الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرقـــــــــابة

14 سبتمبر 2008 02:04
حرص الإسلام على العناية بالرقابة وتنميتها لتحقيق مصالح العباد والبلاد في كافة المجالات ولضمان استقرار الدولة وتنمية مواردها وتقدمها· يقول الدكتور محمد كمال إمام - أستاذ ورئيس قسم الشريعة الإسلامية بجامعة الإسكندرية إنه يقصد بالرقابة الضبط في أوسع معانيه، وفي المفهوم الإداري يقصد بها التأكد من مدى تحقيق النشاط الإداري للأهداف المقررة ، أي التحقق من أن ما يتم إنجازه مطابق لما تقرر في الخطة· ومفهوم الرقابة مصطلح ذو شقين: رقابة ذاتية تنبع من داخل الفرد على نفسه فهو رقيب على سلوكه وأعماله ورقابة خارجية تتمثل في قدرة الفرد على متابعة وملاحظة الآخرين من مرؤوسيه بغرض توجيه أدائهم· ويؤكد أن الإسلام عرف هذا المفهوم ، وحرص على تنمية الرقابة الذاتية ومحاسبة النفس باستمرار وأشار القرآن الكريم إلى هذا المعنى في قوله تعالى: ''يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً'' سورة النساء :آية ·1 ويقول تعالى: ''وقل أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون'' سورة التوبة آية ·105 وقوله تعالى: ''ما يلفظُ من قول إلا لديه رقيب عتيد'' سورة ق: آية 18 ويستدل من الآيات الكريمة على حرص الإسلام على تحقيق الرقابة بصفة عامة، ورقابة الذات ومحاسبة النفس على وجه الخصوص ويضيف الدكتور إمام أن السنة النبوية الشريفة عرفت مفهوم الرقابة وحددت معالمه ، فقد روى أبو ذر ومـعـاذ بن جـبل - رضـي الله عنهما - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: '' اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن'' رواه الترمذي· وروي أبو برزة الاسلمي - رضي الله عنه - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله : '' لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه ، وعن علمه ما عمل به وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن جسمه فيما أبلاه '' رواه الترمذي وهذا الحديث الشريف ينمي عنصر الرقابة الذاتية في جميع أمور الناس· ويوضح الدكتور إمام أن الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - حرص على أن ينتهج منهجه الشريف الذي يتفق وهدي القرآن الكريم في تأكيد أهمية الرقابة للإنسان المسلم سواء منها رقابة الفرد لذاته أو رقابته للآخرين من رعيته، وعن عروة عن أبي حميد الساعدي قال : استعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة فلما قدم قال هذا لكم وهذا لي أهدي لي، قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: ''ما بال عامل أبعثه فيقول هذا لكم وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم منها شيئاً إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه بعير له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه ثم قال اللهم هل بلغت مرتين'' رواه مسلم· وكان عمر بن الخطاب -رحمه الله - حريصاً على متابعة عماله في إنجاز أعمالهم ومعاملتهم لرعيتهم في شتى الأمور وقد ذكر ابن الجوزي في تاريخ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : عن الأحنف بن قيس قال : قدمت على عمر بن الخطاب فاحتبسني عنده حولاً ، فقال : يا أحنف ، إني قد بلوتك فرأيت علانيتك حسنة ، وأنا أرجو أن تكون سريرتك على مثل علانيتك وإنا كنا لنتحدث إنما يهلك هذه الأمة كل منافق عليم· وكان عمر بن الخطاب: يقول لأصحابه: أرأيتم إن استعملت عليكم خير من أعلم ثم أمرته بالعدل أكنت قضيت ما علي ؟ قالوا : نعم ، قال لا ، حتى انظر في عمله ، أعمل بما أمرته أم لا من كل ما تقدم يتأكد لنا أن الرقابة في الإسلام نوعان الأول ، الرقابة الذاتية ويقصد بها رقابة الموظف على نفسه وتخلق هذه الرقابة متى ما وجدت التقوى ومراقبة الله في السر والعلن وهي أفضل أنواع الرقابة وهي التي يجب على الرئيس والقائد والمسؤول تنميتها في قلوب مرؤوسيه ولا يكون ذلك إلا إذا حقق ذلك في نفسه وذلك بمراقبة الله في السر والعلن وأن يكون قدوة حسنة في ذلك لجميع العاملين معه· أما النوع الثاني فهو الرقابة الخارجية ويقصد بها رقابة الرئيس على مرؤوسيه في العمل داخل المؤسسات والمصانع والإدارات وغيرها وهي تهدف إلى التحقق من أن الأعمال تسير وفق ما رسم له فهي عملية متابعة مستمرة من جانب المسؤول للمرؤوسين والعاملين بغرض توجيه سلوكياتهم إلى ما يحقق الاهداف المحددة
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©