الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حامل اللقب يتضامن مع وصيفه ويودع المونديال مبكراً

حامل اللقب يتضامن مع وصيفه ويودع المونديال مبكراً
25 يونيو 2010 22:50
بعد يومين من خروج وصيف المونديال السابق المنتخب الفرنسي جاء الدور على البطل وحامل اللقب الذي ترجل عن جواده وخلع التاج وبشكل مبكر للغاية تنازل عن العرش لغيره من الفرق التي كانت أجدر منه في الذهاب إلى المرحلة الثانية لكأس العالم 2010، ليعلن بشكل رسمي نهاية جيل كامل ومدرب عظيم قبل أربع سنوات قاد الفريق البطل واليوم خرج من الدور الأول. لا أبالغ لو قلت إن المشهد الذي كان قبل المباراة كان يوحي بمذبحة قادمة للفريق السلوفاكي فالطليان احتفلوا بالفوز قبل بداية المباراة في وسط غياب كامل من مشجعي المنتخب السلوفاكي، ولا أكون مبالغاً كذلك لو قلت إن 80 % من الجماهير الحاضرة والتي تجاوزت حاجز الخمسين ألف متفرج كانوا من مشجعي الفريق الإيطالي. كانوا في الساحات الملحقة بملعب الأليس بارك في جوهانسبرج يرقصون ويغنون، يرددون الأغاني ويتمايلون طرباً، بينما افترش البعض منهم العشب الخارجي يلتمسون بعض الدفء من تلك الشمس الخجولة التي تطل في سماء جوهانسبرج. لقد اكتسى المكان بأكمله باللون الأزرق حتى أصحاب البشرة السمراء كانوا معهم يلوحون بالعلم الإيطالي ويرددون “فوزاً إيطالياً”، و”فيفا لازوري” وكأنهم في طريقهم لخوض معركة حقيقية في ساحات القتال، ولكنها بالفعل معركة لتحديد المصير. في تلك الأثناء كنت أبحث عن مشجعي الفريق السلوفاكي دونما جدوى، فكل ما كان موجوداً يتحدث الإيطالية وتلك الصبية تضع على الكرة العملاقة الموجودة في الساحة توقيعها وتكتب “ايطاليا سوف تفوز اليوم”، وربما هو ما اعتاده الإيطاليون دوماً من بدايات متعثرة يصحو بعدها العملاق ويشق طريقه بمنتهى القوة، ومن حجم الاحتفالات خيل لي أن المباراة قد انتهت والفريق الإيطالي تصدر المجموعة وتأهل إلى الدور الثاني. بعد أول ربع ساعة كانت كافية لمعرفة نوايا كل فريق وبعد الفرصة التي أضاعها منتخب سلوفاكيا عن طريق هامسيك في الدقيقة السادسة كانت النوايا واضحة، والفريق السلوفاكي المجهول نسبياً يفاجئ الجميع بينما غابت الأنياب الهجومية عن الطليان خصوصاً في الشوط الأول حيث لم تكن هناك فرص تذكر للفريق. وبينما كان الجميع ينتظرون صحوة للبطل السابق يفاجأ الملعب بكرة فيتيك تهز شباك إيطاليا لتعلن الهدف الأول في المباراة وسط صمت جميع من كانوا في الملعب باستثناء قلة جاءت لتشجيع المنتخب السلوفاكي ومجموعة من طلبة المدارس من الذين تقوم اللجنة المنظمة باستقدامهم لتغطية المقاعد الخالية وهؤلاء يعيشون في عالم آخر حيث لا تكون لهم ميول لأي فريق باستثناء الذي يسجل في أي وقت. انتظر المتواجدون في الملعب عودة الأزرق الإيطالي طوال فترة الشوط الأول ولكن بدون جدوى حتى أعلن الحكم نهايته، وفي أثناء خروجي من منصة الإعلاميين كانت هذه الكلمات التي اختلستها من حديث بين اثنين من الصحفيين الأجانب حيث قال أحدهما للآخر: “هذه هي الكرة الإيطالية المملة”. لم انتظر لأسمع باقي تفاصيل الحوار فهي تعبر بشكل أكيد عن استياء حقيقي مما يقدمه “الآزوري” في هذه البطولة وربما تكون الفرصة للشماتة من الفريق الذي لا يعجب الكثيرين حتى عندما فاز باللقب قبل أربع سنوات فهم لا يرون سوى الكرة الإيطالية القبيحة والتي اخترعت الأساليب الدفاعية و”الكاتاناشيو” وقد لا يكون كلامهم صحيحاً بنسبة كبيرة ولا يمكن لأي شخص أن ينكر أن ايطاليا في الكثير من الأوقات كانت تقدم الكرة الجميلة والدليل الجماهيرية الكبيرة للفريق في كل أنحاء العالم. بدأ الشوط الثاني ومع تبديلين أجراهما مارشيلو ليبي فدفع بمدافع ومهاجم وهو يعلم أنه إذا لم يسجل الفريق خلال 45 دقيقة قادمة فهو يهدم كل ما حققه قبل أربع سنوات بفضيحة لن تغفرها له الجماهير الإيطالية، واندفع الأزرق للهجوم وسلوفاكيا تدافع بكل بسالة والحارس جان موكا يتصدر بكل بسالة للمحاولات الخجولة ويمثل في بعض الأحيان من أجل إضاعة الوقت فيتعرض لتأنيب من الحكم. ويضج الملعب بالتصفيق والصراخ في لحظة عندما وقف الإيطالي بيرلو على خط الملعب وهو يتهيأ للدخول وهو الذي غاب عن أول مباراتين بسبب الإصابة كما أنه هو الذي كان اللاعب الأبرز في المونديال الماضي وإن ظلمته اختيارات الفيفا بعد أن حصل على لقب أفضل لاعب في ثلاث مباريات في تلك البطولة، ولكنه لم يكن في قمة الجاهزية ولم يتمكن من إضافة الكثير قبل أن يطلق فيتيك الرصاصة الثانية في قلب “الآزوري” بهدف في الدقيقة 73 ليظن الجميع أن الأمور انتهت أو هكذا خيل لهم. ولكن الربع ساعة الأخيرة من عمر المباراة كانت هي الأكثر إثارة ربما في مباريات البطولة طوال دورها الأول، حيث تراخى السلوفاك مما أدى إلى تسجيل هدف ايطالي عن طريق دي ناتالي في الدقيقة 81 وعادت الحياة إلى المدرجات من جديد وجن جنون الملعب فإيطاليا تهاجم بضراوة وتمكنت من إصابة الشباك مجدداً ولكن الحكم ألغى الهدف بداعي التسلل وسط حالة من الغضب العارم على القرار. وجاءت رصاصة الرحمة في الدقيقة 89، وفي حالة من الهجوم الإيطالي تمكن كوبونيك من تسجيل الهدف الثالث ليقتل كل احلام الطليان مجدداً ومع ذلك يعيد كواجريليلا الأمل لإيطاليا بهدف سينمائي استغل فيه تقدم الحارس واتفق الجميع على أنه اجمل أهداف المونديال لتكون حسنة يتيمة ودع بها منتخب ايطاليا حامل اللقب المونديال وكأنه يتضامن مع وصيفه الفرنسي الذي غادر قبل يومين. الهزيمة المرة لم يكن حال الجماهير الإيطالية التي حضرت المباراة بعد خروجها من الملعب بنفس الحال الذي كانت عليه قبل المباراة حيث خرجت مطأطئة الرأس تجر أذيال الهزيمة المرة التي أنهت مشوار الفريق في البطولة، ولم يكن من الصعب ملاحظة أجواء الحزن التي ارتسمت على الوجوه حيث ساد الصمت والوجوم على الخارجين ولم يكن لديهم نفس الحماس الذي كانوا عليه قبل المباراة، وعلى الرغم من خروج المنتخب الإيطالي الذي لم يقدم المستوى المطلوب في البطولة، فقد كان خروج الجماهير الإيطالية من المدرجات مصدر حزن للمنظمين والأماكن التشجيعية حيث كانت الجماهير الإيطالية تضفي جواً من البهجة والسعادة في كل مكان وبذلك خسرت البطولة في يوم واحد المنتخب الإيطالي وجماهيره الرائعة.
المصدر: جوهانسبرج
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©