي تشكل حضوراً لافتاً في الساحة الشعرية، مع أنها تقول أن رؤيتها للشعر في نصوصها المخطوطة قد اختلفت تماماً. هنا نحاورها حول عالمها الشعري: ? في مجموعتيك الشعريتين نجد ولعاً في كتابة ما هو خاص وحميم، هل هذا المنحى نتاج هاجس رؤيوي للشعر أم أنه حال تعبيري لما هو معاش؟ ? الاشتغال على الخاص والحميم قد يبدو واضحاً في نصوصي الأولى، وأظن أن البدايات الشعرية غالباً ما تمر بهذه المرحلة ثم يتم تجاوزها حين تمتلك القصيدة مفاتيح لأبواب أخرى. وفي المجموعتين الشعريتين يستطيع القارئ العثور على ما يمكن اعتباره بداية لتجاوز التمحور حول الذاتي والخاص.. أما بقية النصوص في “مربّع الألم” و”أكثر من اللازم” فكانت في الغالب زفرة طويلة لمكابدات داخلية تراكمت واحتشدت بتفاصيلها الدقيقة وظهرت على ذلك النحو، فكانت تجسيداً لكثافة الإحساس باللحظة واستلهام لما هو معيش وإعادة صياغته بوعي حاضر. هذا بالنسبة للمجموعتين السابقتين، أما الآن فأجد أن رؤيتي للشعر في نصوصي المخطوطة قد اختلفت تماما، حتى أن الفكرة التي تعبرني لا تمضي بسهولة لأنها تظل تتشكل في وعيي إلى أن ينكشف جوهرها على الورق. ثم إن رؤيتي للشعر تتوازى مع رؤيتي للحياة، والتي لا يمكن أن تستمر على وتيرة واحدة، فالتحولات الحياتية تتناسب تماما مع طبيعتي المغامرة ـ ربما لأنني ابنة البحر ـ وبالتالي لا يمكنني الحديث عن هاجس رؤيوي نهائي ودائم للشعر، خاصة أن القصيدة الجديدة انفتحت على فضاءات عديدة وتماهت مع فنون مجاورة كالصورة والسينما وفضاءات الإنترنت والزحام الذي يمور على الشاشة، وهذا كله يفرض نفسه على حواسي وبالتالي على قصيدتي. المماثلة والتكرار ? كتابة ما هو حميم وخاص تبدو أنّها صارت من أبرز اشتغالات الأديبة العربية.. ألا تخشين الوقوع في المماثلة والتكرار.. وهل هناك زاوية تكتشفين من خلالها شعرية مختلفة؟ ? لقصيدة النثر آفاق مختلفة تتيح لها تناول اليومي والهامشي والعادي، وحتى حين تتقاطع مع الحميم والخاص فإن بوسعها أن تتلافى الغرق فيه، فالتأمل والإصغاء للمحاول لاقتناص فكرة ما، يجعلني دائماً في حوار داخلي مع الذات مما يساعدني على اكتشاف زوايا عديدة أستطيع ملامستها بوعيي كشاعرة. وهذا بالتأكيد يحميني من الوقوع في فخ المماثلة والتكرار، فلكل قصيدة أجوائها المختلفة كما لكل شاعرة أسلوبها الخاص. تفاصيل أنثى ? هل يمكن القول أن الأديبة بإمكانها إنجاز كتابات متميّزة عن فضاءات نسوية، قد لا يستطيع الكتّاب استكشافها؟ ? تستطيع الأديبة الغوص في أعماق سحيقة ترتبط بمدى وعيها بجزئيات وتفاصيل دقيقة تختص بها الأنثى، وهناك هموم تتعلق بالذات النسوية ما تزال قائمة في الجغرافيا العربية، حيث ترفض الأديبة الخضوع لمعطيات المجتمع الذي يرسم لها الأدوار ويضعها في قالب محدد سلفاً، ويرسخ في أعماقها الإحساس بالسلبية، ونتيجة لذلك تنبع رؤيتها للعالم من الذات وليس انعكاساً لرؤية المجتمع الذكوري، فتحاول الأديبة بالكتابة إعادة بناء علاقتها بذاتها وبالمجتمع من حولها وفق رؤيتها الخاصة، وهذا يمكنها من اجتراح المختلف وإشعال الصامت عبر اكتشاف مساحات مغايرة من أقرب نقطة في الوعي حتى أبعد نقطة في الذاكرة. ? تبدو نصوصك مشبّعة بصور شعرية، وإيقاعات موسيقية مبيّنة من خلال تركيب الجملة وبناء السطر.. ما هو منطلقك لشكل النص وقد أردت له أن يتخلى عن الوزن التقليدي ونظام التفعيلة؟ ? مبدئياً..أنا لا أتفق معك في هذا الحكم المسبق على نصوصي بوضعها مجتمعة ضمن هذا التوصيف، إذ أن تجربتي الأولى في “مربع الألم” تختلف تماما عن التجربة التي تليها في “أكثر من اللازم” ـ وإن كنت في الواقع قد تجاوزت التجربتين كلتاهما، وأستطيع القول إنني قد أنجزت تجربتين مختلفتين لم يصدرا بعد ـ ومع ذلك فنصوصي السابقة لا تمضي بنسق واحد حيث تختلف بنية النص الطويل عن القصائد القصيرة مثلاً، كما في قصيدة (تهور): الموجة التي يسكنها الحب الموجة التي تحلم بمعانقة الشاطئ الموجة التي تندفع بتهور هل تعي أنها ذاهبة إلى حتفها..! وهذا ما يجعل من قصيدة النثر بعيدة عن النمطية وغير مرتهنة لقوالب جاهزة واشتراطات محددة، حتى الصور في بعض النصوص عبارة عن صور بصرية لتجسيد المعنى الداخلي للنص، ومن الطبيعي أن لا تخلو بعض النصوص من الموسيقى الداخلية والإيقاع السردي، ولكل منا إحساسه المختلف بإيقاع الكلمات وأسلوب بناء الجملة، ولا أخفي اعتنائي بتوزيع الكلمات على السطر لتوكيد المعنى الذي أود توصيله للقارئ. حضور غائب ? كيف تقرأين منجز الكاتبات اليمنيات.. ولماذا يبدو حضوره غائبا بالمقارنة مع الأصوات الحديثة اللافتة التي ظهرت في أكثر من بلد عربي؟ ? منجز الكاتبات اليمنيات لا يقل قيمة عن مثيلاتهن في الدول العربية، وإن كان حضوره غائباً بعض الشيء فذلك يعود لأسباب كثيرة منها: قلة عدد الكاتبات في اليمن وانسحاب بعضهن من الساحة الأدبية، عدم وجود مؤسسة تهتم بنتاجهن الأدبي والعمل على تسويقه والتعريف به خارج اليمن، إضافة لغياب النقد المتزامن مع الأعمال الأدبية. وتظل مشكلة غياب توزيع الكتاب اليمني في المحيط العربي هي العائق الرئيسي، ويستوي في هذا الغياب كل المبدعين في اليمن سواء كانوا رجالاً أو نساء. اكتمال الزهرة تموت في الثمرة الثمرة تسقط بالاكتمال القمر يكتمل ليرحل القطرة تكتمل لتتدحرج الضوء يكتمل ليتشتت لاشيء يكتمل ليبقى. الطفل يولد ليكبر الشمس تشرق لتغيب العمر يكتمل ليفنى لاشيء يكتمل ليحيا. الشوق يتوهج لينطفئ الموجة تكتمل لتتلاشى الحلم يتحقق ليموت، وهاهي مشاعري تكتمل فهل أنت جاهز للفراق؟! مغامرة أغامر كي أثبت مسمار قلقي حتى لا تغزوني الرتابة ويمنحني الاستقرار طعم الملح ..!! حلم أحلم بك زهرة برية تتكوم في أحضان الظل المتفرد بالحلم.. يغشاني الندى الأثيري أتدفق ضوءاً خرافياً قمراً يزرع في مرايا الشوق ألف موعدٍ للنجوم.. لكني، حينما أستند على رمال الواقع يُكتب على جبين الشمس: (نحن المزروعين في قلب اللحظة ـ الحلم ـ سنظل نرشف من قاموس الجوع صبراً مثخناً بالانتظار)..!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©