الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المرجعية الدينية

المرجعية الدينية
14 سبتمبر 2008 02:06
لكل علم أهلوه و حاملوه ، وهم درجات بعضها فوق بعض· وعلم الشريعة الإسلامية أهم العلوم على الإطلاق لأنه يتعلق بأمر الدنيا والآخرة ففيه عن الأجساد والحياة ، والأفكار والتطورات، والعواقب والمآلات ؛ فهل يصلح أن يتصدر له من لا يحسنه و لا يتقنه؟! و إذا حصل هذا فما الذي يحدث ؟! إن النتائج ستكون كارثة في العاجل و الآجل · إن فتوى جائرة ستضر بالناس في أموالهم و أعراضهم إلى مدى طويل و تجعل المظلوم ظالماً والحق باطلاً فما أشبهها بحفرة قاتلة يتوارد على السقوط فيها جيل بعد جيل إلى مدى لا يعلمه إلى لله تعالى· كما أن تصحيح حديث ضعيف واعتماده في التحليل والتحريم سيضر بالأجيال و يحرف وجه الحق إلى أمد طويل · فضلا عن تفسير آية بغير منهج صحيح أو دليل راجح هو ابتعاد عن الصراط المستقيم الذي دعا ربنا تعالى الناس إليه، وبالمقابل فإن الجهل بضوابط المعرفة الصحيحة التي توصل إلى الفهم السديد والنظر الرشيد، سيجعل من يدعي العلم يتخبط وينقض اليوم ما بناه بالأمس، فما ذهب إليه قبل أيام يعود لينقضه اليوم· وقد حذّر ربنا تبارك و تعالى من هذا السلوك حيث قال:( و لا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا) النحل: الآية ·92 و نظراً لقوة تأثير الدين على الإنسان في روحه و فكره وجسده وسلوكه، فإن المتصدرين لعلم الدين يجب أن يكونوا متصفين بصفات عالية ومواصفات خاصة في العلم و الخلق· و من قلب هؤلاء المتصدرين تكون المرجعية الدينية فهي خلاصة أهل التخصص الشرعي و ملاذهم ، تختار بعناية لتكون عامل بناء وأساس توجيه وتسديد ونهوض و ترشيد للمجتمع بكل أطيافه · فهي تستند على علم صحيح مشهود لها بذلك من القاصي والداني ، قامت عليه الدلائل و أيدته الشواهد ، هذا العلم يبدأ بكتاب الله تعالى وسنة النبي - صلى الله عليه و سلم- وأصول الدين ، و الفقه المبني على أصوله الذي تسللت إلينا عبر قرون، وصاغته مئات العقول الفذة، ودونته في مصنفات نفيسة غالية· كما تستند إلى معرفة بسيرة النبي و خلفائه الراشدين وعطاء الأعلام المؤسسين الذي خدموا الشريعة· وتكون إسهامات هذه المرجعية في جوانب الشريعة منظورة دالة· و لهذه المرجعية نظر فاحص و دقيق بحاجات الناس و معرفة بمواطن قوة و ضعف المجتمع لتأخذ بيده إلى الخير و ترده عن الشر بصبر جميل وتأن و حسن خلق، فهي قائمة بمقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الذي أوذي في الله فصبر · و ضرب فلم ينتقم و لم يضجر بل مدّ يده إلى السماء و قال :( اللهم إهد قومي فإنهم لا يعلمون)· هذه المرجعية هي بوصلة المجتمع الهادئ فإذا ما انحرف الأفراد أو الجماعات كان وجودها بحد ذاته دليل على الانحراف، فلا تجاري أهل الجمود ، و لا تطيش مع أهل الآراء الشاذة · و قد كان لهذه المرجعية الدينية في التاريخ مقام عظيم منذ عهد الصحابة وعلى مدى قرون لأنها قطب الرحى في العلم و الخلق والقدوة ·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©